اخبار فلسطين

بنك إسرائيل يرفع سعر الفائدة إلى 4.5% ويحذر من أن التغيير القضائي قد يضر بالاقتصاد بشدة

رفع بنك إسرائيل يوم الإثنين سعر الفائدة للمرة التاسعة على التوالي، ورفع سعر الإقراض الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.5٪، وهو أعلى مستوى منذ ما قبل الانهيار الاقتصادي في عام 2008، حيث يكافح البنك المركزي ضغوط التضخم في الوقت الذي تلقي حالة “كبيرة” من عدم اليقين بسبب الإصلاح القضائي الذي تدفع بها الحكومة بظلالها على الاقتصاد.

وقال محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، متحدثا في مؤتمر صحفي في القدس عقب قرار رفع سعر الفائدة: “من الطبيعي أن يكون لعدم اليقين والأحداث التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة تأثير أيضا على الاقتصاد الإسرائيلي”.

على وجه التحديد، حذر يارون من “عدم اليقين الناجم عن العمليات التشريعية المتعلقة بالنظام القضائي” والتأثير الكبير الذي يمكن أن تحدثه على “التطورات الاقتصادية والمالية على المدى القصير والمدى الأطول، وبالتالي على السياسة النقدية التي ستكون مطلوبة”.

مع استئناف المفاوضات بين الحكومة والمعارضة بهدف التوصل إلى تسوية بشأن تشريع الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي يقترحه الائتلاف يوم الاثنين في مكتب رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، أعرب يارون عن أمله في أنه “إذا تم التوصل فيه إلى قرار يعكس اتفاقا واسعا من خلال الحوار والتعاون، سيكون الاقتصاد أفضل حالا أيضا”.

قررت اللجنة النقدية بالبنك المركزي رفع سعر الفائدة إلى 4.5٪ من 4.25٪، وهي أقل زيادة منذ أبريل 2022. وتأتي هذه الخطوة بعد تسارع التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع في فبراير، وفي الوقت الذي أدى فيه وجود حالة من عدم اليقين بشأن تداعيات التغييرات المقترحة على النظام القضائي إلى تراجع معنويات المستثمرين وتباطؤ في الاستثمارات. أيضا، في نهاية مارس، رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وسط الاضطرابات المالية العالمية التي أعقبت الانهيار الأخير لبنكين أمريكيين.

رفع بنك إسرائيل بشكل مطرد سعر الفائدة من مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1٪ في أبريل الماضي في محاولة لكبح جماح التضخم، الذي ظل يحوم فوق 5٪ من حيث القيمة السنوية على مدى الأشهر الستة الماضية، وهو أقل من النطاق الذي وضعته الحكومة هدفا لها، والذي ترواح بين 1٪ إلى 3٪.

المكاتب الرئيسية لبنك إسرائيل في القدس، 2 يناير، 2023. (Yonatan Sindel/Flash90)

وقال البنك المركزي في بيان “النشاط الاقتصادي في إسرائيل على مستوى عال ويرافقه سوق عمل ضيقة رغم وجود بعض الاعتدال في عدد من المؤشرات. كان هناك بعض الاعتدال في التضخم السنوي، لكن الاعتدال أبطأ من التقييمات السابقة”.

في ما بدا أنها محاولة لانتقاد بنك إسرائيل لرفعه سعر الفائدة بدلا من التوقف لرؤية كيفية تأثير الزيادات على التضخم، دعا وزير الاتصالات شلومو قرعي إلى استبدال رئيس بنك إسرائيل بروبوت.

وكتب قرعي في تغريدة في أعقاب قرار رفع سعر الفائدة “شكرا لمحافظ بنك إسرائيل على هدية العيد الرائعة التي قدمها لمواطني إسرائيل. مع مثل هذا التبلد، عشية عيد الفصح، ربما سيكون من الممكن وضع روبوت في منصب الحاكم، الذي سيتخذ قرارات بشأن زيادة أسعار الفائدة على أساس خوارزمية موضوعية، منفصلة عن الناس”.

إلى جانب إعلان القرار بشأن سعر الفائدة، قام فريق البحث في بنك إسرائيل يوم الاثنين أيضا بمراجعة توقعاته للمؤشرات الاقتصادية، وفي ضوء حالة عدم اليقين “الكبيرة” بسبب التغييرات المقترحة على النظام القضائي وانعكاساتها الاقتصادية، فقد أعد سيناريوهين محتملين للاقتصاد.

وكتب كبير الاقتصاديين في بنك “لئومي”، غيل بوفمان، في مذكرة بحثية بعد قرار رفع سعر الفائدة “يُعتبر الانتقال إلى سيناريوهين أمرا جديدا في منشورات بنك إسرائيل، وهو خطوة استثنائية مقارنة بالماضي، نظرا لتعقيد الوضع ودرجة عدم اليقين التي زادت بشكل ملحوظ”.

في السيناريو الأول، الذي يفترض وصول الإئتلاف الحاكم والمعارضة إلى إجماع واسع بشأن الإصلاح القضائي وحل الخلافات ب لا تؤثر على النشاط الاقتصادي في المستقبل، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.5٪ في عام 2023، بعد تعديله نزولا من نسبة نمو متوقعة بلغت 2.8٪  في يناير، و3.5٪ في 2024.

عاملون من قطاع التكنولوجيا الفائقة يتظاهرون ضد الإصلاح القضائي الذي تخطط له الحكومة، في تل أبيب، 9 مارس، 2023. (Tomer Neuberg / Flash90)

من المتوقع أن يبلغ معدل البطالة 4.1٪ في عام 2023، و4٪ في عام 2024. ويرى خبراء الاقتصاد بالبنك المركزي أن معدل التضخم سيتراجع إلى 3.9٪ بنهاية هذا العام، مقابل نسبة 3٪ التي تم توقعها في يناير، والانتقال إلى 2.3٪ في عام 2024.

في السيناريو الثاني، قدم اقتصاديو البنك المركزي تحليلا للتداعيات الاقتصادية المحتملة اعتمادا على شدة الصدمات على مدى السنوات الثلاث المقبلة إذا أدت التغييرات التشريعية والمؤسسية المقترحة إلى زيادة علاوة المخاطرة في إسرائيل، وكان لها تأثير سلبي على الصادرات، ودفعت إلى انخفاض الاستثمار المحلي وإلى تقليل الطلب على الاستهلاك الخاص.

في حالة انحسار صدمة التغييرات التشريعية بسرعة نسبيا، يمكن أن تبلغ نسبة التأثير المحتمل 0.8٪ سنويا من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة. في حالة استمرار الصدمات من التغييرات، يقدر التأثير المعاكس بحوالي 2.8٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنويا على مدى السنوات الثلاث القادمة.

وعلق بوفمان قائلا: “لا تتضمن هذه السيناريوهات إشارة إلى المسارات المختلفة المتوقعة للتضخم وسعر الصرف وسعر الفائدة”.

حسبت وسائل الإعلام العبرية تأثير السيناريو الأكثر تفاؤلا للبنك، حيث  قدرت قيمة  الضرر للاقتصاد  الإسرائيلي عند 14 مليار شيكل (3.9 مليار دولار) سنويا، في حين تصل قيمة الضرر بحسب السيناريو الأكثر تشاؤما إلى 50 مليار شيكل (13.9 مليار دولار) سنويا على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وأكد يارون هذه الأرقام في مقابلات تلفزيونية ليلة الإثنين، وقال لهيئة البث الإسرائيلية “كان” إنه إذا تم تمرير التشريع ولكن كانت الأزمة “مؤقتة”، فإن التكلفة السنوية ستكون حوالي 14 مليار شيكل، ولكن “إذا تم إدراك أن [عدم الاستقرار الناجم عن عملية الإصلاح] سيطول أمده، عندها ستكون [التكلفة] حوالي 50 مليار شيكل إسرائيلي جديد سنويا على مدار ثلاث سنوات”.

وردا على سؤال حول توقعات بأن تصل التكاليف السنوية المحتملة إلى عشرات المليارات من الشواكل، قال يارون للقناة 12 مساء الاثنين: “يجب على صانعي القرار الانتباه: في كل سيناريو تقريبا، يكون الضرر كبيرا. وكلما طالت المدة التي يُعتقد أن تستغرقها [عملية الإصلاح]  وأن تستمر على الأرجح، كلما زاد احتمال أن يكون الضرر كبيرا جدا”.

عاملون في قطاع الهايتك يتظاهرون ضد خطة الإصلاح القضائي الذي تخطط له الحكومة، على اللافتة كُتب “الوقت ينفذ أمام صناعة الهايتك الإسرائيلية”، تل أبيب، 23 مارس، 2023. (Avshalom Sassoni/Flash90)

وأشار إلى تعليقات صدرت عن العاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) وعناصر أخرى في الاقتصاد مفادها أن المستثمرين “يقفون على الجدار”.

وقال: “إذا تم التوصل إلى حل باتفاق واسع ومن خلال التعاون… فإن الضرر المحتمل… سيتم التغلب عليه بسرعة أكبر”، وأضاف “عدم اليقين هو أمر سيء في الاقتصاد، بالتأكيد فيما يتعلق بكل الأشياء التي تحدث الآن”.

ليلة السبت، تظاهر مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء البلاد ضد خطط الإصلاح القضائي للحكومة حتى عندما أوقف ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليميني المتشدد الأسبوع الماضي التشريعات الخاصة بالتغييرات المقترحة للسماح بالحوار حول جهود الحكومة المثيرة للانقسام لإضعاف نظام العدالة.

وفقا لخبراء اقتصاديين في بنك هبوعليم، “من المحتمل أن تظل حالة عدم اليقين السياسي عاملا مهما في الأشهر المقبلة، مما يؤثر على مزاج المستثمرين من الخارج والمستهلكين في إسرائيل”.

من بين المتظاهرين العديد من رواد الأعمال والمستثمرين والعاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة، الذين أعربوا في الأشهر الأخيرة عن معارضتهم للتغييرات المقترحة التي من شأنها أن تمنح الحكومة وزنا أكبر في اختيار القضاة مع الحد من سلطة المحكمة العليا في إلغاء التشريعات.

يتمثل مصدر القلق الرئيسي في أن الإصلاح القضائي سيؤدي إلى تآكل الديمقراطية وإضعاف الضوابط والتوازنات، الأمر الذي يُخشى بدوره أن يجعل أصحاب رؤوس الأموال وغيرهم من صناع الأموال متخوفين من استثمار أموالهم في البلاد، مما قد يؤدي إلى تدفق الأموال إلى الخارج.

شركة التكنولوجيا الإسرائيلية البارزة Riskified هي آخر شركة محلية تعلن عن تحويل مبلغ 500 مليون دولار إلى خارج البلاد وعرض عدد محدود من حزم الانتقال للعمل خارج البلاد على الموظفين المعنيين.

وأشار بنك إسرائيل إلى أن هناك بالفعل تطورات في الأسواق تشير إلى زيادة في علاوة المخاطرة على الاقتصاد.

وقال يارون: “بينما ارتفعت الأسعار في أسواق رأس المال في جميع أنحاء العالم منذ عام وحتى الآن، كان أداء مؤشرات الأسهم في إسرائيل ضعيفا مقارنة بها وانخفض على مدار العام وحتى الآن”، وأضاف “كانت هناك تقلبات عالية في الشيكل في الأسابيع الأخيرة والذي تأثر أيضا بالأحداث الأخيرة في البلاد”.

وتابع: “منذ بداية العام، كان هناك انخفاض ملحوظ في قيمة الشيكل مقابل الدولار ومن حيث سعر الصرف الفعلي الاسمي، وحتى بعد الانفصال عن العلاقة القوية التي كانت قائمة بين S&P 500 و سعر الصرف”.

في الأسابيع الأخيرة ، حذر يارون من الخطر الاقتصادي المحتمل الذي تمثله محاولة الحكومة لكبح نظام العدالة، محذرا من تباطؤ الاستثمارات في صناعة الهايتك المحلية ومخاطر هجرة الأدمغة.

جمعت شركات التكنولوجيا الإسرائيلية 1.7 مليار دولار في الربع الأول من هذا العام، بانخفاض بنسبة 70٪ عن 5.8 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022، وفقا لتقرير صادر عن مركز أبحاث IVC ومؤسسة LeumiTech المالية  يوم الأحد. يمثل الربع أدنى رقم في أربع سنوات. يوظف قطاع الهايتك حوالي 10٪ من القوى العاملة في البلاد والتي تمثل حوالي 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من نصف الصادرات وحوالي 25٪ من الدخل الضريبي.

وأشار يارون إلى أن دورة رفع أسعار الفائدة للبنك المركزي قد تنتهي قريبا، مع عدم استبعاد المزيد من الزيادات في حالة حدوث تضخم مفاجئ وغير معتدل بالوتيرة المتوقعة.

وقال بوفمان “بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يواصل بنك إسرائيل رفع سعر الفائدة على الأرجح بمقدار 25 نقطة أساس في القرار القادم. في حال تحقق السيناريو المتشائم، يبدو أن هذا سينعكس في زيادة حادة في التضخم وفي سعر الفائدة مقارنة بالسيناريو الذي يوجد فيه اعتدال في نطاق المخاطر”.