منوعات

سكربينة بدون كعب

أسماء أسافي  المغرب  كيف أعطي للكلمات روحا حتى تصبح حية كيف أعطي للأحلام زمانا و مكانا حتى تصبح حقيقة كيف أعطي للطموح كيانا حتى يصبح واقعا كيف اتحدي الغير موجود حتى أصل الملموس  كيف اجعل من أحاسيسي ووجداني سلاحا لأربح حربي كيف أصبح فارسا مغوارا ربح أصعب حرب هزم خوفه و يأسه، حزنه و كآبته، انكساره و ضعفه..... فربح القوة  أنا في حاجة إلى شيء ما..... شيء أنا في أمس الحاجة له شيء يلملم جراحي، شيء يطهر أفكاري، شيء يصمد طاقتي شيء يجعلني أحسن التأني شيء يجعل الانتظار رحمة  داك الشيء هو سلاح حربي أنا في حاجة أن اكتب اكتب حتى يهز الحظ الصدفة اكتب حتى يصبح المجهول معروفا و البعيد قريبا اكتب حتى لا تبقى دموعي حبيسة الأعين و آهاتي حبيسة الصدر اكتب لأن الكلمة معجزة  اكتب حتى يصل حديث الكلمات ابعد أفق اكتب حتى ترى الكلمات نفسها أمام المرآة .............. فتغدو حقيقة أسماء أسافي  المغرب  فصل الصيف يعادل العطلة، الترفيه عن النفس، الراحة و الاستجمام، كل هذه المفردات جيدة فهي تعبر عن تأملات إنسانية لابد منها، و كل البشر في حاجة أليها و لكن يبقى هنالك مشكل وحيد و هو حدود هاته المفردات !ليس هناك أي احترام للأمكنة رمي القمامة لا يخص الحاويات بل تصبح جل الأمكنة مخصصة للنفايات و كان هذه الأخيرة إكسسوارات صيفية لابد من وضعها حتى يكتمل المنظر الحضاري. السيارات تصف أينما و كيفما كان، حتى وان أدى ذلك إلى شل حركة سير شارع بأكمله أو غلق الولوج لحي ما،لأنها أيضا في عطلة و لا يجب أن تخضع لقوانين تنظيم الطرق. لعب الكرة يصبح من ضروريات الحياة، مثل المأكل و المشرب و في أي وقت باليوم، و لا يحق لأحد أن يعترض لان الأولاد في عطلة و الفوضى من كلاسيكيات العطلة. فصل الصيف هو موسم الزواج و كأن باقي فصول السنة تخضع لحضر عاطفي  طبعا لا احد ينكر أن الأفراح جميلة فهي متنفس لتراكمات الحياة من أحزان ومتاعب ولكن أن تنطلق الأعراس في آن واحد ، وان تتعاقب طيلة أيام الأسبوع و لا ينطفئ السهر حتى الصبح أمر لا يحتمل . ليس بالضرورة أن يحرم أناس طعم الراحة و النوم حتى يحس آخرون بالاستمتاع و الاستجمام، و كان" العطلة " جواز لخرق الحدود، .إن عدم و ضع حدود للتصرفات أو الانفعالات الإنسانية تصبح فوضى . و هنا يطرح السؤال هل الناس في عطلة تعني أن الضمائر، المبادئ و الأخلاقيات كذلك في عطلة؟و هل الشعور بالراحة أن العقول و الأخلاق تعرف انقطاعا عن العمل؟بحيث لا يجب أن نفكر في أية عواقب و لا نتحمل أدنى المسؤوليات؟ هنالك أمور لا يمكن الاستغناء عليها كيفما كانت الظروف و الملابسات فنحن لا نستطيع أن نعطي لعقولنا و أخلاقياتنا أجازة ، و إذا فعلنا نكون قد فقدنا كل ما يربطنا بالإنسانية كبشر، لان الفطرة تعرف نظاما و حدودا. لنغير سلوكنا .......من اجل وطن نحبه و نسعى للأفضل من أجله.

أسماء أسافي المغرب 

في صباح السنة الخامسة عشر على التوالي ، تقف فريدة تنتظر الحافلة التي توصلها لمقر الإدارة الجهوية للسكن،فهي نائبة قسم الشؤون القانونية، هي لا تتوفر على سيارة خاصة لحد الآن ، ذلك لان باحة الإقامة التي تقطن بإحدى شققها لا يسمح سوى بسيارة واحدة لكل أسرة و بذلك فسيارة خالد زوجها هي سيارة الأسرة.

صباح جميل ، هادئ من أحدى الأيام الربيعية، يشبه مثيله من الأيام الروتينية التي تعاقبت بسرعة فجعلت من فريدة أما لفتاة ثم لولدين.

شخصية ظريفة؛ متواضعة؛ متفهمة و متفانية في عملها داخل و خارج المنزل، لا تهتم بكماليات الحياة و رفاهيتها.

مثالية إلى حد ما، صاحبة مبادئ و أخلاق قارة:الأسرة شيء مقدس، التضحيات أمور لابد من تواجدها أما التنازلات فهي قوام الأسرة الناجحة.

هكذا هي فريدة امرأة بسيطة و أنيقة في نفس الآونة تحب الألوان الفاتحة، تعشق الثياب المريحة و المحترمة، تحبذ دائما أن تكون ذات قالب راق دون أية إثارة رشيقة القوام و مقتنعة بان كل امرأة جذابة دون أن تسعى إلى إبراز مفاتنها.

فريدة سيدة تستحسن السكربينة المريحة و ذات الألوان الكتومة فهي تساعدها على التنقل بحرية و خفة فركوب الحافلة ليس بالأمر الهين، أما الكعب العالي و رغم منظره الجميل على واجهات محالات الأحدية إلا أنه يبقى” مستفزا لما يحمله من تصنع و مبالغة” هكذا كان يقول خالد زوج فريدة و هي تشاطره الرأي.

و لعل هذا ما أثار فريدة في تلك الفتاة التي كانت تقف على بعد مترين منها.صارت فريدة تسترق النظر إليها كلما انشغلت الفتة بهاتفها النقال، “قد تكون بعمر’ رنا ‘ أو تكبرها بسنتين على الأرجح ” هكذا همست فريدة بخاطرها و هي تحدق بكعبها العالي الذي يكاد يفقدها التوازن، سروال ‘الجينز’ الضيق و القميص المزركش و على و شك التمزق. شعرها مصبوغ بني على أشقر و ماكياج وجهها ثقيل لدرجة أنه يمحي ملامحها الحقيقية، فهي النموذج المطابق لنسوة شاشات الستلايت .

تأخرت الحافلة كثيرا …وتساءلت فريدة عن سبب اهتمامها بالصبية؛ هل هو الكعب العالي؟ أم هو العطر الذي وصل أريجه إليها؟

“بلا هو العطر الذي ألبني” همست فريدة و هي مغمضة العينين ، استسلمت للرائحة الزكية التي أسكرتها و حملتها في طيات الذكريات، أيقظت أحاسيس الماضي ، فتذكرت أيام الجامعة و لحظات الهيام التي عاشتها آنذاك حب حياتها خالد زوجها….

” هذا العطر يشبهك بسيط لكنه يحفر في الذاكرة وللأبد” الجملة التي يكررها خالد في كل مناسبة يهديها إياه، تلك الكلمات التي أسرت قلبها بقيود عشق لم يهريها صدا الخمسة عشر سنة بجواره.

لمعت عيناي فريدة ببريق اشتياق و نزوع “ربما على أن اشتري العطر بعد نهاية الدوام لقد تعاقبت أيام دون أن استعمله” هذا ما قررته فريدة ، الفتاة ذكرتها بأروع ما حمل ماضيها .

التفتت فريدة للصبية و هي ترسم على شفتيها ابتسامة شكر و ارتياح….و إذا بسيارة تقترب بمهل لتصف أمام الرصيف، اقتربت الفتاة ركبت و ما إن أقفلت الباب حتى أحست فريدة أن صوتها يختنق، حاولت أن تصرخ لكنها لم تستطع، هناك حمل ثقيل يكبس على صدرها، يسلبها التنفس شيئا فشيئا.

كأنها سقطت في شرخ لن يتأتى لي احد استئصالها من داخله، تجمدت حواسها، توقف تفكيرها و لم يبقى سوى عبير العطر بذاكرتها…..

تمنت لو أنها ظلت مغمضة العينين و هي تستنشق العطر لعلها لم ……

لعلها لم تلمح السيارة، سيارة خالد زوجها….أردفت دمعة من عينها فسقطت دراهم الحافلة على الأرض جوار سكربينتها بدون كعب !