اخبار المغرب

الوسطية أساس تعديل مدونة الأسرة أمام الدعوات الشاردة‬

النقاش حول مدونة الأسرة، زواج القاصرات، تولي النساء لمناصب المسؤولية بالمغرب، وأداء السياسيين المغاربة محاور ناقشتها هسبريس مع سعادة بوسيف، الرئيسة الجديدة لمنظمة نساء العدالة والتنمية، التي انتخبت خلفا لجميلة المصلي نهاية الأسبوع الماضي خلال المؤتمر الوطني الثاني للمنظمة سالفة الذكر.

واعتبرت بوسيف الجدل الدائر حول المدونة بمثابة نقاش مجتمعي صحي تتكامل فيه العلوم والمعارف وتتنوع، من فقه وقانون وعلم اجتماع واقتصاد… وهو نقاش جاء بعدما تضمنه قانون مدونة الأسرة من مقتضيات صفق لها الجميع، وحافظت على تماسك الأسرة كنواة المجتمع ومؤشر على عافيته.

وأوضحت الرئيسة الجديدة لمنظمة نساء العدالة والتنمية أن المدونة تجاوزت على مستوى الصياغة الحديثة المفاهيم الماسة بكرامة المرأة ولو بشكل نسبي وعلى مستوى المضمون الذي أكد على المساواة بين الرجل والمرأة على أكثر من صعيد (سن الزواج، جعل الطلاق بيد القضاء…)، وعلى حماية حقوق مغاربة الخارج، والتنصيص على حقوق الطفل، والاعتراف مبدئيا بمساهمة النساء في تنمية أموال الأسرة، وكذا الانفتاح على الخبرة الجينية كوسيلة إثبات في حالات “الوطء بشبهة” أي الحمل داخل فترة الخطوبة، وما إلى ذلك من إيجابيات تحسب لهذا التشريع.

وثمنت المتحدثة تجديد النظر في نص المدونة بعد عقدين من الزمن، مشيرة إلى أن التعديلات ينبغي أن تراعي المصلحة الفضلى للطفل وصيانة كرامة الرجل وحقوق النساء، وقالت إنه بغض النظر عن بعض الدعوات الشاردة تبقى الوسطية السمة الأساسية للتوصيات التي يصدرها أهل الاختصاص بخصوص المدونة، مضيفة أن هذه المراجعة ينبغي أن “تراعي مصلحة الأسرة والوطن، ونحن لا يمكن إلا أن ندفع بهذا النقاش والمراجعة في الاتجاه الإيجابي لترسيخ القواعد الضامنة للرفاه الاجتماعي لكل الأطراف”.

القاصرات وتمكين النساء

وبالحديث عن ظاهرة زواج القاصرات، أكدت سعادة بوسيف أنه ينبغي مساءلة السياسات العمومية الموجهة إلى الفتيات والإجراءات المتخذة لرفع نسبة التعلم والتأهيل في صفوفهن، وانتشالهن من العوز الفكري والمادي، وتوفير البنيات الأساسية الآمنة لتخفيف كلفة العيش عليهن وعلى أسرهن، مشيرة إلى أن المدخل القانوني قاصر لذا يجب اعتماد مقاربة متكاملة لضمان انخراطهن في التنمية.

وفي السياق نفسه أوردت الرئيسة الجديدة لمنظمة نساء حزب “المصباح” أن واقع الممارسة اليوم أثبت أن السن الغالب في موضوع زواج القاصرات هو 17 سنة، معتبرة الأمر تطورا إيجابيا مقارنة مع السابق، كما دعت إلى تكريس الثقة في القضاء ومنح القاضي هامش الاستثناءات التي تقيد بضوابط.

من جهة أخرى، يعد تقلد النساء لمناصب المسؤولية بالمغرب بمثابة إشكال بنيوي بالنسبة للقيادية الإسلامية، ويتداخل فيه ما هو ذاتي وموضوعي، مبرزة أنه “بقدر ما استطاعت المرأة النجاح في اقتحامها لما عرف بالمجال التقليدي للرجل بقدر إخفاقها إما فطرة أو عرفا في التحرر نسبيا من المسؤوليات الكبيرة التي ارتبطت بها ثقافيا ومجتمعيا”، وأوضحت أنه “بالرغم من قبول الرجل مشاركته من طرف المرأة في المسؤولية خارج البيت فإنه ظل متمسكا بتحفظه عن أداء بعض الأدوار داخل البيت”.

وأشارت المتحدثة إلى نتائج دراسة قامت بها سابقا وزارة الوظيفة العمومية خلصت إلى أن فئة من النساء أصلا لا يترشحن للمناصب، أي “أنهن لسن فقط عرضة للإقصاء؛ بل لإكراهات ترتبط بهن أيضا”.

وجوابا عن سؤال حول أداء السياسيين بالمغرب من داخل مختلف المؤسسات، أوردت الرئيسة الجديدة لمنظمة نساء العدالة والتنمية أن “هناك ممارسات تكرس الصورة النمطية للفاعل السياسي في مخيال المواطن، والتي ينبغي أن نشتغل علي تصحيحها. كما أنه لا بد من مواجهة المقاربة التي تمنح القرابة والعائلة الحق في المناصب مقابل إقصاء المناضلات والمناضلين، بالإضافة إلى ضرورة القطع مع بعض السلوكات التي تسيء إلى بعض مؤسسات الدولة كظاهرة غياب النواب التي أثارت جدلا مؤخرا داخل قبة البرلمان أو غياب المنتخبين داخل بعض المؤسسات التمثيلية”.

يذكر أن سعادة بوسيف، الحاصلة على شهادة دكتوراه والأستاذة الزائرة بجامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال، انتخبت نائبة برلمانية في الولاية التشريعية 2012/2016. كما سبق للرئيسة الجديدة لمنظمة نساء العدالة والتنمية أن اشتغلت مستشارة مكلفة بالشؤون البرلمانية بديوان الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة 2017-2019، ومستشارة سابقة بديوان وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة 2019-2021.