منوعات

كيف تفاقم شبكات التواصل فقدان الشهية؟




نشر في:
السبت 4 يونيو 2022 – 10:17 ص
| آخر تحديث:
السبت 4 يونيو 2022 – 10:17 ص

• تحديات الشباب على تيك توك وإنستجرام للوصول إلى النحافة قد تتسبب في إصابة المراهقين بـ«عقد»
تسهم شبكات التواصل الاجتماعي، كما المجلات، في تصوير النحافة مثلاً أعلى، ما يؤدي إلى اضطرابات في الأكل لدى كثيرين، منها فقدان الشهية.

وعلى الرغم من كون هذه الشبكات تتيح إنشاء مجموعات دعم لمن يعانون هذه الاضطرابات، قد يتسبب ذلك في جعلهم أسرى تلك الحالة المرضية.

وبحسب موقع “إندبندنت عربية”، فتلك الظاهرة ليست جديدة، إذ سجلت على سبيل المثال في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين طفرة مدونات مؤيدة لفقدان الشهية تُسمّى بـ”برو آنا” (pro-ana) أو للشره المرضي وتسمى بـ”برو ميا” (pro-mia).

وبادرت الشركات الموفرة لخدمات الإنترنت لاحقاً إلى حذف هذه المدونات، لكنها باتت تتخذ أشكالاً جديدة على الشبكات الاجتماعية، على ما أفاد متخصصون بمناسبة اليوم العالمي لاضطرابات الأكل السلوكية الذي يصادف الخميس.

ومن تلك الأشكال ما يسمّى بـ”التحديات” (challenges) التي غالباً ما يطلقها شباب على شبكتي التواصل الاجتماعي “تيك توك” و”إنستجرام” وتتوجه إلى شباب آخرين.

ومن تلك “التحديات” تلك التي تسمّى بـ”ورقة أيه4 (A4)”، ويتطلب الفوز بها أن يقتصر مقاس محيط الخصر على 21 سنتيمتراً، أي بعرض ورقة A4، وهو ما يستحيل تحقيقه إلا باتباع حمية قاسية جداً تصل إلى حد الامتناع عن تناول الطعام مدة طويلة.

وتنتشر على الشبكات الاجتماعية آلاف الحسابات التي تمجد النحافة ويمكن أن تتسبب بعقد لدى المراهقين.

ويرى الأستاذ المحاضر في علم النفس السريري في جامعة نانت (غرب فرنسا) فالنتان فلودياس أن إقبال الشباب على حسابات هؤلاء المشاهير النحفاء الذين يتمتعون بلياقة بدنية وبصحة جيدة يعود أولاً إلى “الأفكار السائدة في المجتمع”.

ولاحظ فلودياس في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية أن “مكافحة البدانة والدعوة إلى النشاط البدني تعززان نزعة اللجوء إلى هذه الحسابات التي تتوافق مع مبدأ النحافة”، مذكراً بالتصريحات المقلقة لمنظمة الصحة العالمية في مايو (أيار) الماضي عن “وباء بدانة” في أوروبا.

وتوضح الطبيبة النفسية للأطفال رئيسة الاتحاد الفرنسي لفقدان الشهية والشره المرضي، ناتالي غودار، أن “المسألة الجمالية” الحاضرة بكثافة على الشبكات الاجتماعية وفي صورها المحسنة بالفلاتر وتقنيات التنقيح، تحدث تأثيراً في الأشخاص الذين يعانون أساساً اضطرابات الأكل.

وتشرح أن فقدان الشهية العصبي هو نتيجة “لعوامل عدة” ولا يمكن تالياً القول إن “الشبكات الاجتماعية هي سببه الحصري”، مع أن هذه المنصات يمكن أن تكون “عاملاً في توليد شعور بالانزعاج والاستخفاف بالنفس”.

إضافة إلى هذه الجوانب، باتت الشابات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و25 سنة يستخدمن الشبكات لعرض تجاربهن الاستشفائية وعلاقتهن بالمرض من خلال إنشاء حسابات “ريكوفيري” (أي “شفاء”). وهذا ما يؤدي إلى إنشاء مجموعات لتتبادل المريضات المساعدة أملاً في التحسن.

ومع أن فلودياس يصفها بـ”الأمر الجيد”، يرى في المقابل أنها “تنطوي على مخاطر”.

ويوضح أن “فقدان الشهية غالباً ما يكون مشكلة مرتبطة بالعلاقة مع الآخرين، ويكمن الخطر في أن هذه الحسابات قد تؤدي إلى أن يصبح مرض الشخص مرادفاً لهويته، ما يجعله تالياً أسيراً لهذا المرض”.

ويلاحظ الباحث اتساع حركة “الإيجابية الجسدية” (أي حب الشخص لجسده) على الشبكات. ويعتبر أنها أفضل من حركة “برو آنا” (أي فقدان الشهية)، لكن هذا النوع من الحسابات يركز أيضاً على الجسم، بينما يتطلب الشفاء من فقدان الشهية الابتعاد عن هذا الهاجس.

وتقول ناتالي غودار إن تلك الحسابات التي تتحول أحياناً إلى نوع من “التوجيه الغذائي”، تؤدي إلى “اجتياح” مسألة الأكل فكر الأشخاص. وقد يعتقد بعض المرضى أنهم شفوا ولكنهم قد يصابون باضطراب مشابه، هو الأرثوريكسيا أو الهوس بالأكل الصحي.

ولا يعود هاجس هؤلاء الأشخاص وزنهم – ومن هنا الاختلاف مع فقدان الشهية – لكنهم يفرطون في الانتباه إلى ما يأكلونه، ما يؤثر سلباً في حياتهم الاجتماعية.

• تجارب المرضى

وشاركت عالمة النفس في باريس بولين دريك، عام 2019 في تأسيس ورشة عمل جماعية في مستشفى نهاري يستند إلى تجربة المرضى على الشبكات الاجتماعية. وتقول إن هؤلاء الشباب الذين يعانون اضطرابات الأكل “يتصفحون الشبكات الاجتماعية مساءً في غرفهم، عندما يكونون بمفردهم، وأحياناً في لحظات القلق”.

وخلال ورش العمل، يعلقون على “منشور على إنستجرام أو فيديو على يوتيوب” ويحللون آثاره الإيجابية أو السلبية في وضعهم النفسي.

لكن دريك ترى أن النظرة إلى المحتوى تختلف “بحسب المريض، ومرحلة مرضه”. وتشير مثلاً إلى أن حساباً عن الطهو “قد يوفر احتمالات شفاء لمريض ما، لكنه قد يفاقم القيود الغذائية لدى مريض آخر”.

ولا يتمثل الهدف في شيطنة الشبكات الاجتماعية، بل في توعية المرضى بالتأثير الذي يمكن أن تحدثه هذه المنصات في الاضطرابات التي يعانونها “لكي يستخدموها بانتباه”، على قول دريك.