حوادث وقضايا

3 شروط للنجاة من العقاب.. حيثيات حبس مرتضى منصور 6 أشهر في قذف موظفة جهاز المحاسبات

أودعت محكمة جنايات الاقتصادية، برئاسة المستشار بدر السبكي، حيثيات حكمها الصادر بحبس مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك 6 أشهر مع النفاذ وغرامة 20 ألف جنيه، لإدانته بسب وقذف موظفة بالجهاز المركزي للمحاسبات، في القضية رقم 113 لسنة 2023 وارد مالية.

وأكدت المحكمة في بداية حكمها أنها اطمأنت للوقائع التي نسبت للمتهم حسبما استقر في عقديتها من سائر الأوراق وما دار بشأنها في جلسات المحاكمة.

– إحالة للجنايات وليس الجنح

قالت المحكمة في حيثيات حكمها عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، إن وقائع القذف المسندة إلى المتهم، وقعت على المجني عليها بصفتها موظف عام – مدير عام بالجهاز المركزي للمحاسبات وليس بصفتها فرد من الناس، وكان ذلك بسبب أمر يتعلق بأعمال وظيفتها وليس متعلقا بحياتها الخاصة، وأن جريمة القذف المسندة إلى المتهم وقعت في حق موظف عام وبسبب أداء الوظيفة وبطريق النشر، فيكون الاختصاص بالدعوى المرفوعة بها لمحكمة الجنايات لا لمحكمة الجنح.

وتابعت المحكمة في حيثيات حكمها أن المادة 302 من قانون العقوبات تنص في فقرتها الأولى على أنه يعد قاذفا كل من اسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة، لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لتلك قانونا، أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه، كما تنص فقرتها الثانية على أنه ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام، أو شخص ذي صفة نيابية عامة، أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية، وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه، أما الفقرة الثالثة فنصها لا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة.

– القصد من القذف وحسن النية و3 شروط للنجاة من العقاب

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصدا جنائياً خاصاً بل يكتفي بتوافر القصد الجنائي العام الذي يتحقق فيها متى نشر القاذف، أو أذاع الأمور المتضمنة للقذف، وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف في حقه أو احتقاره عند أهل وطنه، ولا يؤثر في توافر هذا القصد أن يكون القاذف معتقداً صحة ما رمى المجني عليه به من وقائع القذف.

وقد استثنى القانون من جرائم القذف بنص صريح في المادة 302 من قانون العقوبات الطعن الذي يحصل في حق الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوى الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة، إذ أباح هذا الطعن متی توافرت فيه ثلاثة شروط، الأول “أن يكون حاصلاً لسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة الاعتقاد بصحة المطاعن وقت إذاعتها، والثاني “ألا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة”، والثالث “أن يقوم الطاعن بإثبات حقيقة كل أمر أسنده إلى المطعون فيه”، فكلما اجتمعت هذه الشروط تحقق غرض الشارع ونجا الطاعن من العقاب.

سردت المحكمة أنه إذا لم يتحقق اى من الشروط فلا يتحقق الغرض، ويتعين العقاب كذلك فإنه من المقرر أن حسن النية التي اشترط القانون توافره لدى القاذف تبريراً لطعنه في أعمال الموظف العام، لا يكفي وحدة للإعفاء من العقاب وإنما يجب أن يقترن بإثبات صحة الواقعة المسندة الى الموظف العام، فإذا عجز القاذف عن أثبات الواقعة فلا يفيده الاحتجاج بحسن النية.

– الوقائع التي اطمأنت إليها المحكمة

وأكدت المحكمة أنها أطمئنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى، والتي تستخلص منها أن المتهم مرتضى منصور وجه للمجني عليها موظف عام بالجهاز المركزي للمحاسبات بطريق النشر على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وقناته المسماة بذات الاسم على موقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب” – سواء من خلال مقاطع فيديو مصورة يظهر فيها بنفسه متحدثاً أو الكتابة أو التسجيل الصوتي التي يطلع عليه الكافة عبارات سب وقذف في حقها اشتملت على ما يشينها من جهة عملها بأن نعتها بأنها “مزور التقرير”.

وكشفت المحكمة أن المتهم أسند إلى المجني عليها وكانت بصفتها موظفه بالجهاز المركزي للمحاسبات ضمن أعضاء لجنة مشكلة بقرار وزير الشباب والرياضة مكلفة بالتفتيش على أعمال نادي الزمالك للألعاب الرياضية – أنها تركت لشخص آخر يعمل مدير مالي بالنادي، وفي نفس الوقت يعمل محاسب قانوني لخصمه الرئيس السابق للنادي ممدوح عباس – على حد وصفه تحرير تقرير رصدت فيه على غير الحقيقة ارتكابه مخالفات مالية إبان رئاسته للنادي وأنها لم تحرر هذا التقرير الذي وصفه “بالمفبرك” و”المزور ” وأنها تلقت مقابل ذلك، رشوة عبارة عن سيارة ماركة “رينو”، وهي عبارات تخدش المجني عليها في شرفها واعتبارها وتمس بسمعتها لدى غيرها، وهو ما تضررت منه المجني عليها – المدعية بالحقوق المدنية، وسبب لها بلا شك ازعاجاً.

وأضافت المحكمة أن هذا الأمر يوفر في حق المتهم أركان الجرائم المسندة اليه كما معرفة به في القانون، كما تحقق توافر ركن العلانية في حق المتهم من قيامه بنشر مقاطع الفيديو المصورة، الكتابة المتضمنة لعبارات السب والقذف في حق المجني عليها على صفحته الشخصية وقناته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك، ويوتيوب” التي يطلع عليها ويشاهدها عدد من الناس بغير تمييز بدليل حصول مشاركات وتعليقات من أشخاص آخرين على ما نشره ، ولا شك في انتواء المتهم إذاعة ونشر ما أسنده إلى المدعية بالحقوق المدنية عن وقائع القذف.

– شكويان ضد الموظفة دون دليل

وأشارت المحكمة أنه لا يقدح في ذلك ما يثيره المتهم بصدد اثبات صحة ما قذف به الموظفة المجني عليها، بما هو مستفاد من تحريرها لتقريرين متناقضين بشأن بعض المخالفات المالية المنسوبة إليه إبان رئاسته لنادي الزمالك للألعاب الرياضية التي رصدتها في تقريرها الأخير، وتقديمه لشكوتين ضدها إلى جهة عملها بالجهاز المركزي للمحاسبات مازالتا قيد التحقيقات ولم يتم التصرف فيهما حسبما أفادت بذلك الجهة الأخيرة، فإن ذلك لا يقطع بصحه ما نسبه للموظفة المجني عليها من وقائع القذف بأنها ارتكبت تزويرا في التقرير الذي اعدته بهذا الشأن، انها تركت للشخص المذكور تحرير هذا التقرير، أو أنها تلقت رشوة مقابل ذلك الاخلال بواجبات الوظيفة العامة، مما يكون معه المتهم وقد أقدم على قذف الموظفة المجني عليها، دون دليل على صحة وقائع القدف كلها معتمداً على أن يظهر له التحقيق دليلا وهو ما لا يجيزه القانون، الأمر الذي يكون معه قد عجز عن اثبات صحه وقائع القذف.

وأوضحت المحكمة إذا فرض أن الموظفة قد حررت تقريراً أوليا عن المخالفات التي رصدتها لها رأي فيه، ثم حررت تقريراً أخيراً عن هذه المخالفات كانت لها فيه رأيا آخر مغايرا للرأي الوارد بالتقرير الأول، مع الأخذ في الاعتبار أنها كانت ضمن لجنة تم تكليفها بأعمال التفتيش، وشاركها أعضاء اللجنة في وضع ذلك التقرير الأخير، فإن ذلك لا يقطع بعدم صحة التقرير الأخير، وكان لدى المتهم أكثر من سبيل للطعن على هذا التقرير الأخير، وإثبات تناقضه عن التقرير الأول إن كان لذلك وجه وصحة ادعائه بشأن ذلك التقرير.

وأضافت أن الثابت بالأوراق وصور المستندات المقدمة من المتهم ان ما وصفه الأخير بأنهما تقريرين صادرين من المدعية بالحقوق المدنية، أنما هما كتابان موجهان منها إلى المدير التنفيذي لنادي الزمالك للألعاب الرياضية تستفسر فيهما عن بعض البيانات والأمور الخاصة بما أسفر عنه الفحص بشأن صرف بعض الشيكات، وعن وجود بعض الشيكات لم تقدم للصرف، رغم اثبات أن المستحق لها “ممدوح محمد فتحي عباس” قام بصرف إحداها، وطلبت من المدير التنفيذي للنادي موافاتها بحوافظ البنك الموضحة للموقف، وبيانات صرف هذه الشبكات، كما طلبت الحصول على نسخ منها من البنك في حالة عدم وجودها – وذلك دون القطع بصحة صرف هذه الشبكات من عدمه ولا يعتبر ذلك تقريراً صادرا عنها – كما وصفه المتهم اثبتت فيه ما يخالف تقرير اللجنة رئاستها الأخير التي رصدت فيه المخالفات المالية التي اسفر عنها التفتيش، وهو ما لا يفيد المتهم في اثبات صحة وقائع القذف التي اسندها إلى الموظفة المدعية بالحقوق المدنية.

– إنكار المتهم

وأكدت المحكمة أنها أطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المنهم أمامها بجلسة المحاكمة، وتلتفت عما اثاره من أوجه دفاع موضوعية أخرى لا تستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق قوامها إثارة الشك في أدلة الدعوى ولا يبع المحكمة سوى أطراحها وعدم التعويل عليها اطمئنانا منها إلى هذه الأدلة التي تأيدت بما كشفت عنه تقارير الفحص الفني لكل من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والهيئة الوطنية للإعلام كما تلتفت المحكمة عما أبداه المتهم من طلبات أخرى ترى المحكمة أنها غير منتجة في الدعوى.