اخبار المغرب

شركة “ألستوم” الفرنسية تسعى وراء صفقات قطارات المغرب رغم الأزمة بين الرباط وباريس

تسعى شركات أجنبية  إلى التنافس على طلب عروض أعلن عنه المكتب الوطني للسكك الحديدية، بغية اقتناء 168 قطارا، 150 قطارا منها لتأمين خدمات النقل بين الحواضر، تتضمن قطارات مكوكية سريعة وقطارات الربط بين المدن الكبرى، وكذا 18 قطارا لامتدادات خط السرعة الفائقة بغلاف مالي يبلغ 16 مليار درهم.

وتحدثت تقارير إسبانية، عن عدم مشاركة شركة ألستوم الفرنسية على غير عادتها في المناقصة المغربية، نظرا للأزمة الدبلوماسية التي تهز العلاقات بين باريس والرباط منذ أشهر عديدة، إذ قررت إدارة الشركة الأم الفرنسية ألستوم تسليم الشركة التابعة لها الإسبانية للتفاوض حول المناقصة.

شركة ألستوم الفرنسية موجودة بالفعل في المغرب، سبق وأعلنت عن استثمار 160 مليون درهم لبناء مصنع جديد في المغرب، في يوليوز الفائت. سيتم تخصيص الموقع الصناعي المستقبلي لتجميع كبائن القيادة للقطارات والمترو الإقليمية مع خلق 200 فرصة عمل مباشرة بحلول عام 2025.

غير أن المتتبعين يرون أن الجفاء السياسي بين المغرب وفرنسا قد لا يخدم مصالح هذه الشركة في الفوز بطلب عروض ضخم أعلن عنه المغرب. هذا المعطى يؤكده، محمد العمراني بوخبزة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في اتصال مع “اليوم 24”.

ويوضح بوخبزة، أن فرنسا لم تحسم بعد موقفها من قضية الصحراء وهذا ما يزعج الرباط، ويشير في هذا الصدد إلى أنه لا طالما كانت السياسة والاقتصاد صنوين لا يفترقان.

ويرى، أن المصالح السياسية مرتبطة بشكل وثيق مع المصالح الاقتصادية، ويعتبر أن موقف فرنسا من الصحراء سيؤثر سلبا على الشركات الفرنسية وعلى المشاريع الكبرى التي يطلقها المغرب.

ويقول إنه في الفترات السابقة، كانت فرنسا تحصل على حصة الأسد من المشاريع المغربية لكن الوضع الآن تغير، ليفتح المجال على مصراعيه في وجه شركات إسبانية ويابانية وغيرها من الدول الأجنبية.

ويبرز أن إسبانيا تعلم جيدا أن الولوج إلى السوق الأفريقية لن يمر إلا عن طريق المغرب، وهذا ما يفسر رغبتها في الظفر بمناقصات مغربية ضخمة.

وتتفاوض شركات إسبانية، حول طلب عروض أعلن عنه المكتب الوطني للسكك الحديدية منها شركة “البناء وخدمات السكك الحديدية الأخرى”، Construcciones y Auxiliar de Ferrocarriles، تقوم بتصنيع مركبات ومعدات السكك الحديدية والحافلات من خلال شركة سولاريس للحافلات والمركبات التابعة لها. يقع مقرها في بيسين، منطقة الباسك المتمتعة بالحكم الذاتي، إسبانيا.

كما تسعى شركة Talgo إلى التنافس على طلب العروض، وهي التي نجحت سنة 2016 في الحصول على صفقة تجهيز 15 قطارا فائق السرعة في السعودية، وهي من المشاريع المهمة التي أعطت سمعة جيدة للصناعة الإسبانية؛ فضلا عن حصول الشركة ذاتها على صفقات تصنيع في أمريكا ومصر، وأوزباكستان، وكازاخستان، ثم الدانمارك، وألمانيا.

ويبدو أن فرص فوز الشركات الإسبانية بهذه الصفقة واعدة، لاسيما وأن المغرب وإسبانيا وقعا مذكرتي تفاهم في فبراير الماضي لتحديد سبل التعاون في مجال النقل والبنية التحتية، مع التركيز على تطوير السكك الحديدية.

وتنص مذكرة التفاهم على التعاون في مجال تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية وصيانة القطارات والعربات، وتصميم ورش العمل، إلى جانب تدريب موظفي السكك الحديدية، وتنفيذ وتشغيل أنظمة إدارة حركة السكك الحديدية.

إلى جانب ذلك، يراهن المغرب على إسبانيا بغية تطوير شبكة النقل السككي فائق السرعة، وفقا لما أعلنت عنه هدى بنغازي، المديرة العامة للمجلس الاقتصادي المغربي-الإسباني.

هذا التصريح نقلته صحف إسبانية؛ عن المسؤولة المغربية خلال مؤتمر عقد في بيلباو، حيث ترى بنغازي أن هناك فرصا كبيرة للتعاون بين البلدين في هذا المجال قبل كأس العالم 2030.

ولمحت إلى أن المغرب سيحصل على قطارات من إسبانيا، وذلك استعدادا لتنظيم كأس العالم، مشيرة إلى أن الأمر يتعلق بمناقصة مع الإسبان وليس مع اليابانيين.

وأطلق المكتب الوطني للسكك الحديدية في شتنبر 2022، طلبا للتعبير عن الاهتمام على الصعيد الدولي بعملية الاقتناء، وذلك بغية تحديد الفاعلين المحتمل اهتمامهم بالمشروع، وتحفيز المنافسة عبر تشجيع الشركاء المحتملين على إبداء اهتمامهم وإتاحة الوصول إلى أفضل العروض.

وفي المقابل، يهدف oncf من خلال اقتناء هذه القطارات الجديدة، من جهة إلى مواكبة الإقبال المتزايد على حركية التنقل عبر القطار وتحديث جزء من أسطول القطارات الحالية الذي بدأ يتقادم، وتأمين النقل على امتداد خط القطار الفائق السرعة نحو مراكش.

كما يهدف اقتناء هذه القطارات، إلى تأمين خدمة القرب من نوع RER أو الربط الجهوي في جهتي الدار البيضاء والرباط، كما سيكون فرصة حقيقية لإرساء منظومة صناعية سككية مغربية، ستترتب عنها تأثيرات اقتصادية واجتماعية هامة من حيث خلق فرص الشغل وتدعيم النسيج الصناعي الوطني.

ويؤكد الملك محمد السادس، ضمن خطاب للأمة بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، سنة 2022، أن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات..

لذا، يضيف الخطاب، “ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.

وبحسب مؤشرات اقتصادية، توالت إعلانات انسحاب شركات فرنسية كبرى من المغرب منذ السنة الماضية، من البورصة، مثل شركة “ليديك” المكلفة بالتدبير المفوض للكهرباء والماء والتطهير السائل في الدار البيضاء، وإعلان المجموعة الفرنسية “جيرفي دانون” التي تمتلك حصة بـ99.68 في المائة في “سنطرال دانون”، الاستحواذ بشكل كامل على ما تبقى من أسهم الشركة المدرجة ببورصة الدار البيضاء، في عملية إعداد لانسحاب “سنطرال دانون” من البورصة.

مصرف المغرب، وهو بنك مصرفي تابع للمجموعة الفرنسية “القرض الفلاحي”، توصل، في السنة الماضية هو أيضا إلى اتفاق مع مجموعة هولماركوم.