اخبار المغرب

عبد النباوي: تكوين المحامي حلقة أساسية في مسلسل إصلاح القضاء وتحقيق جودة الأحكام

أكد محمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بمناسبة الافتتاح الرسمي لندوة التمرين بطنجة، الجمعة، على أهمية تمكين المحامين من التكوين اللازم للاضطلاع بأدوارهم في تحقيق العدالة على أكمل وجه.

وسجل عبد النباوي في الندوة التي جاءت تحت عنوان ” تأهيل المحامي المتمرن رهان من أجل مستقبل مهني أفضل” أن هذا الشعار يختزل كل الآمال والطموحات التي ينبغي أن تتطلع لبلوغها مهنة المحاماة، وجدير بأن يكون هدفا ليس فقط لهيأة واحدة من هيئات المحامين، ولكن لجميع هيئات المحامين بالمغرب”.

ذلك أن المحاماة، يقول عبد النباوي، مثل القضاء، باعتبارها مهنة لإقامة العدل، تستدعي أن يكون المنتسب إليها مسلحاً بالمعرفة القانونية، ملماً بالاجتهاد القضائي، ضابطاً للمساطر والإجراءات، وكل ذلك على أعلى مستوى من الجودة والكفاءة. فالمتقاضي يلجأ إلى المحامي للدفاع عن مصالحه لأجل جودة الخدمات… كما أن تبني القوانين لاحتكار مهنة الدفاع من طرف المحامين، يجد سنده في هذا الأساس كذلك. ولذلك لا يقبل من المحامي، على غرار كل مهني متخصص، ألا يكون على مستوى عالٍ من الكفاءة المهنية.
ولأجل ذلكـ يؤكد المتحدث، نعتقد أن اهتمام الدولة والمؤسسات المهنية، وفي مقدمتها هيئات الدفاع، بتكوين المحامين، هو حلقة أساسية في مسلسل إصلاح منظومة العدالة. فجودة أحكام القضاء لا تتم فقط بواسطة دور القاضي، وإنما تتأثر بأداء مختلف المتدخلين من المهنيين المنتمين لمنظومة العدالة. ولاسيما المحامين، الذين يكون لمذكراتهم ومرافعاتهم ودفوعاتهم وتعقيباتهم دور كبير في جودة حكم القضاء. شأنهم في ذلك شأن مهنيين آخرين يؤثر أداؤُهُم في جودة منتوج العدالة، كالخبراء والمفوضين القضائيين وموظفي العدل وغيرهم.

ويتابع عبد النباوي، “ومن هذا المنطلق نعتقد أن مساهمة الدولة وإشرافَها على تكوين فعاليات العدالة، هو ركن جوهري في مهمة إصلاح منظومة العدالة. كما نعتقد أن الإصلاح المنشود لا بد أن يعتمد على جودة التكوين الأساسي، وعلى فرض التكوين المستمر، وتشجيع التكوين التخصصي لكافة المهنيين الممارسين في مجال العدالة. بالإضافة إلى ضرورة تحديث المنظومة القضائية والإسراع بتنزيل المحكمة الرقمية، ليس فقط عن طريق توفير الوسائل التكنولوجية والبرمجيات الرقمية فقط، وإنما عن طريق تأهيل كافة الموارد البشرية لمنظومة العدالة. ونعتقد أن التأخير في إنجاز هذا المحور قد يُكلف المنظومة خسائر ثقيلة، ويفوت على المواطنين فرصاً حقيقية للاستفادة من خدمات التكنولوجيا الحديثة ومزاياها التي تستعصي عن العدّ”.

ومن جهة أخرى، يضيف المسؤول القضائي، فإننا نعتقد، ولن نمل من ترديد ذلك، أن التخليق هو المدخل الأساسي لإصلاح منظومة العدالة، وأن استنبات شجرة الأخلاقيات في تُربَة المحامي الناشئ، واجبٌ مهني تتقاسمه الهيئات المهنية للمحاماة والمحامين الممارسين والقضاء، والدولة نفسها، حتى تمتد جذور تلك الشجرة، ويشتد عودها، لتقف شامخة، مقاومة للرياح الهوجاء التي تحاول اجتثاثها والزج بها في مهب الانزلاقات الأخلاقية، التي تساعد عليها الظروف المادية الصعبة للمحامين الناشئين في بداية حياتهم المهنية من جهة. وبعض الإغراءات التي تُعرَض عليهم من جهة أخرى، وقلة التجربة لديهم، من جهة ثالثة. ولا حاجة للتذكير أن مهنة المحاماة، مثل مهنة القضاء، لا تقوم لهما قائمة بدون أخلاق. فالأخلاق المهنية وحدها تجعل المحامي يستخدم معارفه وكفاءته لفائدة إقامة العدل، ومساعدة القضاء في إصدار أحكام منصفة. وبطبيعة الحال، فإن العلم والمعرفة بدون أخلاق مؤطّرَة، يُصبحان سلاحاً للتدمير والهدم. وهو أمر لا يستقيم مع نبل المحاماة وشرفها وإرثها المشرّف الأصيل؛ ودورها في مساعدة القضاء والمساهمة في تحقيق العدالة.