اخبار فلسطين

مطالبة سعودية بالسيطرة على الحرم القدسي قد تؤدي إلى أزمة مع الأردن

كانت ليلة التقارير التي أحاطت باتفاق التطبيع مع السعودية مربكة للغاية في اليومين الماضيين. في الأمس (السبت)، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة جون كيربي إنه “تم وضع بنية تحتية للاتفاق بين البلدين”.

وفي الأمس (السبت) قرر أحدهم في الرياض تهدئة الرسائل المتفائلة: نقلت جريدة “الرياض” عن مسؤول سعودي كبير قوله إن “التوصل إلى اتفاقات لا يزال بعيدا وقد يأخذ وقتا طويلا”.

في الوقت نفسه، فإن خبرا نشرته الصحيفة قبل أسبوعين بشأن وقف المفاوضات تبين بعد أسبوع أنه غير صحيح، لذا يجب أخذ هذه الرسائل الواردة من مصادر سعودية مجهولة بحذر.

إن التوقيت ملّح، على الأقل بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ماضية قدما ومن المتوقع أن يعتلي نتنياهو منصة الشهود في مارس 2024، بينما يدخل الرئيس جو بايدن سنة انتخابية ستكون صعبة ومرهقة ومحتدمة.

ويحتاج كل من نتنياهو وبايدن إلى الإنجاز، وهو ما يضع ولي العهد محمد بن سلمان في موقع تفاوضي ممتاز، لذا ليس من المستبعد أن تكون الأنباء المتشائمة من الرياض جزءا من المفاوضات.

الرئيس الأمريكي جو بايدن يلتقي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على هامش الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، 20 سبتمبر، 2023. (Avi Ohayon, GPO)

وفي غضون ذلك، يواصل القطار الجوي الإسرائيلي المتوجه إلى السعودية عمله. في الأسبوع الماضي، وصل وزير السياحة حاييم كاتس السعودية للمشاركة في مؤتمر دولي، وهذا الأسبوع يقوم وزير الاتصالات شلومو قرعي بزيارة السعودية لحضور مؤتمر حول البريد والشحن. يسمح السعوديون بهذه الزيارات، جزئيا لإثبات أنهم جادون في نواياهم.

فيما يتعلق بالعقبة الرئيسية للاتفاقية القدرة على تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية في الوقت الحالي المخفي أكثر من المعلوم. في الأسبوع الماضي، أعلن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، خلال اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن بلاده ستقبل بمعايير الإشراف الأكثر صرامة. كان ذلك من أجل طمأنة واشنطن والقدس، لكن ليس من المؤكد أن يكون ذلك كافيا.

في الوقت الحالي تحتفظ كل الأطراف بأوراقها قريبة من صدورها. ليس من الواضح ما هو الاقتراح المطروح على الطاولة، وما إذا كان يمكن لإسرائيل أن تتقبله، ويبدو أن المسار تسارع بالنسبة لولي العهد السعودي، تحديدا في مسألة التحالف الدفاعي الإقليمي برعاية أمريكية. وعلى الرغم من أن العلاقات مع طهران آخذة بالتسحن، إلا أن بن سلمان يدرك ويعرف أنها يمكن أن تبرد بسرعة، خاصة وأن إيران أصبحت الآن في موقع قوة مع الرياح المواتية القادمة من الصين وروسيا.

ما يعزز هذا التفسير هو ما نشرته وكالة “رويترز” يوم الجمعة عن استعداد السعودية التنازل عن بعض المطالب في الشأن الفلسطيني من أجل الحصول على الاتفاق الدفاعي وبسرعة. وليس مستبعدا أن تقرر كل الأطراف التقدم في الشأن الفلسطيني في وقت لاحق، بعد التوقيع على الاتفاق. وفي هذا الشأن، تحتفظ إسرائيل بورقة زيادة حصة العمال من غزة، ولا تمنحها ليحيى السنوار في الوقت الحالي.

عمال فلسطينيون ينتظرون عند معبر إيرز في طريقهم للخروج من قطاع غزة. 28 سبتمبر، 2023. (Atia Mohammed/Flash90)

تأجيل الشأن الفلسطيني ملائم لكل الأطراف، باستثناء الفلسطينيين. وحقيقة أن السفير السعودي لدى السلطة الفلسطينية نايف السديري، الذي قدم أوراق اعتماده الأسبوع الماضي في المقاطعة، ألغى زيارته المتوقعة إلى الحرم القدسي، تشهد على مدى حجم التوتر بين الرياض ورام الله بشأن هذه المسألة.

التفسير الرسمي لإلغاء الزيارة كان وجود مسائل تتعلق بالجدول الزمني، لكن السبب الرئيسي على ما يبدو هو الخشية من غضب فلسطيني قد يُوجه إلى السفير ويحرج القصر الملكي. السعودية لا تريد هذه المشاهد، خاصة في مثل هذا الوقت الحساس.

وهنا تأتي قضية أخرى، حساسة للغاية ومتفجّرة. لم يوافق أي مسؤول إسرائيلي تحدثنا معه على شرح ما إذا كانت هناك أي مطالب سعودية فيما يتعلق بالسيطرة الفعلية على الحرم القدسي، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي تلك المطالب.

ليس سرا أن السعوديين معنيون بالسيطرة على الحرم القدسي، وبذلك ترسيخ هيمنتهم كقادة للعالم العربي السني. في وضع كهذا، ستكون للسعودية سيطرة على الأماكن الثلاثة الأكثر قدسية للإسلام السني: مكة والمدينة والمسجد الأقصى. لم تتم تقريبا مناقشة مسألة السيطرة على وقف المسجد في السياق السعوديالإسرائيلي، ولكن بحسب رأي الكثيرين فإن المسألة تُعتبر جوهرية بالنسبة لولي العهد السعودي.

صلاة ليلة القدر في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، 8 مايو، 2021 .(Saudi Press Agency via AP)

في مقال نُشر في الموقع الإخباري اليهودي JNS قبل نحو شهر نقل باروخ يديد، وهو خبير في الشأن الفلسطيني، عن مسؤولين في الأوقاف انتقادهم للعاهل الأردني الملك عبد الله بشدة.

على حد قولهم، ضعفت مكانة الأوقاف بشكل كبير منذ تنصيب الملك، الذي على عكس والده الراحل الحسين، لا يتعامل مع الأمر بشكل مباشر، بل يترك أمر الإدارة اليومية لمساعديه. هذا، وفقا لمسؤولي الأوقاف، سمح لعناصر إسلامية متطرفة مثل الإخوان المسلمين وتركيا بزيادة نفوذها في المكان.

تدرك السعودية وجود هذا الفراغ ولذلك فإن البند المتعلق بالمسجد الأقصى موجود في موقع مرتفع ضمن قائمة المطالب، أكثر بكثير مما ينعكس في وسائل الإعلام.

والسؤال هو ماذا ستفعل إسرائيل إذا اعتبر السعوديون هذا الطلب جوهريا. سيكون على إسرائيل أن تفتح معاهدة السلام مع الأردن التي تنص على أن العائلة الملكية الهاشمية هي المسؤولة عن الوقف. وبحسب باروخ يديد، فقد حدثت مؤخرا توترات بين عمّان والرياض حول هذه المسألة، حيث يدرك الملك الأردني الخطر جيدا.

وقد يكون هذا أيضا بداية أزمة خطيرة في العلاقات الإسرائيليةالأردنية، حيث سيفقد الملك عبد الله وسيلة تأثير مهمة جدا: على الفلسطينيين، وعلى إسرائيل، وعلى العالم العربي.