اخبار الإمارات

وفاة غورباتشيف .. الرجل الذي تفكك الاتحاد السوفيتي على يديه


توفي ميخائيل غورباتشيف، آخر زعيم للاتحاد السوفياتي، أمس الثلاثاء عن 91 عاماً في روسيا، بحسب ما نقلت وكالات الأنباء الروسية عن المستشفى حيث كان يتعالج.

وقال “المستشفى المركزي العيادي” التابع للرئاسة الروسية في بيان إنّه “مساء اليوم (الثلاثاء) وبعد صراع طويل مع مرض خطير، توفي ميخائيل سيرغي غورباتشيف”.

وشهد عهد غورباتشوف تحولات كبرى في سياسة البلاد الداخلية والخارجية، ومحاولات إصلاحية أدى فشلها إلى تفكك الاتحاد واستقلال الجمهوريات المكونة له، مع الاستحواذ على سلطة تئن تحت وطأة عقود من الركود الاقتصادي، بسبب التراجع المستمر لمعدلات النمو والفاعلية الإنتاجية، وتكاليف الحرب الباردة، وبرامج سباق التسلح مع الأمريكيين، وخسائر الاستنزاف الحربي جراء التورط في المستنقع الأفغاني، وأزمة الحريات في الدولة.

عندما تولى غورباتشوف زعامة الاتحاد السوفييتي في عام 1985، كان الاتحاد السوفييتي إحدى القوتين العظميين الأكبر في العالم. وبحلول عام 1989، كانت إصلاحاته السياسية الليبرالية، والتي عرفت باسمي “البيريسترويكا” و”الغلاسنوست”، قد غيّرت الشيوعية السوفييتية إلى الأبد، وصنعت له أعداء على اليمين وعلى اليسار على حد سواء.

تضمنت سياساتُه الإصلاحية الداخلية في خطوطها العريضة الاهتمامَ بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والتحول إلى اقتصاد السوق، وإلغاء احتكار الحزب الشيوعي للسلطة وحظر التعددية الحزبية، وزيادة استقلالية المؤسسات المحلية، وإطلاق سراح مئات السجناء السياسيين.

وكان غورباتشيف من أنصار التقارب مع الغرب وقد فاز في 1990 بجائزة نوبل للسلام.

وبين 1990 و1991 تولّى غورباتشيف منصب رئيس الاتحاد السوفياتي قبل أن يضطر في النهاية إلى الاستقالة في 25 كانون الأول/ديسمبر، في خطوة أدّت لانهيار الاتحاد السوفياتي.

وعلى مستوى السياسة الخارجية، عمل غورباتشوف على إبعاد علاقات بلاده الدولية عن العسكرة، وسعى لتحسين روابطه مع الدول الغربية الرأسمالية والحد من التسلح. فبدءا من ديسمبر (كانون الأول) 1987 وقعت موسكو وواشنطن عدة اتفاقيات للتخلص من الصواريخ النووية المتوسطة المدى في البلدين. كما خفضت موسكو قواتها التقليدية بأوروبا الشرقية.

وخلال 1988-1989 أمر بسحب جميع القوات التي شاركت في الغزو السوفياتي لأفغانستان عام 1979 لمساندة الحكومة الشيوعية فيها، واكتمل ذلك الانسحاب في فبراير (شباط) 1989. وفي 7 ديسمبر (كانون الأول) 1988 ألقى غورباتشوف كلمة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك أعلن فيها نهاية الحرب الباردة.

لم يستطع غورباتشوف تطبيق خططه الإصلاحية كما ينبغي، فإضافة إلى كارثة مفاعل تشيرنوبل النووي في 26 أبريل (نيسان) 1986، واجهته بدءا من عام 1989 مشكلات اقتصادية كبيرة في الإنتاج والتوزيع، واضطرابات قومية في مختلف الجمهوريات السوفياتية، وأحداث عالمية حاسمة مثل انهيار جدار برلين وخروج دول أوروبا الشرقية من العباءة الشيوعية.

ورغم تسببه في انهيار الاتحاد السوفياتي، يعد غورباتشوف أحد رجال الدولة المقدرين لدى الكثير من الروس، ذلك أنه وضع حداً للنظام الشمولي الذي خلقه لينين وستالين، وحرّر الروس من الخوف حتى يعبّروا عن آرائهم بحرية ومن دون خوف، وأنهى الاحتكار الشيوعي للسلطة، وأجرى انتخابات تنافسية. وإضافة إلى ذلك، عبّد الطريق أمام أوروبا الشرقية لتخرج من فلك موسكو، من دون عنف في الغالب، وعلى المستوى الخارجي، يصفه الإعلام الغربي بأنه “رجل الديمقراطية الأول في روسيا”.

وكان غورباتشيف آخر زعيم من حقبة الحرب الباردة لا يزال على قيد الحياة.