حوادث وقضايا

منصات ابتزاز أولياء الأمور | الوفد

دروس خصوصة «أونلاين».. والدفع بـ«الفيزا».. والطلاب حائرون

 

«حجزنا ودفعنا الاشتراك بالفيزا ولكن لم نحصل على الخدمة وقمنا بمكالمة خدمة العملاء ولكن لم توجد هناك استجابة» لم تكن هذه شكوى أحد المواطنين من طلبه لشراء منتج ولم يحصل عليه ولا مشكلة مع شركات الاتصالات سيئة الخدمة دائماً، ولكنها شكوى من إحدى المنصات المخصصة للتعليم عن بعد، لتدريس المناهج للطلاب بشكل تفاعلى «أونلاين»، حيث أكد صاحب الشكوى أن المنصة حصلت على المال ولكنه لم يحصل على المنهج والحصص التفاعلية المتفق عليها.
 

هذه الشكاوى تتكرر باستمرار بعد أن أصبحت الدروس الخصوصية أونلاين خاصة فى المرحلة الثانوية، ففى عام 2020 جاءت جائحة «كورونا» لتغير الأوضاع فى العالم وعلى رأسها التعليم، حيث أصبح لا مفر من التوجه نحو مزيد من التعلم الإلكترونى عبر منصات تفاعلية، وازدادت تلك المنصات شهرة وأصبحت محط جذب أنظار كثير من أولياء الأمور والطلبة، ولكن السؤال الذى نطرحه ونحاول الإجابة عنه فى السطور التالية: هل هناك ضوابط لتلك المنصات؟ وهل تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم وهل نحصل على تراخيص بذلك؟ وما هى إيجابياتها وسلبياتها؟
شكاوى من غياب الرقابة.. والوزارة تنافس بمنصة «حصص مصر»

تشترك معظم المنصات فى شرح أهدافها وتقديم خدماتها المتنوعة للطلبة بشكل تفاعلى باستخدام الإنترنت، وهناك منصات تقوم بتسجيل الحصص مع المدرس مسبقاً، وهناك منصات تفاعلية يكون التواصل مع معلم المادة بشكل مباشر، وطريقة الاشتراك أن يقوم الطالب باختيار المدرس الذى يرغب فى الدراسة معه ويقوم بتسجيل حساب على المنصة ودفع الأموال عبر «الفيزا كارد» أو خدمة «فوري» وبعدها يحصل على كود يتم إدخاله ثم يبدأ فى تلقى الدروس، وكل حصة يكون لها ثمن محدد يدفعه الطالب قبل بداية الحصة.
 

كما توجد منصات تتيح حصة تجريبية مجانية لكى يقارن الطالب بين المعلمين لاختيار أحدهم للتعامل معه، ثم يقوم المدرس بتكوين مجموعة ودعوة طلابه للدراسة بشكل تفاعلى، بحيث يتابع طلابه ويشرح لهم الدروس ويمكن للطالب أن يطرح أى سؤال أثناء الحصة ويجيب عليه المعلم بشكل مرئى، وفى المقابل تحصل المنصة على نسبة مالية من المعلم للتدريس من خلالها.
 

تغرى تلك المنصات الطلاب للاشتراك فيها من خلال موقعها الرسمى معلنة: بدلًا من أن يضطر الطلاب إلى مغادرة منازلهم لحضور الحصص، يستطيعون الآن الحصول على المعرفة وهم جالسون فى منازلهم، مما يقلل احتمالية تعطيل وتيرة سير الدراسة إلى أقل

حد ممكن، ويلتزم الطلاب خلال تلك الدورات بالحضور وحل الأسئلة والواجبات المنزلية والاختبارات كما لو كانوا فى درس خصوصى حضورى».
شكاوى من غياب الرقابة.. والوزارة تنافس بمنصة «حصص مصر»

لكن المشكلة أن تلك المنصات ليست حاصلة على أى تراخيص ولا تخضع لأى رقابة من وزارة التربية والتعليم، ولا تستطيع معرفة خبرة وقوة المعلمين عليها، بل إن هناك بعض المدرسين خرجوا على مواقع «السوشيال ميديا» يتهمون تلك المنصات بالنصب وعدم تسديد حقوقهم المادية بعد تدريس بعض الحصص للطلبة، وهناك بعض المدرسين قاموا بإنشاء صفحات على «الفيسبوك» بأسمائهم وأرقام هواتفهم المحمولة وبث إعلانات ممولة من أجل التدريس للطلبة عبر الإنترنت، ويعطى رقم حساب أو كود لتحويل ولى الأمر أو الطلبة الأموال عليه من أجل التدريس، مؤكدين أن التعليم أصبح وسيلة تجارية فقط، ولا يكون هناك تواصل بين الطالب والمعلم إلا أثناء الحصة فقط، كما أن بعضهم أصبح يعطى مراجعات نهائية بمبالغ تتخطى 500 جنيه، ويقومون بتصميم أغلفة «بوسترات» مثل النجوم من أجل جذب وخداع الطلبة للاشتراك وتحويل الأموال إليهم فى غفلة من وزارة التربية والتعليم.
 

وفى إطار الدور القانونى هناك تجريم للدروس الخصوصية، وفقًا لقوانين الإجراءات الجنائية والإدارة المحلية وتعديلاتهما وقانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 وقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016.
 

وينص القانون على أن «يعاقب بالغرامة التى لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه كل من أعطى درسًا خصوصيًا فى مركز أو «سنتر» تعليمى أو فى مكان مفتوح للجمهور بصفة عامة، ويعاقب أيضاً مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 3 سنوات، كل من ساهم أو اشترك بأية وسيلة فى ارتكاب تلك الجريمة»، ولكن يتم التحايل على بنود القانون، حيث أصبح كثير من المعلمين يقومون بتدشين منصات إلكترونية تعليمية خاصة لبث دروس تفاعلية للطلاب.
 

وحول مدى الإقبال على تلك المنصات تباينت آراء أولياء الأمور فالبعض يؤيدها والآخر يرفضها، وقال محمد سلطان موظف، إنه يعول 3 أطفال فى مراحل التعليم الإبتدائى والإعدادى ويخشى عليهم الخروج للدروس

فى سن صغيرة، ويقول لذلك لجأت للتعامل مع أحد المدرسين عبر الانترنت حيث أدفع ثمن الحصة مقدما عبر خدمة «الكاش» موبايل، ويقوم المدرس بالشرح لأبنى، وهو مثل البث المباشر وتكون الحصة تفاعلية ويتراوح سعرها بين 120 و150 جنيهًا حسب المعلم والمادة.
 

حنان يوسف موظفة، تقول إنها تدعم فكرة التعلم عبر الإنترنت لابنتها الطالبة بالصف الثانى الثانوى، مشيرة إلى أن معظم الدروس أصبحت «أونلاين» وهى خدمة جيدة وتوفر الوقت والمجهود ولكن المشكلة أننا لا نعلم المدرس وإمكاناته وقدرته على الشرح، وابنتى تدرس مادتين أونلاين، وجاء ترشيح المدرس من خلال أصدقائها ولكن أسعارهم مبالغ فيها، حيث تبدأ الحصة من 100 جنيه رغم أنها أونلاين فلابد أن تكون الأسعار أقل لتشجيع تلك الخطوة.
 

من جانبها، ترفض سناء حسين، موظفة، فكرة الاشتراك بمنصات بمقابل مادى، وترى أنها مثل الدروس الخصوصية ولكن إلكترونية، وكل هدفها استنزاف أموال أولياء الأمور والطلبة، وأنه لابد أن تراقب وزارة التربية والتعليم تلك المنصات والتطبيقات وتفرض ضوابط رقابية عليها، فالقائمون عليها يحصلون على مبالغ كبيرة من الطلبة وأسرهم، مؤكدة أنها تعطى ابنها دروسًا خصوصية مع مدرس معروف عنه أنه جيد فى شرحه وطريقة تدريسه.
 

على الجانب الآخر أتاحت وزارة التربية والتعليم منصة «حصص مصر» والتى أعلنت مؤخرًا عن مراجعات نهائية ونماذج امتحانات أون لاين للصفوف من الثالث الإعدادى وحتى الثالث الثانوى مقابل مبلغ بسيط.
 

وأعلنت الوزارة عن أنها «أطلقت المنصة ليستمتع الطلاب بتجربة تعليمية فريدة توجههم للتعلم من خلال التطبيق وممارسة المعرفة بدلًا من الحفظ، وتزود الطلاب بالمهارات اللازمة للإجابة عن الاختبارات وفقاً لنظام الامتحانات الجديد، وتقدم منصة حصص مصر مراجعة نهائية للمواد التعليمية وأسئلة امتحانات من خلال مدرسين أكفاء معتمدين من الوزارة ومدربين على النظام الجديد لفهم المناهج والتعامل مع نظام التقييم الجديد».
 

وأكدت بثينة عبدالرؤوف الخبير التربوى، أن التعليم وصل إلى مرحلة متأخرة ومن أحد أسبابها الدروس الخصوصية بكافة أشكالها سواء إلكترونى أو حضورى مع المعلم، إذ أصبح التعليم تجارة أكثر منه عملية تعليمية وتطوير لمهارات الطالب الاستيعابية، ولذلك أصبح التعليم «بيزنس» يدر دخلًا كبيرًا لبعض المدرسين المشهورين، الذين أصبحوا كنجوم السينما، ويقوم بعضهم بالتدريس لآلاف الطلاب فى انتهاك واضح وصريح لمعايير الضمير المهنى لتعليم الطلبة والاهتمام بكل طالب ومتابعته.
 

وأشارت الخبير التربوى إلى أن الأمر الوحيد الإيجابى فى الدروس «الأونلاين» هو توفير الوقت والجهد للذهاب إلى الدروس، ولكن عيوبها أكثر من مميزاتها فلا الطالب ولا ولى الأمر يعلمون قدرات المدارس ولا طريقة شرحه ولا تخضع هذه المنصات لرقابة وزارة التربية والتعليم.
 

وأوضحت، أن هناك شكاوى دائمة من أسعار المنصات الإلكترونية الخاصة المبالغ فيها، ولا توجد قوانين حتى الآن تجرم إنشاءها مضيفة: إنه ليس كل من يمارس مهنة التدريس معلمًا، وأحياناً يعمل عليها أشخاص غير مؤهلين تربويًا طمعًا فى الأرباح الكبيرة لأن عدد الطلبة فى مصر يتخطى الـ20 مليون طالب فى جميع المراحل الدرسية.