اخر الاخبار

إيران تستثمر زراعياً في منطقة النفوذ الروسي بطرطوس

بحث وزير الزراعة السوري محمد حسان قطنا مع السفير الإيراني في دمشق حسين أكبري ووفد إيراني، في التحضير لإقامة مؤتمر للبحوث الزراعية يمكن أن يتم خلاله تخصيص يوم لـ«الأبحاث السورية والإيرانية» ودعوة الباحثين لعرض الأبحاث القابلة للتطبيق في الظروف الحالية.

وقالت وسائل إعلام رسمية سورية، إن وزير الزراعة السوري تحدث خلال الاجتماع عن المشاريع التي طرحتها الوزارة للاستثمار وفق قانون الاستثمار والتسهيلات والمزايا التي يقدمها، وإمكانية إقامة معمل لتصنيع حليب الأطفال المجفف بالقرب من منشأة أبقار زاهد بطرطوس بهدف تصنيع منتجاتها وتوفير حليب الأطفال في السوق، وأهمية التعاون في مجالات البحوث العلمية الزراعية وتبادل الخبرات.

كما تطرق الوزير إلى موضوع «استصلاح مساحات من الأراضي في الميادين بدير الزور، ومد شبكات ري فيها واستثمارها وتسويق منتجاتها محلياً».

وتزامن الاجتماع الذي عُقد يوم الخميس مع تسريب وثيقة حكومية مصنفة «سرية» صادرة عن الرئاسة الإيرانية إلى وسائل الإعلام، تتعلق بإنفاق طهران 50 مليار دولار على الحرب في سوريا، خلال 10 سنوات واعتبارها «ديوناً» تريد استعادتها، وأن الاتفاقات التي أُبرمت مع سوريا لاستعادة هذه الأموال لا تتجاوز 18 مليار دولار.

كما تنص الوثيقة على أن «قاعدة خاتم الأنبياء» الذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني، من المفترض أن تستمر في استحصال المطالبات الاقتصادية من سوريا.

مبقرة زاهد في طرطوس (فيسبوك)

ووفق الوثيقة، هناك 8 مشاريع استثمارية، ستنفق إيران 947 مليون دولار عليها حتى تتمكن من سداد 18 مليار خلال 50 عاماً. منها عقود لـ«استثمار 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية» في سوريا. ومن المفترض أن يغطي هذا المشروع 25 مليون دولار من ديون سوريا لإيران في غضون 25 عاماً.

بالإضافة إلى إنشاء معمل لإنتاج حليب الأطفال المجفف الذي اقترحه وزير السوري على الجانب الإيراني والذي يقع في مشروع «زاهد» لتربية المواشي (مبقرة)، وقد ورد ذكره في الوثيقة المسربة، كمشروع مقرر أن يحدث من خلاله سداد 7 ملايين دولار من الديون الإيرانية على مدى 25 عاماً.

مصادر اقتصادية مستقلة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع زاهد الزراعي هو من أول الاستثمارات الزراعية الإيرانية في سوريا، ويقوم في إدارته من الجانب الإيراني «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني، وأهميته تأتي من موقعه الجغرافي، حيث يبعد 25 كيلومتراً عن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، التي أقيمت بموجب اتفاق بين موسكو ودمشق عام 2017 بهدف إقامة مركز لوجيستي للمعدات الفنية للأسطول الروسي في طرطوس لمدة 49 عاماً. كما حصلت روسيا على عقد استئجار ميناء طرطوس، وتوسعته عام 2019 لتتحول محافظة طرطوس على البحر المتوسط إلى منطقة نفوذ روسية.

وفي المقابل، وقعت إيران مع الجانب السوري اتفاقية تقضي بحصولها على جزء من دخل ميناء اللاذقية، القريب من القاعدة العسكرية الروسية في حميميم بريف اللاذقية.

من هنا ترى المصادر في حصول إيران على مشروع زاهد الزراعي الواقع ضمن منطقة النفوذ الروسي على الساحل السوري، أنه يصب في إطار التنافس الروسي ـ الإيراني على مواقع الوجود داخل الأراضي السورية.

وزيرا خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان وسوريا فيصل مقداد في مؤتمر صحافي مشترك بطهران في 31 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن مساحة المبقرة، وهي 276 هكتاراً، تعادل نصف المساحة الزراعية التي تطالب إيران باستثمارها في سوريا، وقد جرى بحث ذلك خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق في مايو (أيار) الماضي. ووفق المصادر، تكتسب مبقرة زاهد قيمة مضافة بقربها من مركز البحوث العلمية الزراعية في طرطوس الذي يعد واحداً من 18 مركزاً تابعاً للهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية بدمشق. وأشارت إلى أن مسألة ديون إيران على سوريا باتت تطرح كثيراً في العام الأخير، كما أن هناك جهوداً إيرانية حثيثة وضغوطاً تمارس على الجانب السوري لإزالة العقبات المعوقة لتنفيذ الاستثمارات، بالتوازي مع التدهور الاقتصادي المتسارع في سوريا.

وما يثير «الريبة»، وفق تعبير المصادر التي قالت إن مبقرة زاهد التي تعد إحدى أكبر المباقر في سوريا، لم تكن خاسرة اقتصادياً، كنظيرتها من منشآت القطاع الحكومي التي يتم طرحها للاستثمار، إلا أنها منحت لإيران للاستثمار بموجب اتفاقية التعاون الاقتصادي، وجرى تسليمها لإيران نهاية عام 2021 لمدة 25 عاماً، مقابل دفع إيران 200 ألف دولار سنوياً بدل استثمار بغض النظر عن الخسارة أو الربح.

وتشير معطيات حكومية سابقة إلى أن مبقرة زاهد التي وصل إنتاجها في السنوات السابقة إلى 5 أطنان من الحليب يومياً، كانت محجراً بيطرياً قبل أن يجري تحويلها عام 2000 إلى مبقرة لتسمين العجول، ولتربية الأبقار الحلوب (البكاكير)، وتزويد معمل أجبان وألبان حمص بالحليب الطبيعي الطازج، حيث تتسع لـ 600 – 800 بقرة حلوب، وتحتوي بنية عمرانية وجميع المعدات الزراعية اللازمة للإنتاج إضافة إلى أكثر من 2250 دونماً تزرع بالشعير والبرسيم لتغذية الأبقار. مع كادر من الأطباء البيطريين والمهندسين الزراعيين والعمال يتجاوز الخمسين شخصاً.