منوعات

سمير طنطاوى استشارى التغيرات المناخية بالأمم المتحدة لـ الشروق: التغيرات المناخية تزيد معاناة مصر من نقص المياه




نشر في:
الإثنين 30 مايو 2022 – 11:58 م
| آخر تحديث:
الإثنين 30 مايو 2022 – 11:58 م

ــ مصر خارج أكبر 20 مسببا لانبعاثات الاحتباس الحرارى عالميا
ــ التغيرات المناخية تؤثر سلبيا على البنية التحتية ومناطق الجذب السياحى والصناعى المصرى
ــ زيادة حجم انبعاثات ثانى أكسيد الكربون من مصر إلى 350 مليون طن خلال 2020
ــ ارتفاع درجات الحرارة يسبب «الأمطار الفجائية الغزيرة» بشكل لا تتحمله شبكات الصرف

* بداية، دعنا نقيم حجم الضرر الواقع نتيجة التغيرات المناخية؟
ــ للتغيرات المناخية تأثيرات كارثية على جميع مناحى الحياة، فارتفاع درجة الحرارة الناتج عن زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحرارى بغلاف الأرض له تأثيرات وتبعات سلبية كثيرة على جميع القطاعات، مثل ذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر جراء ذلك، مهددا بغرق المناطق الساحلية المنخفضة.
كما تؤثر التغيرات المناخية سلبا على البنية التحتية والمنشآت الساحلية ومناطق الجذب السياحى والصناعى، إضافة لتبوير الأراضى الزراعية الخصبة وتدهور معدلات إنتاجيتها؛ الأمر الذى ينعكس على الأمن الغذائى، وتلوث مخزون المياه الجوفية بمياه البحر المالحة.
* ما هى المناطق الأكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ؟
ــ ستتعرض المناطق الاستثمارية الساحلية والصناعية والزراعية التى تؤثر فى اقتصاديات الدول لمخاطر تتعلق بقدراتها الإنتاجية، وبيئيا ستحدث هجرات داخلية نتيجة الغرق وذوبان الجليد وتملح التربة، كما أن تأثر الإنتاجية الزراعية يدفع التجمعات السكانية للاعتماد على الزراعات المحمية.
وتم تحديد المناطق المنخفضة جيولوجيا فى الشريط الساحلى المصرى؛ كأكثر المناطق عرضة للضرر، إذ يوجد لدينا 3500 كيلومتر سواحل على البحرين الأحمر والمتوسط.
* هل يتأثر منسوب المياه بنهر النيل بتلك التغيرات؟
ــ حاليا تعانى مصر من فقدان كميات المياه الموجودة فى المسطحات المائية خاصة فى نهر النيل وبحيرة ناصر، بسبب فقد كميات كبيرة من المياه نتيجة أعمال البخر.
ومن المتوقع أن تزيد التغيرات المناخية من حجم هذه المعاناة، بسقوط الأمطار فى المحيط الهندى بدلا من هضبة الحبشة التى تعتبر أحد مصادر مياه نهر النيل، وهو ما يسمى «إزاحة أحزمة المطر»، وانخفاض منسوب مياه النهر بالتبعية.
* التغيرات المناخية اهتمام العالم أجمع.. ماذا تقدم مصر فى هذا الملف؟
ــ تلعب مصر دورا مهما تجاه قضية التغيرات المناخية؛ أبرزها سعيها للوصول من خلال موقعها كطرف فى جميع الاتفاقيات الدولية الخاصة بتغير المناخ للتعاون فى حل المشكلة وبذل جهود على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى فى هذا الإطار.
كما تنسق مصر بشكل دائم مع المجموعات التفاوضية الأخرى مثل مجموعة المظلة التى تضم جميع الدول الصناعية ومجموعة الاتحاد الأوروبى ومجموعة السلامة البيئية ومجموعة الدول الجزرية ومجموعة الدول الأقل نموا.
* هل توجد لدينا إحصائية بحجم انبعاثات الغازات الحرارية؟ وماذا تمثل عالميا؟
ــ حسب آخر تقرير رسمى صادر عن وزارة البيئة، فإن حجم الانبعاثات من مصر يقدر بنحو 325 مليون طن ثانى أكسيد الكربون المكافئ خلال 2015، وزاد بنسبة طفيفة إلى 350 مليون طن خلال 2020، ويعنى ذلك حصرا لكل غازات الاحتباس الحرارى ومعادلتها بمعيار موحد، وتمثل هذه النسبة ٠.٦٪ من انبعاثات العالم «أى أقل من ١٪»، وبذلك خرجت مصر من قائمة أكبر 20 مسببا لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى العالم، لتكون فى المركز الـ 94 عالميا.
* وماذا عن التقارير المقدمة للإبلاغ عن مخاطر التغيرات المناخية على مصر؟
ــ فى وقت سابق قدمنا ثلاثة تقارير للأمم المتحدة للإبلاغ عن خطورة التغيرات المناخية على مصر، ونعد للتقرير الرابع الذى يتضمن فصلا بشأن تقييم مخاطر تغير المناخ ويتم فيه دراسة المخاطر وأنواعها وطرق التكيف معها، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منه بنهاية العام المقبل وتسليمه للأمم المتحدة 2024.
ارتفاع درجات الحرارة سيؤثر على كل شىء، وهناك ما يسمى بـ«الأمطار الفجائية الغزيرة» فى غير موعدها الطبيعى وبكميات غير معهودة، ولا تتحملها شبكات الصرف وبالتالى تغرق الشوارع، أو ينتج عنها الفيضانات المفاجئة نتيجة تذبذب معدلات سقوط الأمطار.
* هل ساهمت المشروعات القومية فى الحد من ظاهرة التغيرات المناخية؟
ــ بالتأكيد، المشروعات القومية التى تم تنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية ساهمت بشكل واضح وفاعل فى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، مثل محطات توليد الطاقة التى تم إنشاؤها حديثا وذلك لاستهلاكها وقودا أقل بانبعاثات أقل كما أن التوسع فى محطات الطاقة الجديدة والمتجددة مثل مزارع الرياح والمزارع الشمسية والمائية والطاقة الحيوية تعتبر محطات طاقة صفرية الانبعاثات، هذا بالإضافة إلى الخطط الوطنية للتوسع فى إنتاج وتصدير «الهيدروجين الأخضر».
كما أسهمت مبادرة رئيس الجمهورية لنشر الوعى البيئى «اتحول للأخضر» فى التقليل من تلك المخاطر، فضلا عن توجه الحكومة لزيادة الاعتماد على الغاز الطبيعى والكهرباء فى مشروعات النقل الأخيرة مثل القطارات الكهربائية والمونوريل، ما يساهم فى خفض الانبعاثات باعتبار أن قطاع النقل وتوليد الكهرباء يمثلا ما يزيد على ٦٠٪ من إجمالى الانبعاثات الوطنية.
هذا بالإضافة إلى مشروعات تأهيل الترع والمصارف للحد من فقد المياه، وكذلك زراعة 1.5 مليون فدان لتحقيق الأمن غذائى وتعويض تدهور وتآكل الأراضى فى الدلتا.
* حدثنا عن الهيدروجين الأخضر وما طرق الحصول عليه؟
ــ الهيدروجين الأخضر من أهم مصادر الطاقة النظيفة الواعدة ويسمى بـ«وقود المستقبل»، وقد تم تصنيعه بأكثر من طريقة، بينها التحليل الكهربائى للمياه، من خلال استخدام محول لفصل الهيدروجين عن الأكسجين للحصول على الهيدروجين فقط.
ويحتاج المحول الكهربائى إلى طاقة لتشغيله، وهذه الطاقة المستخدمة هى التى تحدد مسمى الهيدروجين سواء «الأخضر أو الأسود أو غير ذلك»، وإذا تم استخدام طاقة مصدرها نظيف كالشمس والرياح يسمى الهيدروجين المنتج بالهيدروجين الأخضر وإذا تم استخدام طاقة تقليدية ينتج عنها تلوث وتمكنت من «تخزين الانبعاثات ومنع انتشارها» يسمى بالهيدروجين الأسود، وإذا استخدمت الفحم كمصدر طاقة ملوث يسمى بالهيدروجين المنتج بالهيدروجين الأسود أو الرمادى.
وتكنولوجيا الهيدروجين الأخضر فى بدايتها محدودة الانتشار ومرتفعة التكلفة مثلما كان الوضع بالنسبة لبدايات تكنولوجيا الطاقة الشمسية.
* إلى أى حد أفادت اكتشافات الغاز فى مصر قضية التغيرات المناخية؟
ــ أفاد الغاز الطبيعى كثيرا رغم أنه من أنواع الوقود الأحفورى ولكنه الأقل تلوثا مقارنة بالبترول والفحم، فضلا عن أنه مدخل أساسى فى تصنيع الهيدروجين والأمونيا.
وتعد الاستكشافات الحديثة للغاز الطبيعى أحد محاور التنمية النظيفة فى مصر، فمن خلال مبادرة احلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعى وتوصيل الغاز للمنازل والمصانع واستخدامه فى تصنيع الهيدروجين والأمونيا الخضراء بالإضافة إلى تصدير الفائض بعد إسالته لدول أخرى، كل هذا يساهم فى خفض الانبعاثات بشكل فاعل.