اخبار المغرب

حقوقيون ومحامون ينادون بإدراج “المصلحة الفضلى للطفل” في مدونة الأسرة

ناقش حقوقيون ومحامون إدراج “المصلحة الفضلى للطفل” في التشريعات الوطنية، وعلى رأسها مدونة الأسرة، داعين إلى تغيير هذا النص الذي أصبح “قاصرا” خاصة في ضمان حقوق الأطفال.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها الجمعية المغربية لوقاية الأطفال من الجريمة، الأربعاء، بعنوان “المصلحة الفضلى للطفل بين القانون والعمل القضائي”.

وفي هذا الإطار، تحدثت رشيدة آيت حمي، رئيسة الجمعية، عن الأهمية القانونية والقيمة الاجتماعية للمصلحة الفضلى للطفل، قائلة: “إذا كانت الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، فالطفل هو القلب النابض الذي يبعث الحياة فيها”.

وأضافت آيت حمي أنه “رغم تطور القانون والاعتراف بمصلحة الطفل من خلال المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل سنة 1989 باعتبارها السند القانوني الأول للاعتراف بالطفل كصاحب حقوق، وسن المغرب مجموعة من القوانين ذات الصلة، كمدونة الأسرة وقانون الحالة المدنية وقانون الجنسية، والقانون الجنائي، ثم دستور 2011 الذي أقر بسمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها على القانون الوطني، إلا أن هناك مجموعة من الإكراهات القانونية والاجتماعية التي تعيق حماية هذه الفئة المستضعفة”.

وتحدثت المحامية بهيئة الرباط عن مدونة الأسرة “وما تطرحه من إشكالات حقيقية في قضايا النفقة والولاية والحضانة والنسب”، مقدمة مثالا بقضايا النسب التي “تهم شريحة مهمة في المجتمع، هم الأطفال خارج إطار الزوجية”، موردة أن “قانون الأسرة الذي كان يشكل ثورة قانونية ويعتبر قانونا حداثيا وجريئا، سن، للأسف، مجموعة من القواعد القانونية التي تضر بالطفل والمرأة”.

واعتبرت آيت حمي أن النص التشريعي يتضمن “قوانين ظالمة تمس كرامة الأطفال وتعتبر خرقا للاتفاقيات الدولية والدستور، خاصة المادة 92 التي تنص على أنه لا فرق بين الأطفال”.

من جانبها، تحدثت فتيحة اشتاتو، ناشطة حقوقية في فيدرالية رابطة حقوق النساء، عن عدم استعمال المشرع المغربي عبارة “المصلحة الفضلى، بل فقط المصلحة”، مؤكدة أن النص “لم يعرّف المصلحة الفضلى، وهو ما يمثل قصورا تشريعيا”.

وأشارت اشتاتو إلى وجود فصول في مدونة الأسرة تستحضر مصلحة الطفل، مثل فصول الحضانة، وأخرى تغيب عنها رغم الأهمية التي تكتسيها، مثل موضوع النيابة القانونية.

وقالت المحامية بهيئة الرباط إن “المدونة قاصرة، لا تستعمل المصلحة؛ فمثلا لم تجب عن نقطة الأطفال الذين يظلون بدون نسب، وهو ما يخلف تداعيات نفسية واجتماعية وتاريخية، ويعتبر عنفا بالنسبة للمجتمع وعنفا أكبر بالنسبة للنساء”.

وأضافت أن “الموضوع كأنه انتقام من المجتمع والقانون؛ إذ يتم نعت هؤلاء الأطفال بأنهم أبناء حرام، والمرأة كمن تمتهن الدعارة، ويتم خلق نساء ورجال الغد بدون هوية وبدون اسم”، متسائلة: “أي نموذج تنموي يتم الحديث عنه في ظل وجود هذه الفئة من المجتمع؟”.

ودعت اشتاتو الفقهاء والأئمة إلى الاجتهاد في هذا الإطار “حفظا لكرامة الأطفال والإنسان؛ إذ إن الإسلام لا يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان”، وطالبت بمراجعة شاملة للقانون الجنائي وحذف كل الألفاظ القدحية تجاه النساء والأطفال، مع تعديل شامل لمدونة الأسرة.

بدورها، قالت عائشة الحيان، رئيسة اتحاد العمل النسائي، إن مدونة الأسرة أصبحت متجاوزة بعد دستور 2011، مضيفة: “بعد 18 سنة من التطبيق، ظهرت مجموعة من الثغرات وثبت أن الطفل ضائع وسط الأسرة أو تابع للأم والأب في حالة الطلاق”.

وشددت الحيان على أن الطفل “كائن له مجموعة من الحقوق”، داعية إلى “تخصيص باب في مدونة الأسرة للطفل وتحديد مركزه داخل الأسرة وألّا يكون تابعا للأم أو الأب”.

وأشارت إلى أن “المصلحة الفضلى غير واضحة في مدونة الأسرة”، ونبهت إلى خطورة “السلطة التقديرية الواسعة للقضاة”، موردة أنها “أحيانا تفيد مصلحة الطفل وأحايين كثيرة تكون ضد مصلحة الطفل والمرأة، وبالتالي لا بد من تقييد هذه السلطة بنصوص قانونية”.

من جهتها، تحدثت لطيفة بلعيدي، رئيسة منتدى شؤون الهجرة وتبادل الثقافات، عن حقوق الطفل المهاجر، قائلة: “هناك مشاكل يتعرض لها هؤلاء الأطفال منذ لحظة العبور”.

ونبهت بلعيدي إلى أن “المغرب اليوم هو بلد استقبال (للمهاجرين)، والمجتمع المغربي أصبح خليطا من الجنسيات”، موردة: “حينما تأتي جنسيات أخرى وتختار الاستقرار في المغرب، أكيد سيطرح ذلك مجموعة من المشاكل، وبالتالي لا بد من تهيئة مجال استقبال هؤلاء المهاجرين بمختلف مرجعياتهم”.