اخبار الإمارات

تفجير دموي يستهدف “دماغ بوتين”


أعلنت وسائل إعلام روسية صباح اليوم الأحد، مقتل ابنة الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين. ووفقاً للمنصة الإعلامية الروسية “112”، كان من المقرر أن يعود كل من الوالد والإبنة، من فعالية مساء السبت، في نفس السيارة، قبل أن يتخذ دوغين قراره بأن يتنقل بشكل منفصل عن ابنته في اللحظة الأخيرة، وتشير تحقيقات أولية إلى أنه كان هو المستهدف في التفجير.. فمن هو ألكسندر دوغين وما هو دوره في الحرب الأوكرانية الروسية؟.


ويعتبر دوغين العقل المُدبر للسياسة الروسية خلال السنوات الأخيرة ولقبه الشعب الروسي بـ”دماغ بوتين”، حيث يرسم ملامح التعامل الروسي مع الأزمات الخارجية والداخلية ويوسوس في أذن الرئيس الروسي بوتين طوال الوقت ويملأ ذهنه بالأفكار والرؤى التي يتخذ قراراتها بوتين فيما بعد.

ألكسندر دوغين الفيلسوف والسياسي والأستاذ الجامعي، ألقاب كثيرة حصل عليها حيث له أكثر من 60 كتاباً، يطل على روسيا والعالم منذ نحو عقدين من الزمن بأفكاره التي جعل منه شريكا أيدولوجيا في حكم روسيا ولو من وراء الستار.

ويُنسب الفضل إلى كتابات ألكسندر دوغين القومية المتطرفة، في تشكيل رؤية فلاديمير بوتين للعالم، ويرتبط ذلك ارتباطاً وثيقاً بالغزو الروسي لأوكرانيا، حسب تقرير لصحيفة اندبندنت عربية.

وسبق للمفكر أن أعرب عن دعمه للعدوان الروسي على أوكرانيا، وفُرضت عليه عقوبات أمريكية عام 2015 لتورطه المزعوم في ضم موسكو لشبه جزيرة القرم عام 2014، وذلك في الوقت التي أدرجت فيه المجلة الأمريكية فورين يوليسي دوغين ضمن أفضل 100 مفكر عالمي في العالم الحديث.

الهيمنة على الغرب

وبدأ دوغين البالغ من العمر 60 عاماً بدراسة الطيران في معهد موسكو إلا أنه غير مسار حياته لاحقاً، وانتقل إلى دراسة الفلسفة، وليحوز فيها درجة الدكتوراه، ومن ثم يعرّج على العلوم السياسية ليضاعف درجاته العلمية بدكتوراه أخرى، وقبل تفكيك الاتحاد السوفياتي، نشط دوغين ضد ما رأى أنه توتاليتارية وسلطوية، ومن ثم شارك في الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى إسقاط يلتسين.

ولم يترك دوغين لحظة سقوط الاتحاد السوفياتي تمر من غير تحليل رصين، خلُص منه إلى أن الخسارة الكبرى التي حلت ببلاده لم تكُن بسبب الحرب الباردة، بل لانتمائها إلى ما يسمّيه بـ”حضارة اليابسة” في مقابل حضارة البحر والأطلسي، تلك التي أبدع فيها الأمريكيون والأوروبيون على حد سواء.

وقدم دوغين إلى العالم كتابه الجديد، المعنون: “الخلاص من الغرب -الأوراسية- الحضارات الأرضية في مقابل الحضارات البحرية والأطلسية”، وفيه رؤية ناقدة أقرب ما تكون إلى الناقمة على الليبرالية المنفلتة إن جاز التعبير.

وضخ دوغين دماء جديدة في عروق روسيا مع وصول بوتين إلى سدة الكرملين عام 2000، منتقلاً من صفوف المعارضة إلى معسكر المنافحين والمدافعين عن “روسيا الجديدة”، وقد رفع صوته تجاه استحقاقات الطرح الأوراسي.

وقبل نحو شهرين، وفي أوج احتدام الجدل حول المعركة مع أوكرانيا، تحدث دوغين عن إشكالية الهوية الروسية، وعما جرى لها من تغيّرات جذرية وتبدلات جوهرية خلال المئة عام الماضية، بدءًا من كينونة روسيا الإمبراطورية بعقيدتها وتصورها، مروراً بالثورة البلشفية التي وصفها بأنها غيّرت من صورة الدولة تغييراً شديداً، وصولاً إلى عام 1991 الذي كان عاماً فاصلاً في مواجهة الروس لأنفسهم وهويتهم، بحيث مضت روسيا وراء الطروحات والشروحات الغربية، بعد التفكيك الذي أعقب تفخيخ الاتحاد السوفياتي السابق، وفي نهاية المطاف وصلت سفينة روسيا إلى بوتين، الذي اعتبره دوغين الحارس الأمين على الإرث الهوياتي الروسي، ولتعود معه الدولة إلى قوتها الخارجية، عبر قناعاتها الداخلية المرتكنة إلى قيمها المحافظة.

تقسيم أوكرانيا
ويرى دوغين أنه في ما يخص الأزمة الأوكرانية، لا يوجد سوى حل واحد لهذا الوضع وهو تقسيم أوكرانيا إلى قسمين، مع الاعتراف بالسيادة لكل النصفين – الضفة اليمنى الغربية لأوكرانيا، ونوفوروسيا، مع وضع خاص لكييف.

وأكد في حوار متلفز سابق أن الشعب الروسي يؤيد بشكل كامل العملية العسكرية في أوكرانيا، لأنه يدرك أن روسيا على الصواب والغرب على خطأ، متابعاً “10% من الروس موالون للغرب ويعارضون ما يجري ويحاولون تشويه العملية العسكرية في أوكرانيا”، لافتاً إلى بوتين أثبت أنه ليس زعيم عابر ولكن قيصر فبقائه في الحكم مؤشر طيب”.

وقال دوغين إنه في ظل إدارة المحافظين الجدد والعولمة المتطرفة بقيادة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أضحت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة متوترة للغاية لدرجة أن البشرية ليست على شفا حرب باردة (كانت مستمرة منذ فترة طويلة)، بل على وشك حرب نووية، الحرب العالمية الثالثة.

كما تحدث ألكسندر دوغين في مقال سابق له عن فكرة إعادة الدولة الروسية العظمى، وقال “عندما كانت موسكو ضعيفة ومحكومة إما من قبل الحمقى أو العملاء المباشرين للنفوذ الغربي، خسرت روسيا أوكرانيا، التي وقعت في أيدي السياسيين القوميين المتطرفين الذين اختارهم الغرب فوراً. وعندما بدأ بوتين في استعادة سيادة روسيا وقوتها كقوة عظمى، ظهرت القضايا الأوكرانية في المقدمة. وكان زبيغنيو بريجنسكي مقتنعاً أنه من دون أوكرانيا، لا يمكن لروسيا أن تصبح قطباً سيادياً لعالم متعدد الأقطاب. كان ليكون محقاً في ذلك. لقد حددت روسيا اليوم مساراً ثابتاً لتصبح مثل هذا القطب”.