حوادث وقضايا

الخديعة | الوفد

جلست على كرسى متهالك فى إحدى طرقات محكمة الاسرة بإمبابة تحاول إخفاء وجهها بغطاء رأسها الأسود خوفاً من أن يراها أحد من جيرانها أو أقاربها فهى ابنة المنطقة والكل يعرفها.
 

لم يدر بخاطرها فى يوم من الأيام أن تأتى إلى هنا المحكمة لتطلب الخلاص والنجاة من سجانها المسمى مجازاً بزوجها. جلست زائغة النظرات تتفحص كل هذا الزحام فلا يوجد مكان لقدم ويدور فى خاطرها. كل هؤلاء لديهم مشاكل وهموم مثلى. لا لا أحد مثلى. أنا من هزمتنى دنياى وجارت علىّ. واستولت على حياتى دون سابق إنذار.

بفضول الصحفى وأنا أتجول فى قاعات وطرقات المحكمة وقع نظرى عليها وهى أيضا تساقطت أوراقها التى أتت بها أسرعت التقطها وأعطيها لها.

عرفتها بنفسى. وطلبت منها أن تروى لى حكايتها ربما أستطيع مساعدتها.
 

ودون عناء وكأنها كانت تريد أن تتحدث وتزيح عن صدرها ما أهمّها وأثقل كاهلها. قالت: لن تستطيع مساعدتى، فحكايتى ربما تكون غريبة على الجميع ولكن سأحكى لك ربما أجد ضالتى عندك.
 

حكايتى بدأت منذ سنوات عندما تقدم للزواج منى رجل تقى ورع حافظ لكتاب الله وسنة رسوله شعرت وقتها بأن كل أحلامى تحققت وزاد من سعادتى رضا أسرتى على هذا الرجل وافقت على الارتباط به وأسرتى رحبت فوراً. وعلى الفور بدأنا فى تجهيز منزل الزوجية.

كان كريماً معى، لم يحرمنى من شىء ولم يكلف أسرتى فوق طاقتهم وجعلنى أشعر بأننى ملكة

متوجة. شهور معدودة وتم الزواج فى ليلة جميلة وبسيطة وانتقلت الى جنتى حقاً سيدى إنها كانت جنة.
 

 رجل خلوق محب كريم يعاملنى بما يُرضى الله، فما السعادة أكثر من التى أعيشها وأين هى الجنة غير بيتى.

مرت أيام سعادتى سريعة وجميلة وبعد عام من زواجنا رزقنا الله بطفلين توأم ولد وبنت وزاد قدومهما سعادتنا ورزقنا. لا أنكر أننى كنت أخشى على كل تلك السعادة التى أعيشها.

عامان مرا على زواجنا وسعادتنا وفى يوم لا أنساه تحولت فرحتى إلى حزن عندما سكت صوت زوجى الحنون إلى الأبد، فقد خطفه الموت بدون سابق إنذار بسبب أزمة قلبية مفاجئة وتركنى وطفلى دون سند.
 

 مرت أيامى حزينة لا معنى ولا لون لها، لم يفارقنى الحزن على حياتى التى انتهت قبل أن تبدأ وكيف سنواجه الحياة وكأن القدر أراد لى الخزى والشقاء بعد ان اختطف سعادتى.
 

مرت أيامى ثقيلة لا أعرف نهايتها حتى طرق بابى أحد الجيران وأخبر أسرتى بأن هناك من يريد الزواج منى وهو من الجيران. ولم لا فأنا أرملة وأم لطفلين فمن يقبل الزواج منى حتما سيكون بطلاً.
 

 وتحدث معى شقيقى فى الأمر وطلب منى التفكير فى الامر ربما يكون خيراً لى

ولأولادى. وشاء القدر أن قبلت أن يتقدم هذا الرجل لخطبتى.

وجاء إلى منزل اسرتى وظهر بوجه باسم خجول مدعياً أنه سوف يكون نعم الزوج وسيكون أباً لأولادى وقطع على نفسه العهود أمام الجميع. ووافقت واسرتى على هذا الزواج ولكن كان شرطى ان يكون الزواج عرفياً.
 

 خوفاً من ان تنتقل حضانة طفلى لأهل والدهم وأيضاً حتى أحتفظ بالمبلغ الكبير الذى أحصل عليه من معاش زوجى السابق.

وتم الزواج العرفى. أيام معدودات وتغير طبع زوجى تماماً واتضح لى انه تزوجنى طمعاً فى معاش زوجى السابق. ودون خجل بدأ يرفض الإنفاق على وعلى منزله وكانت المفاجأة المدوية أنه مدمن مخدرات. وبعد شهور من زواجنا اتهم فى قضية سرقة وسجن عدة أشهر.

واكتملت مأساتى عندما اكتشفت أننى احمل جنيناً من هذا الزوج وكان لا بد من تحويل الزواج الى زواج رسمى من أجل تسجيل الطفل وزاد طبع زوجى سوءاً وبدأ يحاول الاستيلاء على أموال أطفالى بالقوة واذا ما رفضت بدأ يتعدى على بالسب والضرب.
 

وقعت ضحية لخديعة كبرى من زوجى واسرته فلم اكن أعلم أنه مدمن ولص. وحاولت مراراً وتكراراً أن أحافظ على حياتى من اجلى طفلى ولكن زوجى استمر فى رفضه تغيير نفسه أو الاقلاع عن تعاطى المخدرات وفى احدى المرات كدت أفقد حياتى.
 

وكان لا بد من الفرار من هذا الجحيم وتركت منزل الزوجية وانتقلت الى منزل اسرتى وطلبت منه الطلاق وأبلغته بأن الحياة بيننا أصبحت مستحيلة ولكنه رفض وحاول إعادتى إليه بالقوة فلم أجد أمامى سوى اللجوء للخلع.
 

قررت خلع هذا الرجل الذى خدعنى وحاول الاستيلاء على رزق أطفالى اليتامى. وقلت للقاضى إننى أبغض الحياة معه وأرغب فى الحصول على حريتى. وما زلت أنتظر الخلاص من براثن الخديعة التى أوقعنى فيها زوجى المدمن وأسرته.