اخبار المغرب

العطلة الصيفية تنعش سوق كراء السيارات بالمغرب وسط “ممارسات غير قانونية”

مع بداية موسم الصيف الذي يشهد انتعاشا كبيرا للسياحة الداخلية، يعرف الإقبال على خدمة كراء السيارات إقبالا ملحوظا، خاصة مع تزامن هذه الفترة مع توافد السياح الأجانب على المغرب ودخول أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى أرض الوطن، الذين باتوا يفضلون الاستعانة بخدمات وكالات كراء السيارات بدل جلب سيارات من البلدان التي يقطنون بها.

كما يساهم تزامن العطلة الصيفية مع تنظيم الأعراس والاحتفالات والمهرجانات في خلق ديناميكية في سوق كراء السيارات بالمغرب، على عكس فترات أخرى من السنة؛ غير أن هذا القطاع لا يخلو من ممارسات “مخالفة للقانون”، على غرار مسألة “الشيك على سبيل الضمان”.

في هذا الصدد، قال عبد العزيز خليل، خبير قانوني، إن “هناك مشكلين أساسيين يعرفهما قطاع كراء السيارات في المغرب: الأول يتمثل في مشكل الضمان بحيث أن الزبون يقدم شيكا لمقدم خدمة كراء السيارات على سبيل الضمان؛ ذلك أن الشيك وسيلة أداء وليس وسيلة ضمان، وبالتالي فهذا الفعل غير قانوني. كما أن الشخص الذي يقبل تسلم شيك في هذا الإطار يضع نفسه في مركز قانوني موجب للمتابعة حسب منطوق المادة 316 من مدونة التجارة”.

وأضاف المتحدث عينه، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الزبون بدوره يمكن أن يتعرض للمساءلة القانونية إذا كان الشيك الذي قدمه على سبيل الضمان بدون رصيد، في حال وقوع حادث بالسيارة التي اكتراها من الوكالة”.

أما المشكل الثاني، أكد الخبير ذاته، فيتمثل في “بعض الممارسات الأخرى التي تطال المغاربة المقيمين بالخارج عن طريق حجز جواز سفرهم على سبيل الضمان؛ وهو ما يعد هو الآخر فعلا مخالفا للقانون، بحيث تصبح هذه الوثيقة التعريفية وسيلة لتهديد الزبون في حالة وقوع ضرر للسيارة موضوع الكراء، وهو ما يهدد استقرار المعاملات التي يجريها مغاربة العالم”.

وشدد عبد العزيز خليل على “ضرورة توخي الزبناء الحذر وعدم تقديم أي شيك أو وثيقة للتعريف على سبيل الضمان؛ ذلك أن شركات التأمين التي يتعاقد معها صاحب وكالة السيارات هي التي تتكلف بتعويض هذا الأخير في حال وقوع ضرر للسيارة، باستثناء بعض الحالات النادرة. وبالتالي فيجب على المستفيد من هذه الخدمة أن يتملك وعيا قانونيا كافيا في هذا الإطار”.

وخلص الخبير القانوني إلى أن “أغلب الشركات في هذا المجال هي شركات ناشئة يضطر أصحابها إلى مخالفة القانون عن طريق سلوك هذه الممارسات من أجل ضمان تعويضات آنية في حالة وقوع الضرر؛ في حين توجد مساطر قانونية يجب اتباعها مع شركات التأمين”.

من جهته، قال مصدر من داخل فيدرالية جمعيات وكالات كراء السيارات بالمغرب إن “مشكل الشيك لم يعد مطروحا بالنسبة للفاعلين في القطاع؛ ذلك أن الأمر تمت مناقشته مع وزير النقل واللوجستيك وقبله مع الحكومة السابقة، وتم التوصل إلى حل يقتضي بتسلم الضمان نقدا عوض الشيك”، مردفا أن “الضمان النقدي بدوره يطرح إشكالات بالنسبة للزبون. ولذلك، فقد طالبنا بتمكينا من عقد موحد مؤشر عليه من طرف وزارتي النقل والعدل؛ غير أننا ما زلنا في انتظار تنزيل هذا العقد على أرض الواقع”.

وحول تعويضات شركات التأمين، قال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن “وكالات التأمين لا تعوض صاحب السيارة التي لحقتها أضرار والتي ثبت مسؤولية سائقها في التسبب في حادثة سير، إلا في حدود 20 في المائة من الخسائر”.

وأفاد المصدر ذاته بأن “الانتعاش الظرفي لسوق كراء السيارات بالمغرب خلال فترة الصيف لا ينعكس على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية لأرباب الوكالات الذين يعانون من مجموعة من الصعوبات؛ ما اضطر بعضهم إلى إعلان إفلاسه بسبب عجزه عن أداء ديونه لفائدة مؤسسات التمويل”، لافتا إلى أن “هناك شركات كبرى معدودة على رؤوس الأصابع ينتعش نشاطها على مدار السنة. أما الشركات الصغيرة والمتوسطة فيُقاوم أصحابها مجموعة من الإكراهات لتوفير قوت يومهم وأداء الديون المترتبة في ذمتهم”، مبرزا أن “أرباب وكالات كراء السيارات يعانون الأمرين مع شركات القروض التي تحجز على السيارات في حال التأخر في الأداء”.

وحول ارتفاع سعر هذه الخدمة خلال فترة الصيف، أوضح مصدر هسبريس أن “هذا الارتفاع يُعزى إلى قلة العرض وليس إلى ارتفاع الطلب؛ ذلك أن مجموعة من الوكالات أغلقت أبوابها خلال الفترة الأخيرة”، غير أنه لم ينف أن “بعض أرباب الوكالات غير واعين بالضرر الذي يتسببون فيه للزبناء، خاصة المغاربة المقيمين بالخارج، من خلال الرفع من سعر كراء السيارة”، مؤكدا أن “الفيدرالية أعدت ميثاق شرف لتسقيف هذه الأسعار”.

وخلص إلى أن “الفوضى التي يعرفها قطاع كراء السيارات تتحمل مسؤوليتها الوزارة الوصية، أضف إلى ذلك تعدد المتدخلين في هذا القطاع الذي يساهم في انتعاش السياحة الداخلية ورفع مبيعات السيارات بالمغرب؛ غير أنه ما زال يعاني من مجموعة من المشاكل التي تحد من مساهمته في التنمية”.