اخبار فلسطين

المحكمة العليا تقول إن الشرطة لا تتلقى أوامر بشأن الاحتجاجات من بن غفير، والأخير ينتقد “الانقلاب”

قضت محكمة العدل العليا يوم الأحد بأن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لا يمكنه إصدار أوامر عملياتية لقوات الشرطة فيما يتعلق بكيفية إدارتها للمظاهرات واستخدام القوة أثناء الاحتجاجات. ردا على ذلك، هاجم بن غفير الحكم باعتباره “انقلابا” من قبل المحكمة التي “تلغي السلطة التنفيذية”.

كما قضت المحكمة بأنه لا يجوز للوزير اليميني المتطرف أن يوجه الشرطة بشأن أساليب تفريق الحشود التي يجب استخدامها، ومتى وأين وكيف يمكن تفريق المتظاهرين المشاركين في عصيان مدني بالقوة.

ومع ذلك، أشار الحكم إلى أن بن غفير مخول بـ”تحديد السياسات والمبادئ العامة لشرطة إسرائيل”، بما في ذلك ما يتعلق بالاحتجاجات وإخلاء المتظاهرين من الطرق السريعة.

يأتي قرار المحكمة العليا الذي أصدره القاضي يتسحاق عميت وسط مزاعم متزايدة بأن الوزير القومي المتطرف يحاول قمع الاحتجاجات الجماهيرية ضد خطة الحكومة للإصلاح القضائي من خلال إصدار أوامر للشرطة باستخدام أساليب أكثر صرامة لتفريق الحشود.

زعمت حركات الاحتجاج وأحزاب المعارضة أن نهج بن غفير في حفظ الأمن يحول الشرطة إلى “ميليشيا خاصة” تحت سيطرته.

قام الوزير بزيارة مراكز القيادة والسيطرة للشرطة خلال العديد من الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة، وأصدر أوامر محددة للشرطة بشأن كيفية ردها على هذه المظاهرات، مثل الطرق السريعة التي يجب على الشرطة ضمان خلوها من المتظاهرين.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في مركز المراقبة الوطني لشرطة المرور مع المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي يوم الخميس 9 مارس، وسط احتجاجات على مستوى البلاد ضد برنامج الإصلاح القضائي للحكومة. (Courtesy: Office of National Security Minister Itamar Ben Gvir)

بن غفير يزعم من جهته أنه يقوم فقط باتخاذ إجراءات صارمة ضد مظاهرات غير قانونية مثل إغلاق الطرق السريعة وغيرها من أشكال العصيان المدني من أجل الحفاظ على النظام العام.

في مؤتمر صحفي عقده بعد ساعات من صدور الحكم، قال بن غفير إنه “بحكم طوله نصف صفحة دون تفسيرات، ألغى القاضي عميت اليوم السلطة التنفيذية. إن القرار بأن الوزير لا يمكنه إلا أن يضع سياسة عامة دون أي قدرة عملية على تنفيذها ليس فقط غير مسبوق إنه انقلاب بالمعنى الكامل للكلمة”.

وأضاف “بالنسبة للقاضي عميت وبعض أصدقائه، فإن رئيس الوزراء ووزراء الحكومة ليسوا أكثر من زينة. يمكن للوزير أن يقول رأيه في ما يجب القيام به، لكن لا يمكنه تنفيذ أي من ذلك والتأكد من تنفيذ سياسته. بالنسبة له، فإن الوزراء هم مجرد باحثين أكاديميين يمكنهم تقديم أوراق مواقف لا  أكثر”.

واتهم بن غفير عميت بـ”تضارب مصالح واضح” بإصداره الحكم المتعلق بالاحتجاجات الهادفة للدفاع عن المحكمة العليا ضد خطط الحكومة لإضعافها، وقال إن الحكم دليل على ضرورة الإصلاح القانوني.

قال الوزير إنه يعتزم تغيير القانون مرة أخرى ليس فقط لضمان قدرته على وضع سياسة الشرطة، ولكن أيضا لضمان تنفيذها في الميدان: “إنه لأمر محزن أن مثل هذا التعديل ضروري لأنه في الديمقراطية يجب أن يكون هذا واضحا ولكن القاضي عميت هو الذي يجرنا إلى المزيد والمزيد من التشريعات التي ستوضح أن السلطة التنفيذية تنفذ [السياسة]. هذه هي الديمقراطية”.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في مؤتمر صحفي في القدس، 19 مارس، 2023. (Courtesy)

جاء هذا الحكم ردا على التماس قدمته “الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل”، التي ادعت أن تدخلات بن غفير في تكتيكات الشرطة في الوقت الذي تجري فيه الاحتجاجات هي تسييس لعمل الشرطة وغير قانونية.

وأشارت المنظمة في التماسها إلى أنه في الثامن من مارس، أدلى بن غفير بتصريح قبل الاحتجاجات التي كانت مقررة في اليوم التالي، قال فيه، “أنا أؤيد المظاهرات، وأؤيد حرية التعبير، لكن مطار بن غوريون والطرق الرئيسية يجب أن تكون خارج الحدود”.

بعد وقت قصير من احتجاجات التاسع من مارس، أفادت القناة 12 أن بن غفير كان “مستاء للغاية” من ال التي تعاملت بها الشرطة مع المظاهرة في تل أبيب، وبعد وقت قصير من ذلك أُعلن عن نقل قائد شرطة تل أبيب، عميحاي ايشد، لرئاسة فرع التعليم في الشرطة.

في الأول من مارس، خلال زيارة إلى مركز القيادة المتقدمة للشرطة في تل أبيب برفقة المفوض العام للشرطة كوبي شبتاي خلال إحدى المظاهرات المناهضة للحكومة، قال بن غفير “لا ينبغي التسامح مطلقا مع الأناركيين الذين يهاجمون الشرطة، ويخترقون حواجز الشرطة ويحدثون الفوضى”.

بالعودة إلى يناير، أفادت القناة 12 أنه بعد يومين من أول احتجاجات مناهضة للحكومة، التقى بن غفير بقادة كبار في الشرطة وقال لهم “إذا استخدمتم خراطيم المياه في القدس، أتوقع منكم استخدامها في تل أبيب”، في إشارة كما يبدو إلى مظاهرات الحريديم في العاصمة التي استخدمت خلالها الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين في مناسبات عدة.

كما أشار محامي في الحركة من أجل جود الحكم، والذي ساعد في صياغة الالتماس، إلى أن الزعيم اليميني المتطرف أعطى دعمه الكامل لضابط شرطة كان ألقى قنبلة صوتية على حشد من المتظاهرين في الشهر الماضي.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في مركز قيادة شرطة تل أبيب، خلال مظاهرات في المدينة ضد الإصلاح القضائي، 1 مارس 2023 (via Twitter; used in accordance with Clause 27a of the Copyright Law)

أكد الالتماس الذي قدمته الحركة أنه بموجب القانون الذي يحكم العلاقة بين وزير الأمن القومي والشرطة، فإن الوزير ليس لديه صلاحية إعطاء الشرطة تعليمات مباشرة وتكتيكية حول كيفية التعامل مع الاحتجاج، أو أي مسائل أخرى تتعلق بعمليات الشرطة على الأرض.

كما أشارت المنظمة إلى أن دول ديمقراطية أخرى تمنع وزراء الشرطة من التدخل في تكتيكات الشرطة على المستوى العملياتي من أجل تجنب تسييس عمل الشرطة.

وافق القاضي عميت على قبول التماس الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل.

وكتب عميت “لا يجوز للوزير إصدار أوامر عملياتية بشأن كيفية تنفيذ سياسته، وال التي يمارس بها استخدام القوة، وأشكال استخدام القوة، وأساليب تفريق الحشود، والظروف المتعلقة بالزمان والمكان و سير الحدث، و[أوامر] مشابهة”.

وأضاف: “لذلك يجب على الوزير الامتناع عن إعطاء أوامر عملياتية للشرطة، بشكل مباشر أو غير مباشر، وبشكل خاص فيما يتعلق بالاحتجاجات والمظاهرات ضد الحكومة”.

كما أشار عميت إلى أنه في الرد المكتوب على الالتماس، أقر بن غفير أن “الحكم بشأن استخدام القوة يقع على عاتق القادة في الميدان”، وكتب أنه بدا له أن “هناك اتفاق [في هذا الأمر] بين الجانبين”.

قاضي المحكمة العليا يتسحاق عميت خلال جلسة في المحكمة، 28 يوليو، 2022. (Yonatan Sindel / Flash90)

لكنه أضاف أن للوزير الحق في تحديد السياسة العامة بما في ذلك ما يتعلق بالاحتجاجات.

وكتب عميت “يحق للوزير تحديد السياسة والمبادئ العامة لشرطة إسرائيل، بما في ذلك ما يتعلق بالمظاهرات وإغلاق وفتح الطرق الرئيسية”، مشيرا إلى أن المستشارة القضائية للحكومة وبن غفير قد اتفقا على هذا الموقف.

نظرًا لأن القاضي خلص إلى أن جميع الأطراف تبدو على اتفاق، لم تكن هناك حاجة لإصدار أمر محكمة رسمي لأن الافتراض كان أنهم سيتصرفون وفقا لذلك.

وقالت الحركة من أجل حودة الحكم ردا على القرار إنها سعيدة لأن المحكمة “قررت منع بن غفير من الاستمرار في تدمير نسيج الحياة في إسرائيل، وزرع الفوضى والفتنة”.

ساهم ميخائيل باخنر في هذا التقرير