اخبار المغرب

العمال و”الكوبالت” يحفزون الصين على صناعة البطاريات في المغرب

قبل نهاية 2023، عززت الصين تموقعها الاستثماري في المغرب، تحديدا في مجال صناعة البطاريات، الذي يتوقع أن يشهد مستقبلا زاهرا في أفق العقود القادمة.

آخر هاته الاستثمارات، تم الإعلان عنه بحر الأسبوع الماضي من قبل شركة “BTR New Material Group” الصينية، بما يفوق 3 مليارات دولار، لبناء مصنع جديد للبطاريات بالمملكة المغربية.

وفي شتنبر الماضي، أعلنت شركة “هوايو” لصناعة السيارات الكهربائية والبطاريات عن عزمها هي الأخرى بناء مصنع بالمغرب، وذلك ضمن استراتيجيتها للتوسع الخارجي.

“غوتيون هاي تاك”، هو عملاق صيني آخر قرر التوجه إلى المغرب من أجل بناء مصنع للبطاريات بقيمة استثمارات قياسية تبلغ 6 مليارات دولار، وهو الحال أيضا بالنسبة لـ”Tinci Materials Technology” التي لم تخف إعلانها بناء مصنع بالمغرب.

ومن الخصائص التي تجعل المغرب يعيش على وقع استثمارات صينية مكوكية خلال السنوات الأخيرة، وفق خبراء، “الموقع الجغرافي الاستراتيجي القريب من أوربا، ومخزون الكوبالت، واليد العاملة غير المكلفة، إلى جانب مناخ الاستثمار الجيد، فضلا عن الاستقرار السياسي”.

ياسين عليا، خبير اقتصادي، يرى أن “سبب تفاقم هاته الاستثمارات راجع بالأساس إلى توفر المغرب على موارد باطنية جد مهمة، أبرزها معدن الكوبالت الذي تعد المملكة رقم 13 عالميا في إنتاجه”.

وأضاف عليا، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المعدن أساسي للغاية من أجل إنتاج البطاريات، وهذا العامل يساعد الشركات المصنعة في الصين على الاقتراب أكثر من مصادر المواد الأولية”.

من الأسباب الأخرى، وفق الخبير الاقتصادي ذاته، كون “صناعة السيارات الكهربائية الصينية موجهة بالأساس نحو السوق الأوروبية. وكما نعلم، في أوروبا هنالك تاريخ محدد مستقبلا في 2034 من أجل إنهاء استخدام مادة الوقود الأحفوري”.

ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن “المغرب بحكم علاقاته التجارية الموسعة والعميقة مع الجانب الأوروبي، يشكل بالنسبة للصين مكانا مهما لوضع هاته الاستثمارات المهمة وتصديرها نحو القارة العجوز”.

وأبرز عليا أن “هاته البطاريات الصينية التي ستصنع في المغرب، عند تصديرها إلى أوروبا ستكون حاملة لعلامة تشير إلى أنها أنتجت في المملكة المغربية، الأمر الذي سيفيد الأخيرة”.

وزاد: “لا يمكن أن ننسى أيضا عامل التكامل الاقتصادي في المناطق الصناعية المغربية، الذي يساعد الشركات الأجنبية في الحصول على بنية تحتية ملائمة، بالإضافة إلى العامل البشري الذي تتوفر عليه المملكة، وهو أمر تواجه الصين محدوديته في السنوات القادمة”.

من جانبه سجل المحلل الاقتصادي إدريس العيساوي أن “هذه الاستثمارات تعد استراتيجية بالنسبة للشركات الصينية، باعتبار أن المغرب دخل في سياسة تصنيع فريدة تجذب جل الشركات العالمية”.

وأضاف العيساوي، في حديث لهسبريس، أن “تصنيع بطاريات السيارات هو مشروع مهم بالنسبة للمغرب على الصعيد المستقبلي، بحكم الخطوات الكبيرة التي قام بها في صناعات أخرى مرتبطة بالسيارات”.

وأوضح المحلل الاقتصادي ذاته أن “مسألة صناعة البطاريات هي ملزمة لجميع الشركات التي تريد تصنيع السيارات في المستقبل، والحضور الصيني بالمغرب في هذا الصدد ليس بفعل تكلفة اليد العاملة، أو المواد الخام، بل بسبب الخبرة المغربية الطويلة”.

وختم بأن “المغرب راكم تجربة كبيرة في هذا المجال، وله خبرة قوية خاصة على مستوى اليد العاملة التي تكونت في مستويات راقية”.