اخبار فلسطين

فرنسا تنتقد إسرائيل لترحيلها فلسطينيا بتهم إرهاب مزعومة: “هذا يخالف القانون”

نددت فرنسا يوم الأحد بترحيل إسرائيل للمحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري المتهم بارتكاب جرائم إرهابية والمعتقل دون توجيه التهم إليه منذ شهر مارس.

قالت إسرائيل إن الحموري لا يزال نشطا في حركة إرهابية، بعد سنوات من إطلاق سراحه من السجن في عام 2011 بتهمة التخطيط لقتل حاخام بارز. وقد نفى جميع المزاعم الموجهة إليه.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “ندين اليوم قرار السلطات الإسرائيلية المخالف للقانون بطرد صلاح الحموري إلى فرنسا”.

وأكدت الخارجية الفرنسية أنه “منذ اعتقاله الأخير اتخذت فرنسا إجراءات كاملة بما في ذلك على أعلى مستوى في الدولة، لضمان احترام حقوق صلاح الحموري واستفادته من جميع الطعون القانونية وتمكينه من أن يعيش حياة طبيعية في القدس حيث ولد ويقيم ويرغب في العيش”.

وأضافت في بيانها أن “فرنسا اتخذت خطوات عديدة لدى السلطات الإسرائيلية للتعبير بأوضح ممكنة عن معارضتها لطرد فلسطيني مقيم في القدس الشرقية، وهي أرض محتلة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة”.

سيطرت إسرائيل على القدس الشرقية، التي تضم أهم المواقع الدينية في المدينة، في حرب الأيام الستة عام 1967، وضمت المنطقة في خطوة غير معترف بها دوليًا. وتعتبر إسرائيل مدينة القدس بكاملها عاصمتها، بينما يطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وقد أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مخاوف بشأن قضية الحموري مع رئيس الوزراء يائير لبيد سابقا.

سجن إداري

حُكم على الحموري، الذي يحمل الجنسية الفرنسية، في مارس بالاعتقال الإداري لثلاثة أشهر وهو إجراء مثير للجدل يسمح لإسرائيل بسجن أشخاص من دون توجيه أي تهمة رسمية لهم.

وتشتبه إسرائيل بوجود صلات بين الحموري و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” التي تعتبرها اسرائيل والاتحاد الأوروبي “منظمة إرهابية”.

صلاح الحموري يصل باريس بعد ترحيله من إسرائيل، 18 ديسمبر 2022 (Daphné BENOIT / AFP)

وقال الحموري (37 عاما) عند وصوله إلى مطار رواسي الباريسي: “غيرت الأماكن لكن المعركة مستمرة”.

وكان في استقباله زوجته إلسا وعشرات من مؤيديه الذين هتف بعضهم “تحيا فلسطين” و”فلسطين ستنتصر”. وأضاف: “اليوم أشعر أن لدي مسؤولية كبيرة تجاه قضيتي وشعبي. نحن لا نتخلى عن فلسطين ومن حقنا المقاومة”.

وقال الحموري يوم الأحد بعدما شكر الذين ساندوه خلال اشهر اعتقاله: “اليوم اقتلعت بوحشية من موطني بسبب هذه القوة المحتلة التي تواصل هذا التطهير العرقي منذ 1948”.

وأضاف وقد بدا عليه التأثر: “طردي من جانب دولة إسرائيل لا يعني أننا لن نعود”.

ترحيل

بعد مسلسل قضائي دام أشهرا، طردت إسرائيل صباح الأحد إلى فرنسا المحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري الذي كانت تحتجزه من دون تهمة رسمية في سجن اسرائيلي منذ مارس.

وقالت وزارة الداخلية الاسرائيلية في بيان إن صلاح حموري “تم ترحيله صباح اليوم (الأحد) الى فرنسا بعد قرار وزيرة الداخلية ايليت شاكيد سحب تصريح إقامته”.

وقالت إلسا لوفور زوجة الحموري لوكالة فرانس برس إن “الخطوة الأولى ستكون أن نلتقي مجددا فهناك وقت يجب تعويضه مع العائلة، لكن صوت صلاح لن يتلاشى مع هذا المنفى القسري”، مؤكدة أنه “سيكون في فرنسا صوت الشعب الفلسطيني”.

وكانت عائلة الحموري وحملة الدعم له تتوقعان إبعاده صباح الأحد في رحلة لشركة الطيران الاسرائيلية العال بين تل أبيب وباريس.

وأبلغ الحموري في نوفمبر بأنه سيُرحل في ديسمبر إلى فرنسا.

لكن ترحليه أرجئ بعد سلسلة من الجلسات أمام القضاء العسكري طعن خلالها محاموه بقراري ترحيله وإلغاء وضعه كمقيم في القدس الشرقية. والحموري مولود في القدس الشرقية، وهو لا يحمل الجنسية الإسرائيلية بل تصريح إقامة ألغته السلطات الإسرائيلية في قرار اعترض عليه.

وثبتت السلطات الإسرائيلية في بداية كانون الأول/ديسمبر القرار مما مهد الطريق لطرده على الرغم من موعد مقرر لجلسة جديدة في الأول من كانون الثاني/يناير.

وتضاعفت منذ مساء الجمعة المؤشرات إلى إبعاده صباح الأحد. وكتبت النائبة العربية الإسرائيلية عايدة توما سليمان مساء السبت إلى وزير الدفاع بيني غانتس لمنع طرده، لكن وزيرة الداخلية أييليت شاكيد وقعت قرار إبعاده.

يأتي طرد الحموري مع اقتراب تغيير الإدارة في إسرائيل حيث يفترض أن تنتقل السلطة في الأيام المقبلة من ائتلاف الوسط بزعامة يائير لبيد إلى حكومة بقيادة بنيامين نتانياهو وحلفائه من الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة واليمينية المتطرفة.

وقالت شاكيد الأحد إن تمكنها من “طرده قبل نهاية ولايتي مباشرة” هو “إنجاز رائع”.

وزيرة الداخلية أييليت شاكيد في مؤتمر لموقع “سروغيم” الإخباري في القدس، 30 أكتوبر، 2022. (Yonatan Sindel / Flash90)

“مسقط رأسه”

ويشكل طرد صلاح الحموري “اختبارا” لسكان القدس الشرقية، كما رأت محاميته ليا تسيميل مؤخرا، مؤكدة أنها تخشى أن تضاعف الحكومة الإسرائيلية المقبلة قرارات إلغاء تصاريح الإقامة للفلسطينيين المولودين في المدينة المقدسة.

وقالت منظمة العفو الدولية ومنظمات غير حكومية فرنسية الأحد إن “هذا الطرد هو مناورة تهدف إلى عرقلة عمل صلاح الحموري لصالح حقوق الإنسان، وتعبير أيضا عن الهدف السياسي بعيد المدى للسلطات الإسرائيلية وهو تقليص حجم السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية”.

وقال مسؤول فلسطيني كبير لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته إن “طرد صلاح الحموري أمر مقلق فعلا للفلسطينيين في القدس”.

وقال انصار حملته إن السلطات الاسرائيلية رحلت صلاح الحموري من مسقط رأسه في القدس الى فرنسا بسبب “عدم ولائه لقوة محتلة”.

وكانت والدته دونيز الحموري قالت مؤخرا “لم نتصور أنه من الممكن طرد شخص من مسقط رأسه. إنه مواطن فرنسي لكنه فلسطيني بدرجة أكبر. ولد في القدس وعاش وترعرع هنا (…) جذوره موجودة هنا”.

ودعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الضغط على إسرائيل لتعليق طرده والسماح لصلاح الحموري بالسفر بحرية بين القدس وفرنسا البلد الذي تعيش فيه زوجته إلسا لوفور وابناهما حاليًا.

واضافت لوفور لوكالة فرانس برس: “لم تتبلور إرادة سياسية لممارسة الضغط على الحكومة الإسرائيلية (…) مورس الحد الأدنى فقط”.

دونيز غيدو، والدة المحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري، تحمل صورة ابنها خلال مؤتمر صحفي في القدس الشرقية، 2 ديسمبر 2022 (AHMAD GHARABLI / AFP)

أسرى و”بيغاسوس”

سجن الحموري في اسرائيل من قبل بين 20052011 لمشاركته في محاولة اغتيال عوفاديا يوسف كبير حاخامات اسرائيل السابق ومؤسس حزب شاس الديني المتشدد. وقد أطلق سراحه في 2011 في إطار عملية تبادل الأسرى التي سمحت بالإفراج عن الجندي الفرنسي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

وأصبح الحموري محاميا بعد ذلك وعمل لصالح منظمة الضمير غير الحكومية التي تدافع عن الأسرى الفلسطينيين. لكن هذه المنظمة غير الحكومية أدرجت في الأشهر الأخيرة، كغيرها من عدد من المنظمات الأخرى، على اللائحة الإسرائيلية للمنظمات الإرهابية.

المحامي الفرنسيالفلسطيني والباحث الميداني في مؤسسة “الضمير” صلاح الحموري في مكاتب المنظمة غير الحكومية في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 1 أكتوبر، 2020. (ABBAS MOMANI / AFP)

من جهة أخرى، أكدت منظمة العفو الدولية بعد تحليل الهاتف المحمول للحموري أنه تم اختراقه بواسطة برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي تنتجه شركة “ان اس أو” الاسرائيلية.

وهذا الملف الأخير شكل موضوع شكوى قانونية تقدم بها الفرنسي الفلسطيني في فرنسا ضد شركة الأمن الالكتروني هذه التي تشتبه مجموعة صحافيين في أنها استخدمت لاختراق الهاتف الذكي للرئيس ماكرون.