اقتصاد

هل سيواصل اليورو الصعود خلال 2023؟

حققت عملة اليورو مكاسب أمام الدولار الأمريكى بأكثر من 5% خلال الأشهر الستة الماضية على خلفية تحسن المعنويات الاقتصادية بشكل معتدل في منطقة اليورو، فضلاً عن تباطؤ رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي مما قلل من جاذبية الدولار كملاذ آمن.

لقد أدى تخفيف السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي في منتصف ديسمبر إلى دعم اليورو، وبرغم ذلك كرر كل من البنك المركزي الأوروبي والبنك الاحتياطي الفيدرالي عزمهما على معالجة التضخم قائلين إن هناك المزيد من عمليات رفع أسعار الفائدة في المستقبل.

اعتبارًا من 12 مايو 2023 يتم تداول زوج اليورو أمام الدولار الأمريكي عند مستوي 1.08 دولار، ولكن ما العوامل التي ساهمت في ارتفاع اليورو بعيدًا عن مستوى التكافؤ؟

اليورو يهبط إلى ما دون مستوي التكافؤ في عام 2022

بدأ اليورو عام 2022 عند مستوي 1.137 دولار وارتفع إلى أعلى مستوياته عند 1.149 دولار في سوق الفوركس بداية شهر فبراير قبل أن يتراجع بشكل تدريجي ليصل إلى 1.038 دولار في 13 مايو مسجلًا أدني مستوياته منذ يناير 2017، ولكنه عاد للتعافي قبل أن يتراجع مرة أخري.

في 5 سبتمبر هبط اليورو إلى ما دون مستوى التكافؤ عند 0.99 دولار لأول مرة في 20 عام، وذلك بعدما أعلنت روسيا اغلاق خط الأنابيب الرئيسي الممتد للاتحاد الأوروبي، مما زاد من زعزعة استقرار الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو.

ولكن سرعان ما عاد للارتفاع لفترة وجيزة متأثرًا بقرار البنك المركزي الأوروبي بشأن سعر الفائدة في 8 سبتمبر ووصل اليورو مرة أخرى عند 1.031 دولار في 12 سبتمبر، قبل أن يهبط في 27 سبتمبر إلى أدنى نقطة له في 2022 عند 0.95892 دولار، ولم يؤد قرار سعر الفائدة من البنك المركزي الأوروبي في 27 أكتوبر إلى دعم اليورو، حيث انخفضت العملة إلى ما دون التكافؤ حتى 3 نوفمبر.

ولكن فى منتصف شهر ديسمبر عاد اليورو للارتفاع ليتداول عند مستوي 1.06 دولار مدفوعًا بضعف الدولار وانخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث أثرت تراجع الضغوط التضخمية بالسلب على أداء الدولار الأمريكي، في الوقت نفسه، قام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة بنحو 50 نقطة أساس كما هو متوقع في 15 ديسمبر، مؤكداً أن المزيد من الارتفاعات ستتبع وخطط للتضييق الكمي.

ما الذي كان يقود اليورو خلال الستة أشهر الماضية؟

1 .التضخم وتباطؤ النمو

انخفض التضخم الرئيسي في منطقة اليورو إلى 8.5% في شهر فبراير، وتظهر البيانات أنه انخفض من 8.6% في شهر يناير، وعلى الرغم من هذا الانخفاض المتوقع، يقترح المحللون أنه لا تزال هناك حاجة إلى استمرار تفاؤل البنك المركزي الأوروبي وتهدئة محتملة لرفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وهو ما قد يكون إيجابيًا لليورو.

بالإضافة إلى ذلك، تضاءل خطر ارتفاع أسعار الطاقة في منطقة اليورو أيضًا بسبب اعتدال فصل الشتاء في معظم أنحاء شمال أوروبا، ويستمر كل من التضخم الأساسي في منطقة اليورو والبيانات الاقتصادية المتفائلة في التعزيز، مما يسهل على البنك المركزي الأوروبي الحفاظ على لهجته المتشددة.

أزمة الغاز الروسي

أفادت وكالة الطاقة الدولية (IEA) في شهر يناير 2023 أن أوروبا أحرزت “تقدمًا مثيرًا للإعجاب” في عام 2022 في تقليل اعتمادها على إمدادات الغاز الروسي والتأكد من أن لديها مخزونًا كافيًا من الغاز، ارتفع سعر صرف اليورو بما يزيد عن 5% منذ سبتمبر عندما أوقفت روسيا إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الرئيسي إلى أوروبا.

ومع ذلك، فإن وكالة الطاقة الدولية تنص على أن الخطر لا يزال يلوح في الأفق، يمكن أن تكون شحنات الغاز الروسي “أقل بكثير” في عام 2023 أو تنخفض إلى الصفر، قد يؤدي هذا إلى خلق فجوة أكبر في إمدادات الغاز الأوروبية والعالمية مقارنة بعام 2022.

صرحت وكالة الطاقة الدولية أن المنافسة على إمدادات الغاز الطبيعي المسال (LNG) يمكن أن ترتفع أيضًا إذا ارتفع الطلب من الصين، كما أنه ليس هناك ما يضمن استمرار درجات الحرارة المعتدلة في فصل الشتاء في أوروبا، نتيجة لذلك، قد يواجه الاتحاد الأوروبي نقصًا قدره 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في عام 2023.

موقف البنك المركزي الأوروبي المتشدد

دفع التضخم المتزايد البنك المركزي الأوروبي إلى تبني موقف أكثر تشددًا واستمر هذا الأمر حتى عام 2023، صرح “روبرت هولزمان” مسؤولي السياسة النقدية بالبنك المركزي الأوروبي في مؤتمر في يناير أن أسعار الفائدة السياسية يجب أن ترتفع بشكل أكبر للوصول إلى مستويات مقيدة بما يكفي لضمان عودة التضخم إلى هدف 2% متوسط الأجل.

ومع ذلك، كانت بيانات التضخم في الولايات المتحدة “متوسطة إلى أضعف” مما كانت عليه في أوروبا، مما يشير إلى ضغط تصاعدي أقل على أسعار الفائدة، انخفض معدل التضخم في منطقة اليورو للشهر الثالث على التوالي في يناير على خلفية انخفاض كبير في تكاليف الطاقة، وبلغ معدل التضخم الرئيسي في منطقة اليورو 8.5% في يناير مقارنة مع معدل شهر ديسمبر البالغ 9.2%.

يتوقع “فيليب آر لين” عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي حدوث انخفاض كبير في التضخم في وقت لاحق في عام 2023 يمتد إلى عامي 2024 و 2025.

في 2 فبراير رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس وهو أول ارتفاع له في عام 2023، وأدى هذا الارتفاع إلى رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 2.5%، وأشار البنك المركزي في بيان له إلى إمكانية توقع المزيد من أسعار الفائدة هذا العام متعهدا “بمواصلة المسار في رفع أسعار الفائدة بشكل كبير وبوتيرة ثابتة”.

المصدر: ويست كرونيكالز