اخر الاخبار

كذبة الخصوصية السعودية ! –


كذبة الخصوصية السعودية !

د. عبدالمجيد الجلاَّل

تحت كذبة الخصوصية السعودية ، تمَّ تمرير كل أدوات الانغلاق والتقوقع الداخلي، وكل ذلك تمَّ باسم الدين ، وهو برئُ منها ، براءة الذئب من دم يوسف.
أكثر من ذلك ، انحرفت البوصلة الدينية ، عن اتجاهات قيم الاعتدال والوسطية والتسامح الديني ، إلى دائرة التشدد الديني ، واتسعت معه ، دائرة تطبيق مبدأ سد الذرائع ، متجاوزة محيطها الفقهي ، لتشمل تحريم الكثير من المباحات الشرعية، تحت ذريعة الوقوع في الحرام .
بل وصل بنا الأمر ، إلى مرحلة الانغلاق ، والتوجس من الثقافات الإنسانية الأخرى ، والتقوقع داخل أفكارٍ وقيمٍ ، بالية ، أعادتنا إلى الوراء كثيراً ، وظلَّ الفكر المُتشدد ، يستغل كل الأدوات الممكنة، لتأطير منهجه ، وتثبيت قواعده ، وبناء أركانه !
وأكثر العناصر التي تمَّ استهدافها ، والتشدَّد حيالها ، كانت : المرأة ، والجانب الثقافي والفني في المجتمع.
لذا ، مثّلت رؤية 2030 ، أهدافاً سعودية طموحة ، لإعادة بناء الوطن ، وفق معطيات استثنائية ، وتحولات دراماتيكية ، في بيئة المجتمع السعودي ، نقلته ، من حالٍ إلى آخر ، ومن موقع إلى آخر ، في فترة زمنية قياسية جداً !
لقد تمَّ اتخاذ إجراءات شُجاعة ، وبجرأة غير مسبوقة ، لبناء رؤية دينية جديدة ، أقصت تماماً ، الرواسب ، والأفكار المُنغلقة ، التي تحكمت في بنيان وأسس حياتنا، من خلال الانقلاب على كل المفاهيم الدينية الخاطئة ، التي حرمتنا من الاستمتاع بمباهج الحياة ، والتفاعل الحضاري مع الآخر، وجلب الأفكار المستنيرة، وبناء دولة العلم والإيمان ، بل أفقدتنا الكثير من أدوات الحضور ، على المستوى الإقليمي والدولي ، خاصة بما يتصل بحقوق المرأة ، والجانب الثقافي ، فقد نالهما نصيب الأسد ، من تسلط أصحاب هذا الفكر المُنغلق ، بخطابه الديني المُتطرَّف !
في هذا السياق ، حُجمت الهيئات ، وأداة ضبطها غير العادلة ، كما توسعت مجالات السياحة والترفيه ، والخدمات الثقافية ، وتمَّ تنشيط الموسيقى ، والغناء، والسينما ، والمسرح ، والمكتبات ، والمتاحف ، والمسارح ، وسائر الفنون الجميلة. كما جرى إنشاء المزيد من المؤسسات العامة والخاصة التي تخدم الثقافة والفنون، وتخدم كذلك تنمية وتطوير قدرات السعوديين وإبداعاتهم .
ومن ذلك ، البدء في إنشاء المجمع الملكي للفنون ، والذي ، يُعد ، أحد أبرز مكونات ومعالم مشروع حديقة الملك سلمان ، ويحتل مساحةً ، تزيد على 500 ألف متر مُربع ، ويشتمل على متحف للثقافات العالمية ، ومسرح وطني ، ومعهد ملكي للفنون التقليدية ، بأكاديمياته الثلاث : الفنون البصرية التقليدية ، والتراث الثقافي ، والترميم والفنون المسرحية ، كما ، يشتمل على قاعة لأعمال النحت ، ومسرحين ، وثلاث قاعات للسينما ، وقاعة كبرى لأعمال الفنانين والمبدعين ، ومكتبة متخصصة في الثقافة والفنون ، تتسع لأكثر من 250 ألف كتاب .
بالتأكيد ، إنشاء المجمع الملكي للفنون ، حدثٌ استثنائي ، وغير مسبوق ، سوف ينقل مدينة الرياض العريقة ، من فوضى الانغلاق ، إلى رحابة الانفتاح ، وأفقه الواسع ، والمُتنوع ، إنسانياً ، وثقافياً ، واجتماعياً .
خلاصة القول ، بدأت الدولة ، والشعب ، في العودة إلى رحابة الإسلام الوسطي المعتدل ، كجزء أساس في مشروع إعادة بناء الدولة السعودية ، وهو بالقطع الاتجاه الصحيح ، والأهم إعادة بناء البيئة التعليمية ، بالتخلص من كل العناصر ذات الفكر المُتشدد ، وأفكارهم وعقائدهم المُنحرفة ، التي كانت كالسوس ينخر بشدة في بيئتنا التعليمية.