اخبار المغرب

أولياء التلاميذ يلوحون باللجوء إلى القضاء الإداري لمواجهة هدر الزمن المدرسي

بالتزامن مع دخول التصعيد بين وزارة التربية الوطنية وعدد من التنسيقيات وبعض النقابات أسبوعاً رابعاً من الإضراب، سيتخلَّله كالعادة تنظيم وقفات أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية (يوم الأربعاء 15 نونبر الجاري)، لم تتوقف إدانات متوالية وصريحة موثقة بالكاميرات من أكثر مدينة مغربية، على لسان تلاميذ وتلميذات مع جمعيات آبائهم وأمهاتهم وأوليائهم، يرفضون هدر الزمن المدرسي.

وللأسبوع الرابع توالياً، على الأقل، مازال “الشلل” يجثم على مدارس المغرب بسبب سلسلة إضرابات رفضاً لمضامين “النظام الأساسي” لموظفي التربية الوطنية، ما أثّر بقوة على السير العادي لموسم دراسي يعتبره الآباء مهدَّدًا بـ”شبح سنة بيضاء” في حال استمرت الأمور كما هي عليه.

من جهتها، أكدت الحكومة، على لسان ناطقها الرسمي، “مشروعية تطبيق الاقتطاع” في حق أجور الأساتذة المضربين، بوصفه “إجراء قانونياً”؛ في وقت أعلنت “التنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم بالمغرب” عزمها خوض إضراب وطني لأربعة أيام (غاية الخميس 16 نونبر)، مُسطّرةً برنامجا تصعيديا إلى جانب “النقابة الوطنية للتعليم” (CDT) و“التنسيق الوطني” المتشبثيْن بخيارات الاحتجاج.

“هذا عار وْليداتْنا في خطر!”

منذ الأسبوع الماضي، حسب ما عاينته جريدة هسبريس أو وثقته صور ومقاطع فيديو متداولة، وغيْر بعيد عن أكثر من ثانوية ومدرسة إعدادية أو ابتدائية، خرجت مسيرات تلاميذ برفقة أمهاتهم مستنكرينَ ما وصلت إليه أوضاع التعليم عموما، وهدر الزمن المدرسي على وجه الخصوص، مطالبين الوزارة الوصية بـ”التدخل الفوري والعاجل لإيجاد حل توافقي يرضي الأساتذة ويراعي المصلحة الفضلى للتلاميذ، ويرد الاعتبار للمدرسة العمومية”.

من جانبها، كانت الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء التلاميذ راسلت رئيس الحكومة لـ”المطالبة بتعويض الأيام والساعات الدراسية الضائعة”، موردة ضمن رسالتها: “أبناؤنا يحرمون من أكثر من شهر ونصف الشهر، منذ بداية السنة الدراسية، والبقية تأتي. نتساءل: كيف سيتم تعويضها، خصوصا أن الاقتطاعات من أجور الأساتذة ستجعلهم بالضرورة يرفضون تعويض الدروس؟”.

“اللجوء إلى القضاء الإداري وارد”

تفاعَل نور الدين عكوري، رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، مع الموضوع، مؤكداً لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “الاحتقان في الأوساط التعليمية كان منتظَراً”، بسبب “انعدام المخاطَب حكومياً والاخبار السعودية مع أسَر تعيش في ظلمة وضبابية وإحساس بالتِّيهِ مما قد تؤول إليه السنة الدراسية لأبنائها”.

ولم يستبعِدْ رئيس الهيئة الوطنية لفيدرالية الآباء، في حديث مع الجريدة، إمكانية “اللجوء إلى القضاء الإداري المختص” ضمن مجموعة من “الخيارات القانونية المتاحة” أمام أولياء وآباء وأمهات التلاميذ المتضررين، لإيقاف “هدر مزيد من الزمن المدرسي وضياع السنة الدراسية وتأخّر التعلمات”، وفق تعبيره.

وقال المتحدث بهذا الخصوص: “هذا الخيار وارد من خلال رفع دعوى قضائية إدارية ضد وزارة التربية الوطنية، لأنها الوصي القانوني على ضمان التعليم العمومي الجيد لأبناء المغاربة”، مفيداً بأن “وزارة بنموسى لم تعقد أيّ لقاء مع هيئات ممثلة لجمعيات أولياء التلاميذ”.

وحذر عكوري من “استمرار احتقان الوسط المدرسي” في علاقته بتبعات إضراب الأساتذة من أجل “سحب أو تعديل أو تجويد النظام الأساسي”، مشددا على أن “الحكومة مطالبة بشرح ومناقشة الإجراءات الحكومية المرتقب اتخاذها لضمان استمرار السنة الدراسية في ظروف جيدة؛ وإلّا فإن الفدرالية لا تضمَن انزياح المطالب عن مسارها الطبيعي، خاصة أننا أمام تلاميذ مراهقين وتعدد أشكال احتجاجية يصعب التنبؤ بمآلاتها”.

“شبح السنة البيضاء”

في سياق متصل، أكد عكوري أن “الحلول تظل واضحة أمام الوزارة لضمان استئناف السنة الدراسية فعلياً في التعليم العمومي”، لافتاً إلى أنه باحتساب زمن عمليات التسجيل والدعم والمراجعة في بداية الموسم فإن “النسبة العامة/الأغلبية من التلاميذ في التعليم الثانوي التأهيلي والإعدادي خاصة تعيش على وقع بداية سنة متعثرة”.

وفي حال “استمرار الاحتقان والتصعيد بين الوزارة وهيئة التدريس في شهر دجنبر القادم، واستمرار وتيرة الإضرابات (كما هي عليه)”، حذر المتحدث ذاته من أنه “من الصعب استدراك التعلمات حينها بعد تراكم عدد منها وتداخل زمن الدروس والتلقين مع زمن الامتحانات وفروض المراقبة المستمرة؛ ما يعني مباشرة تجسيد شبح سنة بيضاء”.

“خيار التعلم عن بُعد”

في حديثه لـ هسبريس، عدّد رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب عامليْن أساسييْن يؤثران بشكل مباشر؛ الأول هو “الاستمرارية البيداغوجية” التي قال إنها “توقفت فعليا عند التلميذ”، ما يستدعي بحسبه تفعيل “التعلم عن بُعد (أجرأة منصات/مسطحات التعلمات عن بُعد)”، وزاد معلقا: “هذا يصبح مطلوباً جدا بحكم أنها ظرفية طارئة تستوجب إنقاذ الاستمرارية البيداغوجية، والوزارة لها خبرة في هذا الصدد خلال أزمة كوفيد”.

“تعديل المقرر الوزاري”

أما العامل الثاني، بحسب إفادات عكوري، فهو “ضرورة إعادة النظر في المقرَّر الوزاري الذي ينظم السنة الدراسية”، موردا: “رغم أنه مُحدَّد سلفاً وفق سير عادي لمراحل الموسم الدراسي، إلا أنه يجب تعديل المقرر الوزاري الذي ينظم سيْر المسوم الدراسي الحالي؛ استدراكا للتأخّر الحاصل في زمن التعلم، ومراعاةً للمصلحة الفضلى للتلميذ، الذي يظل الضحية الأولى لهذا التصعيد”.