اقتصاد

التخطيط تستعرض الأطر الحاكمة لبناء الإنسان بخطة التنمية لعام 2023-2024


أميرة عاصي


نشر في:
الجمعة 29 سبتمبر 2023 – 3:59 م
| آخر تحديث:
الجمعة 29 سبتمبر 2023 – 4:09 م

استعرضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في تقرير صادر عنها الأطر الحاكمة لبناء الإنسان المصري بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الحالي 23/2024.

وأوضحت هالة السعيد، وزيرة التخطيط، أن جهود التنمية تستهدف تحقيق غاية أساسيّة تتمثّل في بناء الإنسان، صحيًا وثقافيًا ورياضيًا واجتماعيًا. ويستند مفهوم البناء على ثلاث ركائز رئيسة، تُمثّل الأُطُر الفكريّة الحاكمة لأبعاد التنمية، تتعلّق بحق الإنسان في التمتّع بحياة كريمة، على نحو مُستدام ووفق أسس مُتكافئة، وبحقه في التنمية بمنظورها الشامل والمستدام، باعتباره حق أصيل من حقوق الإنسان، وبحقه في تنمية قُدراته وإمكاناته البشريّة، لذلك راعت وثيقة خطية التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة تبنّي الأهداف والسياسات الداعمة لبناء الإنسان المصري، وأصدرت في هذا الشأن دليل الإنفاق الاستثماري المستجيب لحقوق الإنسان (2023)، والذي استند إطاره على نصوص دستور 2014، وعلى ثلاث ركائز رئيسة، وهي مواد القانون المتعلّقة بحقوق الإنسان الاقتصاديّة والاجتماعيّة، واستراتيجيّة التنمية المستدامة (رؤية مصر “2030”)، ومُؤشّرات وأبعاد تقرير التنمية البشريّة في مصر، وقد تضمّن الدليل وضع مُؤشّرات لقياس مدى المُساهمة في تحقيق مُستهدفات الخطة الاستثماريّة على امتداد كافة مراحل المشروعات، ووضع معايير لاختيار المشروعات ذات الأولويّة، وصياغة مُؤشّرات أداء للقطاعات المختلفة تلتزم جهات الإسناد بقياسها بصفة دوريّة، ومُوافاة وزارة التخطيط لتفعيل عمليّات المُتابعة والتقويم.

وأشار تقرير الوزارة إلى أن وثيقة خطة التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة حرصت على اعتبار استراتيجيّة حقوق الإنسان من أهم المُرتكزات التي تتبلوّر حولها الأهداف التنموية للخطة، وما ينبثق منها من سياسات وبرامج في شتّى مناحي الحياة، حيث راعت الخطة توجيه الاستثمارات العامة بما يكفُل تحقيق أهداف محاور الاستراتيجيّة الوطنيّة لحقوق الإنسان، وخاصة المحورين الثاني والثالث في شأن الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، وحقوق المرأة والطفل والأفراد ذوي الهِمَم وكبار السن.

وفي مجال الحق في الصحة، أشارت خطة تنمية الخدمات الصحيّة إلى الاستثمارات الموجّهة للتطبيق المرحلي لنظام التأمين الصحي الشامل، ولتعميم الرعاية الصحيّة الأوليّة، ولبرامج تطوير المستشفيات والوحدات الصحيّة على مُستوى كافة المحافظات، والمُبادرات الرئاسيّة والحكوميّة المعنيّة بعلاج بعض الأمراض وتوفير اللقاحات والتحصينات الوقائيّة من الأوبئة والفيروسات، بجانب الاستثمارات الـمُوجّهة لتحسين الظروف الصحيّة في الريف في إطار مُبادرة حياة كريمة.

وفي مجال الحق في التعليم، حرِصت الخطة على توجيه استثمارات مُناسبة للنهوض بكفاءة العمليّة التعليميّة وفاعليّة مُخرجاتها، وبصفة خاصة التوسّع في إنشاء المدارس والفصول لاستيعاب التلاميذ في كافة مراحل التعليم، وخفض كثافة الفصول، فضلًا عن التطوير التقني للمناهج الدراسيّة، والتوسّع في التعليم الفني على مُستوى المدارس (المرحلة الثانويّة) وتطوير التعليم الجامعي والمعاهد العُليا، وكذلك التوسّع في إنشاء الجامعات التكنولوجيّة والجامعات الأهليّة في التخصّصات الحديثة المُواكبة للثورة الصناعيّة الرابعة.

وفي مجال الحق في التنمية الثقافيّة، فقد عنيت الخطة بالبرامج الرامية للحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري للشعب من خلال صيانة المواقع الأثرية وحمايتها، وتنمية الوعي الثقافي، والتوسّع في قصور الثقافة والمتاحف وإقامة المُنتديّات الثقافية على اختلاف أنواعها، ونشر الخدمات الثقافية في مُختلف الأقاليم والمحافظات على نحو مُتوازِن.

وفي محور حقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي الهِمَم وكبار السن، تم صياغة أهداف وسياسات وبرامج تُراعي حقوق هذه الشرائح المجتمعيّة، مثل تبنّي نهج التخطيط المُستجيب للنوع، وآليّات تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، وبرامج الرعاية الصحيّة المُتكاملة، والتغذية المدرسيّة السليمة، وبرامج التوسّع في رياض الأطفال، وإصدار التشريعات المانعة لعمالة الأطفال وللإتجار بالبشر، والبرامج الإصلاحيّة للحد من ظاهرة طفل بلا مأوى، فضلًا عن البرامج المُوجّهة لتشجيع الابتكار والعمل الحُر للشباب والارتقاء بالصحة واللياقة البدنيّة لجموع الشباب، من خلال زيادة الاستثمارات الموجّهة لإنشاء وتطوير الأندية ومراكز وبيوت الشباب والملاعب والمدُن الشبابيّة، وبخصوص كبار السن، فقد راعت الخطة توفير قدر مُناسب من الاستثمارات للتوسّع في إنشاء دور رعاية المُسنين، وتوفير الرعاية الصحيّة المُناسبة.

وحول الركيزة الثانية: الاستراتيجيّة الوطنيّة للتنمية المُستدامة، تضمّنت وثيقة الخطة في القسم الثاني عرضًا للمفاهيم التنمويّة المطبّقة، وعلى رأسها مفهوم التنمية المستدامة على النحو الوارد بالاستراتيجيّة التنمويّة، والتي يأتي في مُقدّمة أهدافها “الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحسين مُستوى معيشته”. ويتحقّق هذا الهدف من خلال 6 أهداف عامة، تتمثّل في القضاء على الفقر، وتوفير الغذاء، وإتاحة خدمة صحيّة مُتميّزة، والارتقاء بمنظومة التعليم وإتاحة السكن اللائق، وإثراء الحياة الثقافيّة والرياضيّة، وهي من الدُعامات الأساسيّة لحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، تضمّنت الخطة برامج عديدة تستهدف مُعالجة التفاوتات النوعيّة بين الفئات الاجتماعيّة وبين الأقاليم، وتوفير الحماية الاجتماعيّة للفئات مُنخفضة الدخل، وتحقيق الإدماج وتكافؤ الفُرص، وتبنّي برامج التنمية الشاملة للريف المصري.

وتتمثل الركيزة الثالثة في أبعاد التنمية البشريّة حيث عملت الخطة على تضمين مُكوّنات منظومة التنمية البشريّة عند تناولها لأبعاد التنمية القطاعيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وأبعاد التنمية المحليّة والمكانيّة. وقد رصدت التحسّن الملحوظ في عديدٍ من مُؤشّرات التنمية البشريّة الواردة بتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2022، ومنها تحسّن المؤشّرات الصحيّة بدلالة تراجُع مُعدّلات الوفيّات للأطفال الرُضّع ودون سن الخامسة، وارتفاع مُتوسّط العُمر المتوقّع عند الميلاد، ونجاح مصر في القضاء على الفيروس الكبدي والحد من انتشار بعض الأمراض كالسُل وفيروس نقص المناع الذاتية.

وكذلك رصد التقرير، تحسّن مُؤشّرات التعليم، مثل زيادة مُعدّلات الالتحاق بالمدارس وانتفاء الفجوة النوعيّة في مُعدّلات القيد، وكذلك أظهرت مُؤشّرات التعليم الجامعي تحسّنًا في الطاقات الاستيعابيّة للجامعات، وارتفاع مُعدّلات القيد الإجمالي في مُؤسّسات التعليم الجامعي والعالي.

وفيما يتعلّق بتطوير منظومة الحماية الاجتماعيّة، أبرز التقرير حِرص الحكومة على توسيع شبكات الأمان الاجتماعي، وبخاصة برامج التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، والتركيز على المناطق الجغرافيّة الأكثر احتياجًا.

وقد استهدفت خطة عام 23/2024 مُواصلة هذا النهج التنموي الذي يُركّز على تحسين مُؤشّرات التنمية البشريّة، كمًا ونوعًا، بتبنّي السياسات والبرامج الداعمة لها، بما يُعزّز استمرار الاتجاه التصاعُدي لهذه المؤشّرات.