حوادث وقضايا

«صلاح وعبدالله» صداقة حتى الموت

منذ نعومة أظافرهما ويرتبط «صلاح وعبدالله» بعلاقة صداقة قوية، لا يتحركان إلا معاً ويدافعان عن بعضهما، حتى غيب الموت أحدهما أثناء دفاعه عن الآخر، ليضربا مثلاً يحتذى به فى الصداقة ومعناها.

 

قبل أسبوع تقريباً لبى صلاح وعبدالله دعوة زميل لهما لحضور عقيقة طفلة، واستقل الاثنان دراجة نارية لتقديم التهنئة ومباركة المولود، حضر الصديقان رفقة اُناس آخرين مدعوين لنفس العقيقة وجلسا على ترابيزة لتناول الضيافة وجلس معهما صديق ثالث على علاقة بهما.

 

كانت الأمور تسير طبيعية.. الأغانى والتهانى تملآن المكان، فالجميع حضر وبداخله السرور والسعادة لمشاركة زميلهما فرحة استقبال مولوده، وخرج الجميع إلى الشارع بعد انتهاء مهمتهم بنجاح.

 

والدة الضحية: راح «العقيقة» رجع جثة وكان نفسه يخطب.. وشقيقته: مش هقلع هدومه قبل ما ييجى حقه

 

بمجرد أن وصلوا على الشارع، اشتبك صديق لهم يدعى «رضا» مع أحد الأشخاص من المدعوين للعقيقة كان يجلس على ترابيزة مجاورة لهما، فتدخل «عبدالله» لتهدئة زميله وأثناء ذلك فوجئ بشخص آخر يدعى «محمد العربى» يتدخل هو الآخر ويطالبه بعدم التدخل موجهاً له الحديث: «ملكش دعوة إنت سيبهم مع بعض» لكن الحديث لم يعجب عبدالله وأخبره بأن «رضا» صديقه ويجب عليه الوقوف بجانبه ليرد عليه المتهم «محمد»: «ماشى أنا هورّيك».

 

اعتبر «عبدالله» تلك الجملة مجرد كلام وانصرف الجميع بعد الفصل بينهما، وذهب كل منهما لمكان آخر وبعد ما يقرب من ساعة أثناء تواجد «صلاح وعبدالله» على ناصية شارع الوحدة بإمبابة فوجئا بالمتهم «محمد العربى» يمسك بذراع «عبدالله» وطلب منه الدخول معه إلى الشارع: «قال له تعالى معايا جوا عايزك» فاستجاب له «عبدالله» معتقداً أنه حضر لترضيته وتصفية سوء الفهم بينهما، لكنه فوجئ بقيام المتهم بإخراج يده الأخرى من جيبه ممسكاً بها مطواة مفتوحة ويعتدى بها عليه وأصابه بجروح فى الوجه والذراع، بالإضافة إلى طعنتين فى الصدر، قائلاً له: «عايز منك دم».

 

على مسافة قريبة كان يقف «صلاح» يراقب الموقف، ففوجئ باعتداء المتهم على صديقه «عبدالله» فهرول إليه متسائلاً: «فيه إيه بتضربه ليه» ليبادره المتهم بطعنة نافذة فى الصدر اخترقت قلبه دون ذنب له فسقط مغشياً عليه مفارقاً الحياة، وبعد أن وجد المتهم ضحيته على الأرض وسط بركة من الدماء فر مسرعاً من مكان الحادث، وتماسك «عبدالله» وتحامل على نفسه رغم الطعنات التى مزقت جسده وحاول أن يُنهض صديقه لكنه لم يستجب له لمفارقته الحياة، ونجح «عبدالله» بعد معاناة فى استقلال توك توك أن يتوجه إلى المستشفى ليقدم له الرعاية الطبية وينجو من الواقعة.

 

تجمع أهل المنطقة حول جثة «صلاح» وقد فشل الجميع فى إنهاضه مرة أخرى، فحملوه داخل توك توك إلى أحد المستشفيات الذى أكد لهم الخبر بأن الشاب الصغير فارق الحياة إثر طعنة بالصدر اخترقت القلب وفشلت محاولات إنعاشه وإنقاذه.

 

داخل منزل اتشحت جميع نسائه بالسواد وخط البكاء على الخدود مسيلاً حزناً على وفاة الشاب الصغير، جلست والدة «صلاح» وإلى جوارها ابنتاها شقيقتا صلاح الولى، مدرسة لغة عربية والصغرى طفلة فى الصف الخامس الابتدائى، فى حالة يرثى لها، وقالت والدته إن ابنها كان طالباً بجامعة حلوان اجتاز التيرم الأول بتقدير جيد جداً، يحرص على الاهتمام بشقيقتيه ورعايتهما، ويوم الحادث توجه لعقيقة ابن أحد أصدقائه فى شارع الاعتماد بإمبابة، وكانت تلك المرة هى الأخيرة التى شاهدت ابنها فيها.

 

وقالت الأم المكلومة إن أحد عمال النظافة علم بالواقعة وأخبر شباب المنطقة بها، ووصل الخبر إلى إحدى أقاربها فاتصلت بها وطلبت منها التوجه إلى مستشفى قصر العينى: «قالت لى الحقى صلاح ابنك متعور ونقلوه المستشفى»، فهرولت الأم إلى هناك على أمل أن تجده مصاباً وتعود به إلى البيت بعد أن توبخه على قلقها عليه، لكنها لم تكن تعلم أن ابنها فارق الحياة فأصيبت بصدمة بعد علمها بنبأ وفاته وجلست تبكى بجوار الغرفة التى تحتضن قلبها بين جدرانها الأربعة حتى حضر باقى أفراد العائلة لمساعدتها فى إنهاء الإجراءات والتصاريح.

 

وروت والدة الضحية أنه أخبرها قبل أيام من مقتله بأنه يرغب فى خطبة إحدى الفتيات بعد أن تعلق قلبه بها، وأنها وافقت إرضاءً له، لكن القدر لم يمهله أن يكمل فرحته وفارق الحياة بطعنة غدر على يد عديم الرحمة والإنسانية.

 

بـ«جاكت أسود وتى شيرت» ارتدتها شقيقة الضحية لأنه كان يرتديها قبل مقتله ورفضت أن تخلعها عنها قبل أن تحصل على حقه، وقالت إنه حدثها يوم الواقعة وطلب منها أن تحضر للمنزل لرغبته فى التحدث معها وعند حضورها لم تجده كما وعدها، وأكدت شقيقته أنها منفصلة عن زوجها منذ عام ويتولى هو رعايتها ومساعدة والده فى الإنفاق عليها وعلى طفلتها الصغيرة.

 

وطالبت الأم وابنتاها بالقصاص العادل من المتهم، الذى قطف زهرة البيت دون ذنب له، سوى محاولته الدفاع عن صديقه، وتنفيذ أقصى عقوبة على المتهم لتهدئ النار المشتعلة فى صدورهم حزناً على فراق الشاب الصغير.

 

وقال عبدالله الطيب، صديق الضحية، إن المتهم وجه طعنة واحدة لقلب صديقه عندما حاول التدخل للدفاع عنه، مشيراً إلى أن المتهم عندما أمسك به من ذراعه وطلب منه السير معه والدخول إلى الشارع كان يحاول أن يبعده عن مكان تواجد الكاميرات، ولم يعطه المتهم فرصة أن يدافع عن نفسه لأنه فاجأه بخروج مطواة مفتوحة من جيبه وانهال بها طعناً عليه.

 

وأشار إلى أن المتهم ليس على علاقة بهما وأنهما شاهداه مصادفة بعد خروجهما من عقيقة ابن زميلهما، ونشبت بينهم مشادة بسيطة لا ترتقى أن تكون سبباً فى تمزيقه وقتل صاحبه الذى ترك الحياة ولن يترك قلبه أبداً وسيظل يتذكره دائماً ويدعو الله له.