فنون

حوار| مروان حامد: عادل إمام إنسان وفنان عظيم.. ولن أنسى احتواءه ودعمه لي أثناء تصوير «عمارة يعقوبيان»

• أفتقد الحوار والنقاش الجميل مع والدى فى كل أمور الدنيا.. وأدين بالفضل لوالدتى فى انضباطى وثقتى بنفسى واختياراتى

• أعمل على مشاريع لوحيد حامد لم تخرج للنور فى حياته.. وأتمنى تقديم فيلم كوميدى
• شريف عرفة أخى الأكبر وليس فقط أستاذى.. وسمير سيف علمنى صناعة الأفلام أكاديميا ومهنيا
• ما زلت متأثرا بأدب يوسف إدريس.. والتواصل الإنسانى سر استمرار التعاون مع أحمد مراد
• «الفضول» هو دافعى لإخراج أى عمل فنى.. ولا أقدم فيلما إلا إذا وقعت فى غرامه
• لا أفرح كثيرا بالإشادة ولا أحزن كثيرا من الانتقاد.. والنجاح التجارى لا أحد يستطيع توقعه
• الشخصية أهم عنصر فى حدوتة الفيلم.. وأفلامى لمست الجمهور بسبب اللحظات والمشاعر الصادقة للممثلين
• لا تعارض بين عملى فى الإخراج والإنتاج.. وتجربة السينما التسجيلية لها سحرها الخاص
• جائزة مهرجان الجونة تكريم للأعمال التى قدمتها ولشركائى المبدعين أمام وخلف الكاميرا

4 أيام فقط تفصلنا عن انطلاق الدورة الاستثنائية لمهرجان الجونة السينمائى، والتى اختارت المخرج مروان حامد، ليكون المكرم بجائزة الإنجاز الإبداعى، هذا العام، اعترافا بمسيرته السينمائية، ومساهمته الجادة فى رسم مشهد صناعة السينما المصرية والعربية المعاصر، بأعمال متنوعة شكلت نقلة فنية وتجارية فى السنوات الأخيرة. «الشروق» التقت المخرج مروان حامد، ليتحدث عن رحلته، منذ النشأة فى بيت الكاتب وحيد حامد والإعلامية زينب سويدان، مرورا بالعمل مساعدا للمخرجين شريف عرفة وسمير سيف، قبل أن يلفت الأنظار مع بداية الألفية بفيلمه القصير «لى لى» المأخوذ عن قصة للأديب يوسف إدريس، ثم يكتب شهادة ميلاده فى السينما الروائية بفيلم «عمارة يعقوبيان»، ويواصل بعده تحقيق النجاحات على المستويين الفنى والتجارى، بأفلام تصدرت شباك التذاكر مثل «الفيل الأزرق» و«كيرة والجن».

يقول مروان حامد: عندما كنت فى المرحلة الثانوية، انجذبت للسينما، وشاهدت كل أنواع الأفلام، محلية وعالمية، وبالتوازى كنت حريصا جدا على القراءة، فتعرفت فى مرحلة مبكرة على أدب يوسف إدريس، ونجيب محفوظ، وتشارلز ديكنز وشكسبير.

ورغم استمتاعى بهذه المرحلة جدا، لكن لم يكن واردا فى تفكيرى أن القراءة سيكون لها علاقة بمهنتى، إلى أن سمحت لى الظروف خلال المرحلة الثانوية، وحصلت على فرصة تدريب فى مكتب المخرج شريف عرفة، صاحب الفضل الكبير علىّ..

< إلى أى مدى تأثرت بالمخرج شريف عرفة فى تكوينك الفنى والشخصى؟

ـــ كنت لا أزال حينها فى مرحلة المراهقة عندما تعرفت على الأستاذ شريف، تقريبا عام 1991، السنة التى أخرج فيها «اللعب مع الكبار»، وكنت معجبا به جدا على المستوى الفنى والشخصى، خاصة أنه كان صديقا لوالدى، والعلاقة بينهما نستطيع وصفها بالأسرية، ولذلك اعتبرته أخى الأكبر وليس فقط أستاذى.

وكل من اقترب من الأستاذ شريف إنسانيا، يعرف أنه إنسان عظيم، وهناك مخرجون شباب كثيرون تربوا على يديه، فهو داعم جدا للشباب، ويحرص على تعليمهم، ويتعامل معهم باعتبارهم مشاريع مخرجين للمستقبل، وأنا شخصيا بدأت العمل معه كمتدرب لا أفعل شيئا فى الفيلم إلى أن وصلت معه لمساعد مخرج أول، وأعتبر هذه التجربة من أجمل مراحل حياتى.

< هذا على المستوى الشخصى.. ماذا عن التأثر على المستوى الفنى؟

ـــ هناك أشياء كثيرة يظهر فيها تأثرك بأستاذك بشكل تلقائى، فمثلا فى فيلم «عمارة يعقوبيان» ستجد أن مشهد الفنان عادل إمام وهو يمشى فى ميدان طلعت حرب، شبيه جدا بالمشهد فى «اللعب مع الكبار»، للفنانين عادل إمام وحسين فهمى فى ميدان طلعت حرب أيضا، هذا المشهد أعتبره إهداء لأستاذى شريف عرفة.

ورغم أن كل شىء كان مكتوبا بالسيناريو، لكن عندما تشاهد المشهدين، ستشعر أنهما متشابهان فى الروح، وهناك أشياء أخرى فى عملى ستشعر فيها بهذا التأثر، وهو شىء طبيعى، لأنى معجب بأفلام الأستاذ شريف كواحد من جمهوره قبل أن أكون تلميذه.

< كنت أيضا مساعدا للمخرج سمير سيف.. ماذا أخذت من هذه المدرسة؟

ـــ المخرج سمير سيف، أعرفه أيضا منذ طفولتى، فعلاقته الإنسانية بوالدى كانت كبيرة جدا، كما أننى أحب أفلامه جدا وأعشق منها بشكل شخصى؛ «المشبوه» و«الغول» و«النمر والأنثى» و«آخر الرجال المحترمين» و«غريب فى بيتى»، لدرجة أننى لا أعرف عدد المرات التى شاهدت فيها فيلم «الغول» فى طفولتى، من كثرتها.

وأهم ما يميز الأستاذ سمير تقديمه لكثير من الأنواع السينمائية، كما أنه مميز جدا فى توجيه الممثل وخلق الشخصيات، فأداء نور الشريف فى «غريب فى بيتى» ستجده مختلفا عن «آخر الرجال المحترمين، وكذلك عادل إمام ستجده مختلفا فى «الغول» عن «النمر والأنثى»، وبالمناسبة إلى جانب عملى مع الدكتور سمير سيف مساعد مخرج، هو أيضا درس لى فى معهد السينما، فهو من أهم أساتذة المعهد، وتعلمت منه الكثير.

< هل تأثرك بيوسف إدريس هو الذى جعلك تبدأ حياتك السينمائية بثلاثة أفلام قصيرة عن قصص له؟

ـــ كنت وما زلت متأثرا بيوسف إدريس لأنه من عباقرة القصة القصيرة، ولديه قدرة كبيرة جدا على الدهشة، بخيال غير عادى، فمثلا لديه قصة قصيرة اسمها «صينية البطاطس»، رغم أنها عبارة عن صفحة واحدة لكنه استطاع عبرها أن يحكى مشوار طفلة صغيرة تحمل صينية البطاطس من بيتها للفرن، صور فيها الرحلة والإحساس ويجعلك وأنت تقرأ ترتبط بهذه الطفلة المسكينة التى تضطر لعمل صعب عليها.

وكان أول عمل لى عن قصة لإدريس عندما كنت أدرس فى المعهد بالفرقة الثالثة، عن مجموعته القصصية «آخر الدنيا»، وفى الفرقة الرابعة أخرجت فيلما آخر بعنوان «الشيخ شيخة»، ثم مشروع «لى لى» عن قصه له أيضا.

وبالمناسبة أنا معجب بمجموعاته القصصية وكذلك رواياته أيضا، ومنها «الحرام»، العبقرية كعمل أدبى وكفيلم أيضا.

< هل تعلقك من الطفولة بالقراءة هو سبب تفضيلك لتقديم أفلام مأخوذة عن أعمال أدبية؟

ـــ سواء كان الفيلم عن سيناريو أصلى أو مأخوذا عن رواية أدبية، لابد أن أكون وقعت فى غرامه أولا، فاختيارى لموضوعات أفلامى لا يتم وفق عمليات حسابية، وإنما لأننى أحببتها ولدى تصور لخروجها فى فيلم سينمائى.

لكن بشكل عام، لا يخفى على أحد، أن الأدب بالفعل هو المصدر الرئيسى للأفلام، وإذا نظرت حولنا فى كل العالم ستجد أن هذا هو الطبيعى، فإلى اليوم أجاثا كريستى يعاد تقديمها، وغالبية الأعمال العظيمة فى السينما العالمية مأخوذة عن أعمال أدبية، كما أن السينما المصرية نفسها اعتمدت فى فترة طويلة على أدب إحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وإبراهيم أصلان وغيرهم.

وبالتالى أنا لا أعمل شيئا غريبا أو غير تقليدى، بالاعتماد على الأدب فى عدد من أفلامى، فما يحدث أننى أحيانا عندما أقرأ رواية، تلمسنى وتستفزنى وتفتح أفقا فى خيالى، وتحرك بداخلى شىء يجعلنى أرى أحداثها أمامى وكأنها أصبحت فيلما بالفعل. لكن هذا ليس معناه أبدا أننى أفرض على نفسى قاعدة أعمل بها، لأننى بالفعل لدى ثلاثة أفلام أعتز بها كتبت مباشرة للسينما هى؛ «إبراهيم الأبيض» و«الفيل الأزرق 2»، و«الأصليين»، كما أن هناك مخرجين آخرين قدموا أفلاما عن سيناريوهات أصلية وكلها عظيمة، فليس هناك قاعدة للأعمال الأفضل.

< ما هو سر استمرار ثنائية مروان حامد وأحمد مراد؟

ـــ فى الفن عندما يحدث التواصل الإنسانى والتلاقى فى الفكر والروح والرؤية، ينعكس على العمل بشكل جيد، ويصبح دافعا للتقدم.

وأنا أعتز جدا بعلاقتى بأحمد مراد، فهو بالإضافة إلى موهبته الكبيرة، هناك تواصل وتقدير بيننا على المستوى المهنى والإنسانى كبير جدا، والتفاهم شىء مهم وجميل جدا، وهذا سر استمرار عملنا معا.

< ولكنك منذ نجاحكما معا فى «الفيل الأزرق» تقريبا لم تخرج فيلما من تأليف كاتب غيره؟

ـــ لو أخذنا والدى كنموذج، ستجد أنه كتب للمخرج سمير سيف 12 عملا فنيا بين أفلام ومسلسلات، ومع المخرج شريف عرفة 6 أفلام، ومع المخرج عاطف الطيب 5 أفلام، ومع المخرج محمد ياسين 4 أعمال تقريبا.

وبالمناسبة رغم أن تجربة «الأصليين» مع مراد لم تحقق النجاح على مستوى الإيرادات، لكننا كملنا معا، فسبب استمرارنا للعمل معا ليس النجاح التجارى، ولكن كما ذكرت لك، التواصل الإنسانى والتفاهم. ولكن فى النهاية، لا توجد قيود تمنعنا من العمل مع آخرين.

< غامرت وذهبت لتقديم أفلام دراما نفسية فى الوقت الذى كان يسيطر على شباك التذاكر الكوميديا والأكشن.. لماذا؟

ـــ قبل كل شىء النجاح التجارى لا أحد يستطيع أن يتوقعه، وإذا تكلمنا مثلا عن تجربة «الفيل الأزرق»، فالحقيقة أننى عندما قرأت الرواية استهوتنى بشكل كبير جدا، وتخيلتها فيلما من اللحظة الأولى، ونجاحها بين الشباب على مستوى المبيعات حمسنى أكثر على خوض التجربة.

والمغامرة فى هذا الفيلم لم تكن فى النوع، ولكن فى أن السينما وقت صناعته وطرحه لم تكن فى أفضل حالتها، فنحن نتحدث عن عامى 2013 و2014. أتذكر أننا أثناء صناعته أوقفنا التصوير أكثر من مرة، بسبب المظاهرات وأحداث العنف، وهناك مثلا ديكور ظل مغلقا 3 أشهر.

< هل أنت منجذب بشكل شخصى لسينما الدراما النفسية والجريمة؟

ـــ إذا لم تكن تستهوينى لما قدمتها، فجزء كبير جدا من دوافعى لإخراج أى عمل فنى هو «الفضول»، سواء لنوع سينمائى لا أعرفه، أو لشخصيات أريد التعرف عليها، أو عوالم سينمائية أريد دخولها، أو أماكن لم يكن لدىّ فرصة زيارتها إلا فى السينما مثل «8 غرب» لم أكن لأذهب إلا فى «الفيل الأزرق».

فرحلتى الإنسانية والشخصية مع الفيلم هى التى تربطنى به، لكنى لست متخصصا فى نوع معين، فكل أنواع السينما تستوهينى، وأحب أن أنتقل من نوع لآخر وأقدم تجارب مختلفة، لأن السينما بحرها واسع جدا وفيها مجال للتجارب وللاكتشاف، ولأن لا أحد لديه ضمانة ما الذى سينجح، هذا يمنحنا فرصة «التجريب»، وأدعى أننى فعلت ذلك فى أفلامى، لأن «عمارة يعقوبيان» مختلف عن «إبراهيم الأبيض»، المختلف عن «الفيل الأزرق»، و«تراب الماس»، مختلف عن «كيرة والجن»، وأتمنى أن أقدم عملا كوميديا فى المرحلة المقبلة.

< تعرض «إبراهيم الأبيض» عند طرحه بالسينما لهجوم واتهامات بالترويج للبلطجة.. كيف تحول مع الوقت إلى أيقونة؟

ـــ هذا الفيلم أحبه منذ أن كان سيناريو، وصنعناه بإخلاص شديد جدا، ورحلة معرفتى بشخصياته كانت ممتعة جدا، لكن لا أحد يعرف ولا يمكن أن يتوقع ردود أفعال الجمهور قبل طرح الفيلم، فمثلا فيلم «سكار فيس» لألباتشينو تم الهجوم عليه بشكل كبير عندما طرح فى السينما، لكن عندما أتيح عبر «فى اتش اس» نجح نجاحا كبيرا، وهذا شىء وارد.

فكل صناعة لها طبيعتها، والهجوم والإشادة جزء من طبيعة صناعة السينما، لكن المهم أن تكون مستوعبا أن ذلك يمكن أن يحدث فى أى وقت، فمن الممكن أن تقدم فيلما أنت مقتنع به ولا يلقى القبول، والعكس، وأنا تعلمت بحكم تجربتى الشخصية ومن قبلها تجربة والدى، أن الإنسان لابد أن يكون وسطيا وموضوعيا فى التعامل مع ردود الأفعال، فلا تفرح كثيرا بالإشادة ولا تحزن كثيرا من الانتقاد، لأن هذا جزء طبيعى من رحلة أى إنسان يعمل بالسينما، يقدم عملا يتعرض للهجوم وآخر يلقى الإعجاب.

< هل تقييمك الشخصى لعملك هو الفيصل فى نسبة رضاك عن الفيلم أم هناك عوامل أخرى؟

ـــ يكون لدى إحساس بالفيلم، لكنى لا أستطيع تقييم نفسى، فأنا أكون مرعوبا، حتى يأت يوم العرض، الذى يذكرنى بيوم الامتحان لحظة «سحب ورقة الإجابة»، فى هذا اليوم أكون متوترا جدا، لأن الوقت الذى لابد أن أسلم فيه الفيلم قد حان، وأنا لا أعرف هل سيعجب الناس أم لا، وبالتالى الدافع ليس دافع تقييم وإنما الإيمان بالمشروع.

< لكن من الواضح أنك تقع فى غرام المشاهد التى تصورها وهذا سبب طول مدة أفلامك؟

ـــ هناك مشاهد تقرأها سطرين فى السيناريو، لكن عند تنفيذها تجدها 5 دقائق، ثم تكتشف أنك إذا قمت بتقصيرها ستفسد شحنة المشاعر الموجودة فيها، وهذا يتكرر معى كثيرا، لكنى لن أنسى فى فيلم مثل «كيرة والجن»، أن المنتج بعد أن شاهد الفيلم قال إن مدته طويلة ولكن طالبنى بعدم حذف أى شىء.

< البداية الكبيرة بعمارة يعقوبيان مع نجوم كبار مثل عادل إمام ونور الشريف ويسرا ووحيد حامد.. ماذا فرضت عليك فى رحلتك؟

ـــ «عمارة يعقوبيان» تجربة فارقة فى حياتى، ومنحتنى دفعة كبيرة، ليس فقط لأننى عملت مع نجوم كبار، ولكن لأننى اقتربت منهم. و«الصدق» هو المعنى الكبير والمهم الذى تعلمته من هذا الفيلم، ألا أقدم شيئا غير مقتنعا به، فالنجاح وعدمه شىء وارد، لكن المهم أن أكون مصدقا لما أقدمه أمام نفسى.

وفى هذه التجربة أدين بفضل كبير للفنان عادل إمام، لأن الدعم الذى أخذته منه غير عادى. الفيلم كان تجربة جديدة ومختلفة، وشخصياته متعددة، ولم يكن واردا وقتها صناعة هذا النوع من الافلام، ورغم ذلك كان هو أول من وافق على المشاركة فى البطولة، ولن أنسى هنا احتواءه ودعمه لى وأنا مخرج فى بدايتى، وأقصد هنا بالدعم مساحة الحرية التى تركها لى، والثقته ليجعلنى أفعل ما أراه صحيحا، وهذا كان أمر فارق معى على المستوى الإنسانى، ولذلك هو إنسان وفنان عظيم، وتأثرت به كثيرا. نفس الأمر حدث مع الفنان نور الشريف، وهو أستاذ ومثقف كبير ومحب للسينما. أيضا السيناريو القوى الذى كتبه والدى الكاتب الكبير وحيد حامد، كان أيضا داعما لى.

< تجربتك السينمائية الوحيدة مع والدك كانت فى هذا الفيلم.. كيف كانت العلاقة بينك وبينه ككاتب ومخرج؟

ـــ كانت تجربة رائعة وممتعة جدا، وتعلمت منها أشياء كثيرة جدا، أستفيد منها حتى الآن فى أعمالى، ولكن الأهم من الاستفادة على المستوى الفنى، أننى حاليا أفتقد كثيرا الحوار والنقاش الجميل مع والدى فى كل أمور الدنيا، فعندما تقدم فيلما مثل «عمارة يعقوبيان» به شخصيات وأزمنة وأحداث متنوعة، فالحوار مع وحيد حامد يفتح آفاقا.

< مؤكد أن هناك أفكارا وسيناريوهات للكاتب وحيد حامد لم تكتمل.. هل ستحرص على خروجها للنور؟

ـــ بالفعل هناك سيناريوهات لوالدى، وأفكار جميلة، أرى أنه من المهم أن يتم تقديمها، وكانت هناك مشاريع بيننا، ولكن القدر لم يمهلنا، والوفاة حدثت قبل أن تخرج للنور، لكن هناك أكثر من مشروع وسأعمل عليها بنفسى، خلال الفترة المقبلة.

< إلى أى مدى أنت متأثر بوالدك سينمائيا؟

ـــ أنا متأثر بشكل كبير جدا بوالدى، وهذا شىء طبيعى، فهو ليس فقط والدى، ولكنه أحد أعظم الذين كتبوا سيناريو فى مصر، فأنا متأثر جدا بأعماله وبأفكاره وبطباعه، وصفاته، ورؤيته لبعض الأمور، وبآراء معينة، وبأسلوبه، حتى فى صفات العناد، عندما يكون إيجابيا، هذا التأثر موجود.

< ما هى مدرستك فى التعامل مع الممثل خاصة أنك تعمل مع نجوم الصف الأول.. وهل أثناء التصوير تكون ديكتاتورا أم ديمقراطيا؟

ـــ طريقتى هى الاتفاق على كل شىء قبل التصوير، وأسعى قدر الإمكان أن تكون أجواء التصوير مريحة بشكل كبير للممثل، ليشعر ويحس ويخرج أفضل ما عنده، فهذا أهم شىء وقت التصوير، لأن الممثل هو الذى ينقل الإحساس والمشاعر، وهو الذى يجعل الجمهور يشعر أن الفيلم حقيقى ومؤثر أو لا.

وقناعتى أن الشخصية هى أهم عنصر فى حدوتة الفيلم، والشخصية هى الممثل، فهو أكثر ما يؤثر فى الجمهور، وهو الذى يربطك بالفيلم، ويجعله يعود لمشاهدته مرة أخرى، وإذا وجده أمامه على الشاشة بعد 20 سنة لا يمل من مشاهدته، وبالتالى التواصل الإنسانى مع الممثل والاتفاق على الشخصية، مهم جدا.

والحمد لله أننى كنت محظوظا بأن كل الممثلين الذين عملت معهم نجوم كبار، بدءا من عمارة يعقوبيان وحتى كيرة والجن. وقدموا لحظات مهمة وصادقة على الشاشة، كانت سببا فى أن تلمس أفلامى الجمهور. بسبب مشاعرهم الصادقة التى وضعوها أمام الكاميرا ومجهودهم فى التحضير لشخصياتهم.

< العمل مع النجوم أمام وخلف الكاميرا يجعلك تطمئن للنجاح؟

ـــ من حسن حظى، أن كل الأعمال التى قدمتها تقريبا كل عناصرها نجوم كبار، أمام وخلف الكاميرا، ورغم ذلك لاحظت أن هناك شيئا مشتركا بيننا، الكل يشعر بنفس خوف أول عمل قدمه فى حياته، وأنا بشكل شخصى عندما أدخل لتصوير فيلم أشعر أنه مشروع تخرجى، فالهاجس الأكبر الموجود معى طول الوقت، هل سأكون «شاطر» أم لا وهل العمل سيكون جيدا أم لا؟
وبالمناسبة أرى ذلك فى عيون كل من أعمل معهم، جميعهم لديهم نفس الخوف والاحترام، وعندما نعمل نكون فعلا كأننا طلاب فى معهد السينما، ولذلك هم نجوم كبار.

< هل تحن أحيانا لبدايتك فى السينما القصيرة المتحررة من قيود السوق التجارية أم أنك تحقق ذلك من خلال الأفلام الوثائقية التى تصنعها فى المناسبات الوطنية مثل 6 أكتوبر و30 يونيو؟

ـــ عندما تصنع أى نوع من السينما، سواء سيطرح فى دور العرض أو يشاهد على التلفزيون، يكون هدفك الأساسى أن يكون مؤثرا فى الناس، وبالتالى ليس معنى أنه سيعرض فى التلفزيون يكون مريحا أكثر، فالمسألة ليست مسألة إيرادات، فالتأثير فى الناس هدف من الأهداف الرئيسية.

وبهذه المناسبة، أحب أن أعرب عن سعادتى، بصناعة الفيلم الذى عرض فى اليوبيل الذهبى لحرب أكتوبر، وأننى تشرفت واستمتعت بمقابلتى وجها لوجه مع أبطال حرب أكتوبر، وسعيد برد الفعل على الفيلم خاصة من الشباب الصغير مواليد التسعينيات، كثير منهم قالوا إن الفيلم عرض أشياء لم يكونوا على علم بها، وهذا كان متعمدا، فى تقديم الحدوتة بطريقة جذابة ومعاصرة. كما أعتز جدا بفيلم «القرار» الذى عرض فى الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو، وكذلك بالفيلم الذى عرض فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ. هذه الأفلام أحبها جدا، ومن خلالها بدأت أكتشف أن السينما التسجيلية لها سحر خاص، وأن رؤية وثيقة مر عليها 50 سنة، لها تأثير وسحر خاص، لذلك أحب أن أستمر فى تقديم هذه السينما، بالتوازى مع السينما الروائية.

< تجمع بين الإنتاج والإخراج.. هل تسمح لك الحسابات التجارية بتنفيذ كامل رؤيتك الفنية؟

ـــ منذ وعيت على هذه الدنيا، وأنا أرى والدى منتجا إلى جانب عمله ككاتب سيناريو، ورغم ذلك يصر على أن تصنع أفلامه بأفضل جودة، والحقيقة أن فى عصره كان شيئا طبيعيا أن تجد الفنان منتجا، فعدد كبير من الأساتذة أنتج، ولم يكن هناك تعارض مع عملهم على الإطلاق، على سبيل المثال، الفنانان نور الشريف، وليلى علوى، والمخرجون رأفت الميهى وشريف عرفة، وسمير سيف، وغيرهم الكثير.

< أخيرا.. كيف ترى تكريمك اليوم فى افتتاح الدورة السادسة لمهرجان الجونة السينمائى؟

ـــ أنا شاكر جدا لمهرجان الجونة، وسعيد جدا بهذا التكريم والتشجيع الكبير، وأراه تكريما للأعمال التى قدمتها، ولشركائى المبدعين أمام وخلف الكاميرا، والذين كان لهم دور كبير فى نجاح هذه الأعمال. وأتمنى أن أكون عند حسن الظن دائما.

وقبل أن أختم كلامى، أحب أن أذكر والدتى الإعلامية الكبيرة زينب سويدان، التى كان لها دور كبير جدا فى نشأتى، وفى حبى للقراءة، وأن يكون لدىّ ثقة فى نفسى وفى اختياراتى، وفى انضباطى، وأن أتعامل بجدية شديدة مع كل شىء. أدين لها بفضل كبير جدا فى ذلك.