اخبار فلسطين

مع تزايد الاعتداءات على المسيحيين، تلوح أزمة في الأفق بالنسبة لإسرائيل

في ديسمبر 2018، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في حديثه إلى مسيحيين صهاينة في ريو دي جانيرو: “إذا كنت مسيحيا في الشرق الأوسط، فهناك مكان واحد فقط حيث تكون فيه آمنا. هناك مكان واحد فقط حيث ينمو المجتمع المسيحي ويزدهر. هذا المكان هو دولة إسرائيل”.

ادعاء نتنياهو هو عنصر مركزي في الصورة التي يطرحها المسؤولون الإسرائيليون عن الدولة عند التحدث إلى الجماهير الغربية.

قبل عيد الميلاد العام الماضي، نشر الحساب الرسمي لإسرائيل على تويتر مقطع فيديو لرئيس قسم الدبلوماسية الرقمية بوزارة الخارجية دافيد سارانغا في “جولة سحرية بمناسبة عيد الميلاد” عبر البلدة القديمة في القدس.

إن صورة التعايش الآمن التي رسمها المسؤولون الإسرائيليون تتعارض بشكل صارخ مع التجارب التي يصفها القادة المسيحيون في القدس. في حين أنهم يقرون دون تردد بعدم وجود جهد منظم أو حكومي ضدهم، يتحدث رجال الدين المسيحيون في البلدة القديمة عن جو متدهور من المضايقات، واللامبالاة من السلطات، والخوف المتزايد من أن حوادث البصق والتخريب يمكن أن تتحول إلى شيء أكثر قتامة.

ومع تعرض نتنياهو للانتقادات بالفعل من الحلفاء الغربيين بشأن السياسات تجاه الفلسطينيين ومحاولات الإصلاح القضائي، فإن تدهور سلامة المسيحيين أو على الأقل قادة الكنيسة الذين ينشرون تلك الرواية يمكن أن يصبح مشكلة دبلوماسية خطيرة أخرى للحكومة الإسرائيلية التي تجد نفسها في موقف غير موات أصلا.

مسيرة تلاميذ المدارس

يوم الجمعة، انطلق مئات من تلاميذ المدارس الكاثوليكية في القدس في مسيرتهم التقليدية على طول طريق الآلام كما يفعلون كل عام خلال أيام الصوم الأربعين.

تلاميذ المدارس الكاثوليكية يسيرون في طريق الآلام، 24 مارس، 2023. (Filippo De Grazia)

لكن هذه المرة كان الأمر مختلفا.

انطلق الطلاب من كنيسة حبس المسيح، المحطة الثانية للصليب، وارتدى جميعهم أوشحة حمراء متطابقة تحمل صورة تمثال مكسور للمسيح، تمثال “المخلص المجلود” الذي دمره سائح أمريكي يهودي في الكنيسة في فبراير.

لم تقتصر المسيرة، التي انضم إليها اثنان من كبار الشخصيات الكاثوليكية في الأراضي المقدسة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا وحارس الأراضي المقدسة فرانشيسكو باتون على الاحتجاج على هذه الواقعة.

قال باتون: “نشعر بالرعب والأذى في أعقاب العديد من حوادث العنف والكراهية التي وقعت مؤخرا ضد الطائفة الكاثوليكية في إسرائيل”.

الأب فرانشيسكو باتو ، حارس الأراضي المقدسة نيابة عن الكنيسة الكاثوليكية. (Courtesy)

واستشهد بسبع حوادث وقعت في الأسابيع الأخيرة، موضحا أنه “ليس من قبيل المصادفة أن هذه الحوادث الخطيرة تحدث الآن على وجه التحديد”.

“نتوقع ونطالب من الحكومة الإسرائيلية وأجهزة إنفاذ القانون بالعمل بكل حزم للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة”.

بينما كانت هناك منذ فترة طويلة حوادث تخريب ومضايقات دورية ضد رجال الدين المسيحيين في البلدة القديمة بالقدس، شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في الهجمات.

في نوفمبر، تم اعتقال جنديين من لواء “غفعاتي” في الجيش الإسرائيلي للاشتباه في قيامهما بالبصق على رئيس الأساقفة الأرمنيين وحجاج آخرين خلال موكب في البلدة القديمة.

في أوائل يناير، تم القبض على قاصرين يهوديين بتهمة تدنيس قبور في المقبرة البروتستانتية في جبل صهيون.

حسام نعوم، أسقف أنجليكاني فلسطيني، يتفقد قبرا مدمرا حيث تم تدنيس عشرات القبور في المقبرة البروتستانتية التاريخية في جبل صهيون في القدس، 4 يناير، 2023. (Mahmoud Illean / AP)

في الأسبوع التالي، تعرض المركز المجتمعي الماروني في مدينة معلوت ترشيحا في شمال البلاد للتخريب على أيدي مهاجمين مجهولين خلال عطلة عيد الميلاد.

كما تم استهداف مبان الطائفة الأرمنية في القدس من قبل معتدين، حيث تم خط العديد من العبارات العنصرية على الجدران الخارجية للمباني في الحي الأرمني. ووفقا للبطريركية الأرمنية، تم خط عبارات “الانتقام” و “الموت للمسيحيين” و “الموت للعرب والوثنيين” و “الموت للأرمن” على جدران في هذا الحي.

استمرت الهجمات في الظهور. في إحدى ليالي الخميس في أواخر يناير، ألقت عصابة من المراهقين اليهود المتدينين الكراسي على مطعم أرمني داخل الباب الجديد بالمدينة. وقع الاعتداء في كنيسة حبس المسيح في الأسبوع التالي.

Watch: Israeli settlers Thursday evening attacked an Armenian restaurant at the New Gate in the Christian Quarter of the occupied city of Jerusalem. pic.twitter.com/Tt604bJkTP

— Wafa News Agency English (@WAFANewsEnglish) January 27, 2023

وفي الأسبوع الماضي، اعتُقل أحد سكان جنوب إسرائيل بعد أن هاجم قساوسة بقضيب حديدي في قبر السيدة العذراء في الجتسمانية.

وقالت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية: “الهجمات الإرهابية التي شنتها الجماعات الإسرائيلية المتطرفة، والتي تستهدف الكنائس والمقابر والممتلكات المسيحية… أصبحت حدثا يوميا تقريبا تزداد حدته بشكل واضح خلال الأعياد المسيحية”.

ولا تظهر جميع الحوادث في الأخبار. يوم الثلاثاء الماضي، قال الأب ماثيو، سكرتير البطريرك اليوناني الأرثوذكسي ثيوفيلوس الثالث، لـ”تايمز أوف إسرائيل”، إن شابين يهوديين متدينين قاما بالبصق على كاهن معاق سار ببطء خارج دير الروم الأرثوذكس. عندما واجه قس آخر المهاجمين، نزعا قميصيهما لإظهار عبوات رذاذ الفلفل.

وبحسب الأب ماثيو، اعتقلت الشرطة المهاجمين ثم أطلقت سراحهما.

وقالت شرطة القدس لتايمز أوف إسرائيل إنها ليست على دراية بالحادثة، وطلبت الحصول على تفاصيل إضافية.

شرطي حرس حدود يقف بجانب كتابات معادية للمسيحيين بالعبرية تم خطها على كنيسة رقاد السيدة العذراء في القدس، 31 مايو، 2013. (Flash90)

ينتقد مسؤولو الكنيسة استجابة الشرطة بشكل عام.

قال أمير دان، المتحدث باسم الحراسة الفرنسيسكانية للأراضي المقدسة: “تحاول الشرطة تصوير كل هجوم على أنه حدث منعزل، ويحاولون تصوير المهاجمين على أنهم غير مستقرين عقليا. وبذلك، فإن الشرطة تنأى بنفسها عن أي مسؤولية”.

وبالفعل، عقب هجوم كنيسة حبس المسيح، قالت الشرطة إنها تتحقق مما إذا كان المشتبه به يعاني من مشاكل في الصحة العقلية. وقالت الشرطة لتايمز أوف إسرائيل إن المهاجم في قبر مريم وهو مسيحي إسرائيليمولودفي نُقل إلى مستشفى للأمراض العقلية بشكل مؤقت.

سائح أمريكي (على اليسار) يُقتاد من قبل الشرطة للاشتباه في أنه قام بتحطيم تمثال في كنيسة الجلد في البلدة القديمة في القدس، 2 فبراير، 2023 (Israel Police)

يشعر الفرنسيسكان في البلدة القديمة بقلق بالغ لدرجة أنهم يغلقون أبواب مجمعهم في سان سالفاتور في البلدة القديمة ليلا منذ تدنيس تمثال المسيح. وقال الأب ألبرتو باري، سكرتير الحراسة، إنه لم يتم اتخاذ مثل هذا الإجراء في الماضي.

وكرر العديد من المسؤولين الاتهام بأن تصاعد الهجمات مرتبط بالائتلاف الحاكم الحالي، الذي يضم شخصيات يمينية متطرفة مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

الأب الفرنسيسكاني ألبرتو باري، سكرتير حراسة الأراضي المقدسة. (Lazar Berman/The Times of Israel)

وقال باري “بسبب وضع الحكومة، يشعر بعض المتطرفين أن لديهم من يحميهم. لن يوقفهم أحد إذا فعلوا شيئا ربما كانوا يفكرون في فعله من قبل أيضا. ولكن آنذاك كانت هناك سيطرة أكبر من قبل الشرطة أو أنهم لم يحظوا بدعم بعض القادة السياسيين”.

يوافق دان تقييم باري “لسوء الحظ بعد انتخاب هذه الحكومة، هناك من يشعر أن بإمكانه فعل ما يريد. بإمكانهم رفع قبضاتهم ولن يحدث لهم شيء”.

الوزارات المعنية

الهيئات الإسرائيلية التي على اتصال مع الكنائس في إسرائيل تدين الهجمات وتؤكد أنها على علم بالمشكلة.

وزير الامن القومي ايتمار بن غفير في مؤتمر القدس السنوي لمجموعة “بشيفع” في القدس، 21 فبراير، 2023. (Yonatan Sindel / Flash90)

وقالت تانيا بيرغرفائيلي، مديرة قسم ديانات العالم في وزارة الخارجية، “نحن منتبهون للغاية”.

وأضافت أن مكتبها اتصل بالبطريركية اليونانية بعد الهجوم على كنيسة قبر مريم للتعبير عن تضامنه وإدانة الهجوم كما يحدث بانتظام.

وقالت “هذه الهجمات لا تمثل المجتمع الإسرائيلي”.

وزارة الداخلية قالت لتايمز أوف إسرائيل إن دائرة الطوائف الدينية التابعة لها على اتصال وثيق بحراس الأراضي المقدسة، وأنها زارت البطريرك بيتسابالا والمقبرة البروتستانتية مؤخرا، وأنها تشارك في التعامل مع حوادث البصق والاعتداءات في الشمال.

وقال المتحدث باسم الوزارة في بيان إن “وزاة الداخلية، من خلال قسم الطوائف، تعمل باستمرار من خلال أخلاقيات إرشادية لتوفير حرية الدين والعبادة، وحماية الوضع الراهن والأماكن المقدسة، وهي موجودة في جميع الأوقات لتقديم يد العون والمساعدة قدر الإمكان، وتأمل في أن تنتهي أعمال العنف على الفور”.

وأضافت الوزارة أن الأمن الشخصي لسكان إسرائيل هو من مسؤولية الشرطة.

وأكدت الشرطة لتايمز أوف إسرائيل أنها ألقت القبض على الشخص الذي اعتدى على كنيسة قبر مريم قبل أن يتسبب في أي أضرار أو إصابات،. وأنها حققت مع الشاب البالغ من العمر 27 عاما وأحالته إلى المحكمة لتمديد اعتقاله.

وقالت الشرطة في بيان: “إننا ننظر بخطورة بالغة إلى جميع أنواع العنف، وسنواصل العمل ضد أعمال العنف بشكل عام، والعنف في الأماكن المقدسة على وجه التحديد، دون المساومة على الهدف المتمثل في جلب الجناة للعدالة “.

وقادت نائبة رئيس بلدية القدس فلور حسنناحوم محاولات السيطرة على الوضع على مستوى البلدية.

نائبة رئيس بلدية القدس والمؤسسة المشاركة لمجلس الأعمال الإماراتيالإسرائيلي فلور حسن ناحوم، خلال مقابلة في حبتور بالاس بدبي، الإمارات العربية المتحدة، 13 أكتوبر، 2020. (Giuseppe CACACE / AFP )

وقالت حسنناحوم لتايمز أوف إسرائيل “لقد أصبحنا أكثر دراية بالوضع بشكل متزايد. في إطار دوري كرئيسة للسياحة والعلاقات الدولية، قمت بجمع جميع أصحاب المصلحة المختلفين للحديث عن الحلول”.

اطلع تايمز أوف إسرائيل على محضر اجتماع ترأسته حسنناحوم في ديسمبر، حيث سعى أعضاء البلدية والشرطة وممثلون من المنظمات غير الحكومية في البلدة القديمة إلى التصدي للهجمات.

وقالت تامي لافي من “مركز الحوار بين الثقافات” في القدس للمنتدى إن ما لا يقل عن 50٪ من مواكب أيام الجمعة الأرمنية تتم مقاطعتها عن طريق البصق أو الشتم أو السير عمدا خلال سير الموكب.

يهود أرثوذكس متشددون يقرؤون سفر مراثي إرميا خارج أحد مداخل الحرم القدسي، خلال صيام “تشعا بآبف” السنوي (التاسع من آب) الذي يحيي ذكرى تدمير الهيكلين اليهوديين، 14 أغسطس، 2016، في البلدة القديمة بالقدس. (AFP PHOTO / AHMAD GHARABLI)

ألقى الحاضرون الكثير من اللوم على أعضاء طائفة”زيلبرمان”، وهي مجتمع ليتواني أرثوذكسي متشدد قوامه 300 عائلة في البلدة القديمة والذي يميز نفسه عن المجتمعات الحريدية الأخرى بنهجه الفريد في دراسة التوراة التي تشمل أفكارا لليمين الصهيوني.

في اجتماع البلدية، وافق عضو البلدية اليميني يهوناتان يوسف على التوجه مع نائب رئيس البلدية والناشط أرييه كينغ للتحدث مع حاخامات زيلبرمان وحضهم على منع طلابهم من مضايقة السياح المسيحيين والاحتفالات المسيحية.

ضريبة خطابية

على الرغم من تصاعد العنف مؤخرا، فلقد دق قادة الكنيسة في إسرائيل ناقوس الخطر قبل تولي الحكومة الحالية السلطة بفترة طويلة. لكن العديد من المسؤولين الإسرائيليين يشعرون أن الكنائس غالبا ما تذهب بعيدا، حيث تدفع نوعا من الضرائب الخطابية للسلطة الفلسطينية كل عام على حساب إسرائيل لضمان سلامة أتباع الكنيسة الفلسطينيين.

علاوة على ذلك، على الرغم من أن رؤساء العديد من الكنائس غالبا ما يكونون أوروبيين، إلا أن الكنائس والكهنة هم في الأساس فلسطينيون، والكنائس المحلية مليئة باللاهوت التحرري الفلسطيني. في هذه المدرسة الفكرية، يلعب اليهود الصهاينة دور الرومان القمعيين، في حين أن الفلسطينيين هم أتباع المسيح. تُعتبر أفكار قديمة ومستمرة تتعلق بتحميل اليهود مسؤولية قتل المسيح واتهامهم بنزعة فوقية من السمات المعتادة في خطاب الكنيسة الفلسطينية.

الناس يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة المهد، في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، 28 مارس، 2021 (AP Photo / Majdi Mohammed)

في عام 2021 قوبل بيان صدر عن “البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس” قبيل عيد الميلاد حذروا فيه من أن الجماعات اليهودية المتطرفة تعمل على طرد المسيحيين بغضب شديد من قبل وزارة الخارجية بقيادة يائير لبيد ورئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، اللذين لا يمكن اعتبار أي منهما متطرفا من اليمين.

قال بيان إسرائيلي إن اتهامات قادة الكنيسة “لا أساس لها وتحرف واقع المجتمع المسيحي في إسرائيل”.

وتابع البيان أن “بيان قادة الكنيسة في القدس يثير الغضب بشكل خاص بالنظر إلى صمتهم بشأن محنة العديد من الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط التي تعاني من التمييز والاضطهاد”.

مسيحيون عرب إسرائيليون يحتفلون بعيد الميلاد في الناصرة، 24 ديسمبر، 2021. (AP / Ariel Schalit)

بعد أيام من ذلك، أصدرت الدائرة المركزية للإحصاء تقريرا يفيد بأن المجتمع المسيحي في إسرائيل نما بنسبة 1.4٪ في عام 2020 ويبلغ عدده حوالي 182 ألف شخص، قال 84٪ منهم إنهم راضون عن الحياة في البلاد. وكشفت الإحصائيات أن النساء العربيات المسيحيات حصلن على بعض أعلى معدلات التعليم في البلاد.

أزمة أخرى تلوح في الأفق

إن مشاركة العديد من الوزارات والمكاتب الإسرائيلية في ضمان سلامة المجتمعات المسيحية في البلاد هو علامة على مشكلة متأصلة. بما أنه لا يوجد مكتب واحد يكون في النهاية هو المسؤول عن الملف، فإن السياسة الإسرائيلية عادة ما تكون مجزأة وتأتي كرد فعل. غالبا ما يتم تجاهل المشكلات حتى تندلع الأزمة، مما يضطر كبار المسؤولين إلى إخماد الحرائق.

في عام 2018، وقف رؤساء الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والأرمنية وراء الميكروفونات من أمام كنيسة القيامة، واتهموا بلدية القدس بـ “حملة ممنهجة ضد الكنائس والمجتمع المسيحي في الأراضي المقدسة”.

عندها قال ثيوفيلوس: “هذا يذكرنا جميعا بقوانين ذات طبيعة مماثلة تم سنها ضد اليهود خلال الفترات المظلمة في أوروبا”.

بطريرك الروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث يلقي ببيان للصحافة ويقف إلى جانبه حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون وكبير الأساقفة الأرمن سيفان (من اليسار) من أمام أبواب الكنيسة في القدس، 25 فبراير 2018. (AFP/ GALI TIBBON)

اجتمع زعماء الكنيسة أمام أقدس مواقعهم بعد أن اكتشفوا أن الكنيست سيناقش وعلى الأرجح سيمرر مشروع قانون في ذلك اليوم يسمح للدولة بمصادرة الأراضي التي تبيعها الكنائس لمستثمرين من القطاع الخاص، بالإضافة إلى قرار اتخذته بلدية القدس بتجميد أصول الكنائس إلى أن تدفع ملايين الشواقل فيما تدعي المدينة أنها ضرائب غير مدفوعة.

مع توضيح هذه النقطة، صعد الحارس الفلسطيني الذي أوكلت إليه مفاتيح الكنيسة سلما وأغلق الأبواب القديمة. الأبواب ظلت مغلقة لمدة ثلاثة أيام، حتى تدخل نتنياهو، وعلق جباية الضرائب وجمد التشريع حتى تتمكن لجنة مشكلة حديثا برئاسة وزير التعاون الإقليمي آنذاك تساحي هنغبي من حل المشكلات مع الكنائس.

رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو وعضو الكنيست تساحي هنغبي (من اليمين) في الجلسة الأسبوعية لحزب ’الليكود’ في الكنيست في 8 مارس، 2016. (Yonatan Sindel/Flash90)

لكن الضرر قد حدث بالفعل، وتدخل نتنياهو جاء فقط بعد أن رضخت إسرائيل لضغوط شديدة من الفاتيكان والدول الأرثوذكسية مثل روسيا واليونان والجماعات المسيحية الإنجيلية التي هي من أشد المؤيدين لإسرائيل.

يبدو أن وضع السياسات في إسرائيل لم يعد يتبع نهج التفكير إلى الأمام. أيام بعد الهجوم على كنيسة حبس المسيح، طالبت بلدية القدس “مركز نوتردام” في القدس التابع للفاتيكان بدفع ضرائب ممتلكات المدينة المتأخرة بقيمة 18 مليون شيكل (5 ملايين دولار)، وتجميد الحسابات المصرفية للمؤسسة حتى يتم تسوية المدفوعات.

كان هذا أحدث نتاج لرفض إسرائيل منذ فترة طويلة النظر إلى علاقتها بالعالم المسيحي كقضية سياسية متميزة تتطلب موظفين متفانين واهتماما من كبار المسؤولين.

حجاج مسيحيون يحملون الشموع أثناء تجمعهم خلال احتفالات”سبت النور” في كنيسة القيامة في البلدة القديمة بالقدس، 23 أبريل، 2022. (AP Photo / Maya Alleruzzo).

إذا لم يبدأ نتنياهو في التعامل مع الصراع الضريبي وسلامة رجال الدين والحجاج المسيحيين على أنها قضايا تتطلب حلولا شاملة بقيادة حكومته، فقد يجد نفسه قريبا تحت ضغط أكبر من أهم حلفاء إسرائيل. هذه الدول الغربية نفسها لم تخف انزعاجها من الإصلاح القضائي المقترح وتصريحات الجناح اليميني في الإئتلاف.

وقال دان من الحراسة الفرنسيسكانية عن الهجمات وأعمال التخريب “الفاتيكان وسفراء إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان وبلجيكا والولايات المتحدة على اطلاع دائم بالأحداث. كلهم يتابعون الوضع بقلق بالغ”.

لكن ليس هناك الكثير من التفاؤل بين رجال الدين المسيحيين في القدس بأن الوضع سيتحسن في أي وقت قريب.

تنبأ الأب ماثيو بشكل ينذر بالسوء “لن يتغير شيء حتى يُقتل أحد ما”.