اخر الاخبار

طفل رضيع يدفع ثمن التجربة النفسية الأقذر في تاريخ البشرية

منذ بداية عام 1900، شغلت العديد من المعضلات “المشاكل” النفسية حيزًا كبيرًا من تفكير العلماء، بسبب اكتشاف هذا العلم حديثا، ولكن أغلب التجارب النفسية كانت تقام في هذا الوقت على الحيوانات التي كانت تسمى بـ”فئران التجارب”.

تجربة نفسية مثيرة للجدل

حتى أتى العالم النفسي “واطسون” وقدم لنا أكثر تجربة نفسية مثيرة للجدل في تاريخ البشرية على الإطلاق، هذا العالم كان مهتما بعلم السلوك النفسي وهو العلم المختص بدراسة السلوك البشري وطباعتِه.

وكان يشغل باله في هذا الوقت سؤالاً واحدًا .. هل الإنسان يولد بطباعة الخاصة أم يكتسبها من تجاربه في الحياة؟

بمعنى هل الأشخاص تولد طيبة أو شريرة أم الظروف التي يتعرضون إليها لها دورا كبيرا في تكوينهم ..

بدأت هذه النظرية عن طريق الطبيب الروسي “إيفان بافلوف”، ولكنه كان يطبقها على الحيوانات وتحديدًا الكلاب التي كان يجرى عليها تجارب سلوكية، مثل تجربة “الجرس” التي كان يلاحظ فيها أن لعاب الكلاب يسيل فوق رؤيتهم للطعام، فقام بصنع الجرس في كل مرة يأتي فيها الطعام إليهم، ومع تكرار هذا التصرف، أصبحت الكلاب يثار لعابها أكثر وسماعها صوت الجرس أنه أصبح دلالة على موعد الطعام، هذه التجربة أثارت تلميذه العالم “جون واطسون” الذي ولد عام 1870، وحصل على رسالة دكتوراه تحت عنوان “تعليم الحيوان” من جامعة شيكاغو.

كان واطسون يرى أن سلوك الأشخاص لا يعبر عنهم على الإطلاق ولكنه يعبر عن الظروف والتجارب التي مروا بها، بمعنى أنك عندما تقوم بفعل جيد أو حميد فهذا لا يعني بالضرورة أنك إنسان صالح، ولكنك فقط نشأت في ظروف صالحة وتعرضت لتجارب سوية، على عكس الشخص الذي قد يؤذي البعض ويقوم بتصرفات سيئة أيضا هذا لا يعني أنه إنسان غير صالح أو شخصية، ولكنه بنفس المبدء هو شخصا طبيعيا تعرض لظروف قاسية.

ألبرت الصغير

هذه النظرية تراها طبيعية الآن، ولكن في عام 1900 ترى غير ذلك بل كانت اكتشافا هائلاً لعلماء النفس، كانت الأمور جيدة والتجارب تسير بشكل طبيعي على الحيوانات، حتى قرر واطسون اكثر قرار مجنونا في حياته وهو تجربة هذه النظرية على البشر لأول مرة، ولكنه طبقها على طفل صغير لم يتعدى الـ9 أشهر، في تجربة سميت بجربة “ألبرت الصغير” وهو الإسم الذي أعطاه للطفل الذي أقام عليه تجربته، وليس اسمه الحقيقي الذي ظل مجهولاً لسنوات.

وتعتبر هذه التجربة هى أول تجربة نفسية مسجلة تم تطبيقها على البشر، وأصبحت أكثر التجارب جدلاً في علم النفس.

ذهب واطسون إلى المستشفى التي كان يعمل بها، ووقع اختياره على إحدى الممرضات، وقيل إن والدته سمحت باستخدامه على تجربة بسيطة وغير مضرة مقابل دولارا واحدًا فقط، بدون أن تعلم اي شيء عن تفاصيل هذه التجربة.

 تجربة غريبة ولا أخلاقية

وحضر الطفل وجهز واطسون فريقه الطبي ومساعدته .. وبدأت التجربة الغريبة واللا أخلاقية في بداية الأمر قام بعدة أمور أساسية تعذيب الطفل بعدة أشياء اعتاد اللعب معاها للتأكد من سلامته واستقرار حالته النفسية، وبالفعل أظهر “ألبرت” علامات دلت على سلامته، وبعد ذلك وضع الطبيب الطفل على طاوله وسط المختبر ووضع أمامه بعض الحيوانات، مثل: “فأر أبيض وارنب وقرد” ومحفزات أخرى كقناع سانتا وصوف ليرى ردة فعله عن عدة أشياء.

وأظهر الطفل سعادة بالغة إتجاه الحيوانات، ولم يخف منهم بل قام باللعب معهم كأي طفلاً في عمره، وخاصة الفأر الأبيض الذي أحبه الطفل كثيرا، حيث كان الفأر يجرى ويمرح ويضحك الطفل بعفوية شديدة.

وبعد إنتهاء ذلك قام الطبيب ومساعدته باختبار استجابة الطفل للأصوات العالية والمزعجة عن طريق ضرب قطعة حديد بماسورة فولاذية، ليبدء الطفل في البكاء، فور سماع هذه الأصوات.

وفي هذه اللحظة، بدأت التجربة الفعلية التي استمرت لمدة شهور على هذا الطفل البريء، حيث بدأ الطفل ومساعدته يحضرون الفأر الذي أحبه الطفل، وعندما يبدأ باللعب معه أو يضحك يقوم بضرب الماسورة الفولاذية، ويحدث صوتا مزعجا عاليا، وكلما حاول الصغير لمس الفأر يصدرون هذا الصوت، ومع تكرار هذه التجربة مرات عدة، نمت لدى الطفل فوبيا من الفئران، فأصبح كلما رأى هذا الفأر يهرع إلى البكاء ووصل الأمر للصراخ بشكلا هستيري، لأنه أصبح يربط ذهنيا بين رؤية الفأر وبين الصوت الذي يخيفه.

التعميم

والمثير في الأمر أن هذه الفوبيا تطورت وشملت جميع الأشياء والحيوانات التي كان يراها الطفل من قبل أي أن هذه الفوبيا لم تعد فقط تجاه الفأر تحديدا بل اي شيئا آخر يذكره به، وهذه نظرية تدعى “التعميم”، فأصبح الكلاب والارانب لديه فوبيا منهم، بل حاول الهرب عند رؤيتهم وكذلك قناع سانتا الذي يحبه في البداية، هذه التجربة أثارت جدلا خلال السنوات التالية ومشاكل أخلاقية وتتعرض واطسون لانتقادات عديدة في المجتمع العلمي خاصة الأمر الصادر الذي حدث بعد ذلك وهو أن الطفل ظل يحمل هذه الفوبيا طوال حياته بسبب هذه التجربة وأصبح يخاف كثيرا ويبكي طوال الوقت.

حتى أن والدته قالت بعد التجربة أنه أحيانا يكون هادئ ويضحك وفجأة وبشكل مفاجئ ينقلب ذاته ويبكي بشكلا هستيري وكأنه تذكر امرا ما أو رأى شيئا ما في عقله لا نعرفه ، أما الطبيب الذي تجرد من الإنسانية فقط تجاهل هذا الأمر تماما ورفض معالجته من الحالة النفسية التي أوصله أيها..

بالطبع انتشرت هذه القصة وحاول العديد من الأطباء والمؤرخين التعرف على الهوية الحقيقية للطفل “ألبرت” عن طريق البحث في كتاباته ورسائل الطبيب “جون واطسون”، ولكن كان هناك مفاجأة أخيرة بانتظارهم حيث اكتشفوا أن الطفل ابن ممرضة بنفس المستشفى واسمه الحقيقي “دوجلاس مياريت” وليس ألبرت، ولكن المفاجأة الأكبر هى أن الطفل قد فارق الحياة وهو في عمر 6 سنوات لأن عقله لم يتحمل كل هذا الخراب بداخله..

وقامت أمريكا بإعطاء الطبيب “واطسون” ميدالية ذهبية من المنظمة الأمريكية لعلم النفس، وذلك تكريما له على جهوده الكبيرة.