اخر الاخبار

طائرات مسيرة روسية هددت ميناء رئيسياً لصادرات الحبوب على الدانوب

موسكو تحضّ الحلفاء على توحيد الجهود لمواجهة «الاستعمار الجديد»

تحولت أعمال مؤتمر الدفاع والأمن الذي تنظمه وزارة الدفاع الروسية، إلى منصة لحشد تأييد شركاء موسكو سياسات الكرملين، ليس على صعيد العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا فحسب، بل في مجالات أوسع تربط الصراع الحالي مع الغرب، بطيف واسع من الملفات الإقليمية والدولية، والأزمات المتفاقمة في مناطق عدة من العالم. وبرز ذلك من خلال تركيز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «المواجهة العالمية» وضرورات «تحييد المخاطر والتحديات الجديدة للمجتمع الدولي».

حمّل بوتين الغرب المسؤولية عن تدهور الوضع الأمني في العالم (إ.ب.أ)

وحض بوتين خلال كلمة افتتاحية للمؤتمر، ممثلي وزارات الدفاع الحاضرين، على «توحيد جهود المجتمع الدولي لتقليل المواجهة على المستويين العالمي والإقليمي، وتحييد التحديات والمخاطر القائمة».

وأوضح أن «المناقشات المفتوحة حول هذا الموضوع مهمة في سياق تشكيل عالم متعدد الأقطاب، يقوم على المساواة ومبادئ السيادة، ومعظم الدول اليوم مستعدة للدفاع عن سيادتها».

وخاطب بوتين الحاضرين عبر شاشة عملاقة أقيمت في قاعة الاجتماعات، وقال لهم إن «ممثلي وزارات الدفاع والدبلوماسيين والخبراء يجتمعون مرة أخرى في موسكو لمناقشة القضايا المدرجة على جدول الأعمال العالمي والإقليمي. هذه المناقشات المفتوحة والصادقة وغير المنحازة مهمة للغاية ومطلوبة اليوم؛ لأننا جميعاً، المجتمع الدولي بأسره – وبالتحديد معاً على قدم المساواة – سيتعين علينا رسم ملامح المستقبل». وأشار إلى أن «العالم متعدد الأقطاب يتشكل اليوم».

ودعا بوتين شركاء بلاده إلى توحيد الجهود تحقيقاً لمصالحهم، وزاد: «معظم الدول مستعدة للدفاع عن سيادتها ومصالحها الوطنية وتقاليدها وثقافتها وأسلوب حياتها. ويجري تعزيز المراكز الاقتصادية والسياسية الجديدة». ورأى أن هذا المدخل «يمكن أن يصبح أساساً مهماً للتنمية العالمية المستقرة، ومن أجل حلول عادلة، والأهم من ذلك، حقيقية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية، لتحسين نوعية حياة ورفاهية الملايين من الناس».

وحمّل الغرب المسؤولية عن تدهور الوضع الأمني في العالم، وقال إن «التحديات الأمنية في العالم ناتجة عن التصرفات المتهورة والأنانية والاستعمارية الجديدة للدول الغربية». واتهم حلف شمال الأطلسي «الناتو» بأنه يواصل بناء قدراته ويستخدم وسائل الضغط العسكرية وغير العسكرية. وأضاف أن الولايات المتحدة تحاول إعادة صياغة نظام العلاقات الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بما يخدم مصالحها. وانتقد ما وصفها «محاولات بعض الدول للتلاعب بالشعوب وتأجيج صراعات، وإجبار بلدان أخرى على الانصياع لها في إطار الاستعمار الجديد».

وفي إشارة مباشرة إلى الحدث المتفاقم حول النيجر، قال بوتين: «تعرضت دول في منطقة الصحراء والساحل مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي لهجوم مباشر من مجموعات إرهابية عديدة، بعد أن شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها العدوان على ليبيا، مما أدى إلى انهيار الدولة الليبية».

ورأى أن الوضع حول أوكرانيا يعد مثالاً على «سياسة صب الزيت على النار» التي يمارسها الغرب. واتهم البلدان الغربية بأنها تعمل على تأجيج الصراع في أوكرانيا وجر دول أخرى إليه.

بدوره، حمل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو على الغرب بقوة، وقال إن «القوات العسكرية الأوكرانية بدأت الانهيار والتلاشي، لكن الغرب يواصل دعمها بالأسلحة ويعمل على تقويض الأمن الدولي».

وأعرب عن امتنانه للدول الحاضرة في المؤتمر، وقال إن موسكو تعول على مشاركة «أصدقائنا في العمل المشترك». وكرر شويغو مقولة الرئيس حول أن «هزيمة الفاشيين الجدد الأوكرانيين المدعومين من الغرب ستكون بمثابة مواجهة للاستعمار الجديد في العالم».

وزير الدفاع الروسي (أ.ب)

وزاد: «مثلما حدث في القرن الماضي، أعطت هزيمة الفاشية في أوروبا زخماً قوياً للحركة المناهضة للاستعمار في جميع أنحاء العالم، واليوم فإن هزيمة الفاشيين الجدد الأوكرانيين المدعومين من الغرب ستشكل عاملاً مهماً في مواجهة الاستعمار الجديد».

وقال شويغو: «نرى كيف يدعم الغرب الفاشية والنازية في أوكرانيا، وسيكون ذلك أساساً لنا في مكافحة النازية والاستعمار الجديد». وقال وزير الدفاع إن «العملية العسكرية الروسية الخاصة بددت الكثير من الأساطير بشأن الأسلحة وقدرات (الناتو) (…). والمستشارون والمرتزقة الأجانب ينشطون على أرض المعركة، ومع ذلك لا تتمكن أوكرانيا من تحقيق أي نجاح ميداني».

وأكد أن القوات الروسية بفضل «مهنيتها وقدراتها الرفيعة نجحت في صد الهجوم الأوكراني المضاد». ورأى أن روسيا أخذت على عاتقها «الدور الرائد لتحرير الدول من هيمنة القطب الواحد».

وكما فعل بوتين، حرص شويغو على توسيع نطاق الحديث عن الصراع الأوكراني، ليبدو جزءاً من مواجهة عالمية تشارك فيها شعوب العالم ضد الهيمنة الغربية، وقال إن «الغرب يقوم بإشعال الحروب والصراعات في جميع أنحاء العالم، ويسعى لفرض مصالحه الخاصة، ونرى الوجود الأميركي والغربي في الدول الأفريقية والآسيوية وأميركا اللاتينية والاستمرار في بناء القواعد العسكرية الأميركية، وتعزيز البنى العسكرية في المحيطين الهندي والهادئ، وتدشين تحالفات عسكرية مثل (أوكوس) من أجل الردع النووي، وبدلاً من حل القضايا الأساسية مثل الطب ونزع الألغام وغيرها، يقومون بحل قضاياهم الاقتصادية على حساب الآخرين. ولا أظن أن ذلك يرضي الدول الإقليمية».

وتطرق إلى العلاقات مع الصين، وقال إن «روسيا والصين نجحتا في تعزيز شراكة استراتيجية، وكذلك مد أواصر الصداقة مع عدد من الدول في آسيا».

كما أشار إلى عدد من الملفات الإقليمية التي تهم روسيا، وقال إن «عودة سوريا إلى الجامعة العربية شكلت عامل استقرار في المنطقة بأسره (…). تلك القضية تحمل طابعاً استراتيجياً، وكذلك تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية يساعد على إنشاء منظومة أمنية إقليمية مستقلة».

ورغم ذلك، قال الوزير الروسي إن الولايات المتحدة ما زالت تحاول زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، «لذلك علينا أن نكون مستعدين لجميع السيناريوهات». وأكد أن «مهمة مساعدة الدول الحليفة وتعزيز استقرارها هي من الأولويات الأساسية لروسيا».

وزير الخارجية الروسي (إ.ب.أ)

كما أعرب عن امتنانه لمواقف بلدان أميركا اللاتينية، وزاد: «نحن ممتنون لوزارتي الدفاع في كوبا ونيكاراغوا لدعمهما العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا». وشدد على أنه «يجب أن تؤخذ المصالح الوطنية في الاعتبار، لذلك يتعين تعزيز التعاون مع دول أميركا اللاتينية، ويجب تكثيف عمليات تبادل الأفكار والآراء». كما ركز على العلاقات المتنامية بقوة مع القارة الأفريقية، وقال إن لدى موسكو «علاقات جيدة مع أفريقيا، وتحاول دول الغرب تقويض هذا التعاون، لكن مناقشات القمة الروسية الأفريقية الأخيرة أظهرت تماسك مواقفنا في مواجهة الاستعمار الجديد».

وأكد أن القارة الأفريقية يجب أن تمتلك جيوشاً وطنية مجهزة على أعلى المستويات للحفاظ على استقلالها.

وفي كلمة أمام المؤتمر، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن الغرب «يواصل تزويد أوكرانيا بالسلاح لتأجيج الصراع»، مؤكدا أن «استمرار ذلك يهدد بخطر وقوع صدام عسكري مباشر بين القوى النووية».

وقال لافروف: «اليوم، تقوم الولايات المتحدة و(الناتو) والاتحاد الأوروبي، ومن أجل إنقاذ مشروعهم الجيوسياسي لاستنزاف روسيا وتقسيم العالم الروسي، بمساعدة أوكرانيا بمزيد من الأسلحة الحديثة، وإشعال الصراع أكثر فأكثر، إلا أن مسارهم المغامر وغير المسؤول يزيد بشكل كبير خطر وقوع صدام عسكري مباشر بين القوى النووية».