مقالات

الأصدقاء غرباء والغرباء أصدقاء |

من أنقى المشاعر وأنبلها مشاعر الصداقة، فهي عذبة كالماء وساطعة كالشمس، فالصديق هو السند التي لم تلده الأم، وهو رفيق الدرب في السراء والضراء، وهو الشخص الذي تجد معنى الراحة معه، تضحك وتبكي وكأنك جالس مع نفسك أمام المرآة، فلا يوجد حدود لما تعبّر به.

من ليس لديه صديق لا يملك حياة كاملة، فالصديق هو بلسم الحياة، وقد يكون الصديق الوالد أو الوالدة أو أحد أفراد العائلة.

وفي بعض الأحيان، تتغيّر المشاعر تجاه الأصدقاء، ويصبحون غرباء، وقد يشعر الأصدقاء بعدم التوافق في الاهتمامات والأهداف مع مرور الوقت؛ ما يؤدي إلى انحسار الصداقة، وقد يحدث أن ينتقل الأصدقاء إلى أماكن جديدة؛ ما يجعل الاتصال الاجتماعي بينهم صعباً، وقد يؤثر في استمرارية الصداقة. أما الأشخاص الذين ينمون ويتطوّرون طوال حياتهم، قد يؤدي هذا التطوّر إلى تغير رأي الأصدقاء في بعضهم البعض مع تطوّرهم الشخصي والعاطفي.

وقد يحدث نزاع أو صراع يؤثر في علاقة الصداقة، ويؤدي إلى تغيّرها أو انتهائها، وقد يواجه الأشخاص ضغوطاً في الحياة والتزامات جديدة تؤثر في وقتهم وقدرتهم على الاستمرار في الصداقات. ومن الطبيعي أن يحدث تغيير غير متوقع بين الأصدقاء، يمكن أن يكون مصدراً للفرح والألم، ولكنه قد يؤدي إلى علاقات عميقة وذات مغذى، التي تمنح فرصة للآخر للتعلم والنمو الفكري والعاطفي، التي تزوّد المرء بشعور من الارتباط والانتماء، ويمكن أن تكون هذه العلاقة صعبة، وتتطلّب الكثير من الجهد للحفاظ عليها، ولكن الروابط يمكن أن تستمر مدى الحياة، وقد تؤدي إلى تطوير مهارات المرء وتعلّمه الصبر والثقة، من خلال إنشاء هذه العلاقات، كما يتعلّم المرء أن يكون أفضل، ويطوّر مهاراته.

على الرغم من أن هذه العوامل يمكن أن تدفع إلى تغيير الأصدقاء والصداقات، فإن الصداقة الحقيقية قادرة على التكيّف والتطوّر مع تلك التغييرات، والمحافظة على قيمها الأساسية.

مع ذلك، فإن تحقيق ذلك الهدف يحتاج إلى جهد مشترك من قبل الأصدقاء، والاتصال المفتوح لمعالجة هذه العوامل والحفاظ على صداقة قوية ومستدامة. هناك دائماً فرصة لبناء صداقات جديدة والمغامرة في المجال الاجتماعي، ولكن الحفاظ على الصداقات القديمة، والعمل على تعزيزها، يمكن أن يؤثرا بشكل مستديم في الحياة الاجتماعية والعاطفية.

ويتطلّب جهداً والتزاماً لبناء الصداقات كالتواصل الفعّال، وعدم المقاطعة، حتى لو كانت رسالة أو مكالمة هاتفية، وكذلك تخصيص الوقت للأصدقاء، والمشاركة في الأنشطة التي يستمتع بها الأصدقاء معاً، وإظهار الاحترام الحقيقي للأصدقاء، والدعم العاطفي، والشعور بالانتماء، وتعزيز المهارات الاجتماعية، وزيادة هرمون السعادة.