اخر الاخبار

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده خلال «عملية جنين»

هل تُعجِّل تسمية السفيرين بالقمة الرئاسية بين مصر وتركيا؟

بعد جولات متوالية من المشاورات، أعلنت مصر وتركيا (الثلاثاء)، رفع علاقاتهما إلى مستوى السفراء، في خطوة وصفها خبراء بـ«المهمة». وقدّروا أنها «قد تُعجل» بإقامة القمة المرتقبة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، بعد عقدٍ من خفض العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى مستوى القائم بالأعمال، عقب الإطاحة بحكم الإخوان في مصر، في عام 2013.

وأصدرت خارجيتا البلدين بيانين متزامنين عن الخطوة، ورشحت القاهرة السفير عمرو الحمامي سفيراً لها في أنقرة، ورشحت تركيا السفير صالح موطلو شن، ليقود طاقمها الدبلوماسي في مصر. وكان الحمامي قد تم تعيينه قائماً بالأعمال لمصر في تركيا في أغسطس (آب) عام 2019، بينما تم تعيين موطلو شن قائماً بالأعمال لتركيا في مصر في أبريل (نيسان) عام 2022.

ورحب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بالقرار المشترك، واعتبره، في تصريح صحافي، «تطوراً إيجابياً يسهم في تهدئة الأجواء في الإقليم وتعزيز التواصل الدبلوماسي كسبيل لحل المشكلات».

ومن المتوقع أن تسفر استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عن إنعاش العلاقات الاقتصادية والسياحية الثنائية، وذلك بعدما قررت مصر في مايو (أيار) الماضي، تسهيل حصول مواطني تركيا على تأشيرة الدخول لدى وصولهم إلى المطارات المصرية.

ويرى عضو مجلس الشيوخ المصري الدكتور عبد المنعم سعيد، أن الخطوة التالية ربما تكون لقاء قمة بين رئيسي البلدين؛ «للتعامل مع قضيتين أساسيتين، وهما: أزمة ليبيا، وملف غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث لا تشهد مصالح البلدين في القضيتين تناغماً».

وعقب مصافحة السيسي وإردوغان، على هامش افتتاح كأس العالم في قطر، في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تسارعت وتيرة تطبيع العلاقات المصرية – التركية، التي انطلق قطارها في عام 2021.

ويشير سعيد إلى وجود باب للتعاون بين أنقرة والقاهرة؛ «لكبح جماح العنف الإسرائيلي، في ظل الظروف الفلسطينية الملتهبة حالياً»، مضيفاً: «أرى أن الظروف تحتاج إلى لقاء قمة بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية».

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، (اليوم الثلاثاء)، إنه «لا يمكن أن تبقى تركيا ومصر، اللتان تجمعهما روابط تاريخية وجغرافية وثقافية واستراتيجية ودينية، بعيدتين عن بعضهما».

وفيما يرى سعيد أن الاستقرار في ليبيا مصلحة للطرفين، يقول إنه فيما يخص ملف غاز شرق المتوسط، سيكون الطلب المصري الطبيعي هو توقيع تركيا على «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار»، لتكون معياراً لترسيم الحدود البحرية بينهما، أسوة باتفاقيات مماثلة أبرمتها مصر مع السعودية، وقبرص، واليونان.

وشكّل زلزالا تركيا اللذان ضربا مناطق في جنوب البلاد في 6 فبراير (شباط) الماضي دفعة للعلاقات، لا سيما بعد زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للمناطق المنكوبة في تركيا. وأعقب ذلك زيارة وزير الخارجية التركي السابق مولود جاويش أوغلو لمصر في مارس (آذار)، ثم زيارة شكري لتركيا في أبريل. وأجرى السيسي في اليوم الثاني لوقوع الزلزالين، اتصالاً بإردوغان، في أول تماسٍّ بعد مصافحتهما ولقائهما في الدوحة.

ويقول الباحث في الشأن التركي، كرم سعيد، إنه «ما كان للدولة المصرية أن توافق على رفع العلاقات الدبلوماسية مع تركيا لولا الوصول إلى حدود آمنة من التفاهم حول القضايا الخلافية، وتحديداً المسألة الليبية، لأن ملف (الإخوان) لم يعد ورقة ضاغطة على مصر، ولا ورقة رابحة للأتراك في هذا التوقيت». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن دول الإقليم تتجه إلى توسيع التنسيق فيما بينها، «بهدف تصفير مشكلاتها، وتعزيز مساحات التنسيق والتفاهم فيما بينها».

ولم يكن مسار التطبيع متعلقاً فقط بقضية احتضان تركيا لقيادات الإخوان المسلمين وبعض المطلوبين في قضايا إرهابية، وإنما وضعت القاهرة شروطاً أهمها: وقف تركيا تدخلها في شؤون دول المنطقة، والالتزام بمعايير القانون الدولي، وسحب قواتها من عدد من الدول العربية، وفي مقدمتها ليبيا.

ويقول السفير عزت سعد، مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن رفع العلاقات لمستوى السفراء «يوفر أداة أفضل لإدارة الخلافات على أمل أن يتم حلها، ولا يعني ذلك أن كل الأمور تمت تسويتها». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال إن هذا المعنى ينصرف إلى قضيتي غاز شرق المتوسط، والملف الليبي.

وجاءت التطورات الأخيرة ترجمة لجهود انطلقت منذ عام 2021، لإعادة مسار العلاقات إلى طبيعته، أسفرت عن فرض قيود على القنوات الناطقة باسم الإخوان وإغلاق إحداها، وهي قناة «مكملين» التي رحلت إلى لندن، كما تم منع قيادات الإخوان من الإدلاء بأي تصريحات أو ممارسة أنشطة من شأنها التحريض، أو محاولة زعزعة الاستقرار في مصر. ويقول الدكتور عبد المنعم سعيد إن ملف الإخوان في العلاقات التركية – المصرية «انكمش كثيراً، بعد انتقال كل المحطات الرئيسية للجماعة إلى لندن وأماكن أخرى».

انتعاش منتظر

وفي تصريحات خلال نوفمبر الماضي، توقع القائم بالأعمال التركي، الذي تم ترشيحه لمنصب السفير، تضاعف أعداد السياح الأتراك القادمين إلى مصر 3 مرات، وارتفاع حجم التبادل التجاري، الذي وصل إلى 9.7 مليار دولار حالياً، إلى 20 مليار دولار، وذلك على المدى المتوسط.

وتعد تركيا أكبر سوق تصدير لمصر، وكذلك أكبر مشترٍ للغاز المصري، كما تسعى تركيا إلى استئناف عمل خط رحلات الـ«رو رو» بين مدينتي مرسين والإسكندرية، الذي توقف قبل 9 سنوات بسبب بعض المشكلات اللوجيستية.