استراتيجيّة «الضفدع المغليّ» والقنابل العنقوديّة في أوكرانيا!

في جولة جديدة من تطويق شرور الأطروحات المتطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي، نجح المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) في السعودية، في التصدّي خلال الشهرين الماضيين، لنحو 1554 قناة على منصة «تلغرام»، وإزالة أكثر من 7 ملايين محتوى، كانت تفوح منها رائحة التطرف والتحريض ضد سلم المجتمعات وأمن الدول واستقرار المنطقة.

شراكة مثمرة انطلقت بين مركز «اعتدال» ومنصة «تلغرام» عام 2022، وتمكّنت من تفكيك شبكات التطرف ومستعمرات التحريض التي تنشط على المنصة العالمية، وبثّ التنظيمات الإرهابية محتويات مغرضة؛ لتمرير رسائلها وتضليل المجتمعات المستهدفة واستقطاب أفرادها؛ لتجنيدهم بوصفهم عناصر في بنية التنظيمات المقاتلة في بؤر الصراعَين الإقليمي والدولي.

وأعلن مركز «اعتدال» (الثلاثاء)، تمكّنه من إزالة 7.207.810 مليون محتوى متطرف، وإغلاق 1554 قناة متطرفة، من على منصة «تلغرام»، خلال الربع الثاني من عام 2023، وفي الفترة من أبريل (نيسان) وحتى يونيو (حزيران)، بعد أن رصدت الفرق التابعة للمركز نشاطاً رقمياً دعائياً لثلاثة تنظيمات إرهابية منشوراً باللغة العربية على المنصة.

تواطؤ على استقطاب الأجيال الناشئة

ورصد فريق «اعتدال» تنافس 3 تنظيمات إرهابية هي «القاعدة» و«هيئة تحرير الشام» و«داعش»، في بثّ المحتويات المتطرفة لاستهداف الناطقين بالعربية، وتصاعداً في حدة الخطاب التحريضي وكميته بالتزامن مع المواسم الدينية، وذلك لاستثمار العواطف الدينية لتجنيد الأجيال الشابة والناشئة لصالح أجندة التنظيمات المتطرفة.

وتصدرت المحتويات المتطرفة التي تمت إزالتها لتنظيم «القاعدة» الإرهابي بنحو 3.511.979 مليون محتوى متطرف، توزّعت في 535 قناة متطرفة، تلتها محتويات «هيئة تحرير الشام» بـ1.951.527 مليون محتوى متطرف بثّت على 403 قنوات، بينما بثّ تنظيم «داعش» الإرهابي 1.744.304 مليون محتوى متطرف على 616 قناة متطرفة.

وكشف الرصد الذي قام به فريق «اعتدال»، أن يوم 18 أبريل، الذي صادف 27 رمضان، شهد أعلى نشاط في بث المحتويات المتطرفة بـ615.506 ألف محتوى متطرف، وإنشاء 81 قناة متطرفة، كما لاحظ كثافة نشاط تنظيم «القاعدة» الإرهابي في بث محتوياته المتطرفة، وللمرة الأولى منذ فبراير (شباط) 2022 حتى الآن، وذلك ببث 3.511.979 مليون محتوى متطرف ونشرها عبر 535 قناة على منصة «تلغرام».

التطرف… من عنقودية الخلايا إلى سرية الشبكات التواصلية

ويقوم مركز «اعتدال» برصد الأنشطة التحريضية للتنظيمات الإرهابية التي تنشط في مراحل الكمون من خلال الخلايا النائمة، واستراتيجية الذئاب المنفردة التي تحافظ على إبقاء خط التطرف ساخناً على الأرض، بينما تنشط جهودها التحريضية على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لضمان حيوية نظامها الدعائي وبثّ رسائلها التحريضية، حيث يعتمد التطرف على سلب التفكير تمهيداً لمرحلة التجنيد.

ويمتلك المركز فرقاً متطورة، قادرة على رصد وتصنيف وتحليل أي محتوى متطرف في غضون 6 ثوانٍ فقط من ظهوره على شبكة الإنترنت وبمستوى غير مسبوق عالمياً من الدقة يتعدى 80 في المائة، مما يتيح آفاقاً جديدة في مجال مكافحة الأنشطة المتطرفة في المجال الرقمي.

ويواصل «اعتدال» بث الوعي لدى الأفراد والمؤسسات بأهمية التصدي لنشاط التنظيمات على شبكة الإنترنت. وقال في نشرة صادرة له حول الأداء السري لقوى التطرف على الشبكات التواصلية في الإنترنت، إن الطابع السرّي للتنظيمات الآيديولوجية ليس مجرد استراتيجية مرحلية، بل جوهر في صميم عملها وبنيتها التي تفتقر إلى المشروعية.

وأشار إلى أن الجماعات المتطرفة تفضّل استخدام خطاب سرّي ومزدوج لاستقطاب الأتباع والمتعاطفين، من خلال العزف على الأوتار الأكثر ملامسة لقلوب الجمهور الواسع، بينما تخفي وراء تلك الواجهات الاستعطافية واللغة المتلونة، شراك التورط والانتماء إلى الأجندة الحقيقية من وراء الألاعيب الخطابية.

وعدّد المركز، ملامح بشأن التحولات التي طالت الطابع السري للتنظيمات المتطرفة على شبكة الإنترنت، ومن بينها توظيف برمجيات سيبرانية متطورة؛ لإخفاء الهويات الحقيقية، وتشتيت انتباه السلطات الأمنية، واستهداف المجتمعات العربية بالخطابات المتطرفة.

شراكة لتحصين المجتمعات من شرور التطرف

ويتعاون المركز العالمي لمكافحة التطرف «اعتدال» خلال الفترة الماضية مع «تلغرام» من خلال مراجعة المحتوى الإرهابي المنشور باللغة العربية عبر الإنترنت، وراكم هذا التعاون نجاحات على صعيد تطويق المحتويات المتطرفة، وتحصين المجتمعات العربية من آثارها المدمرة، بينما اتفق الجانبان على توسيع نطاق التنسيق فيما بينهما من خلال رصد وإزالة المحتويات العربية الممنهجة التي تمجّد الإرهاب.

وعلى أثر تلك الشراكة، يواصل كل من المركز والمنصة تعاونهما المشترك للعام الثاني على التوالي، ليصل عدد ما تمت إزالته 28.233.979 مليون محتوى متطرف وإغلاق 10218 قناة، وذلك منذ بدء التعاون في فبراير 2022 حتى يونيو 2023.

وقال «اعتدال» في نشرة رسمية، إن الثورة الرقمية التي يشهدها العالم، وعتبة ثورة «الذكاء الاصطناعي» المقبلة، تنذران بولادة تحولات جديدة على صعيد أقنعة التطرف والإرهاب الإلكتروني، داعياً إلى مزيد من الانتباه والحيطة لفك منظومات التطرف على شبكة الإنترنت، حيث تستفيد التنظيمات المتشددة من التواري بخطابها الفجّ عن نظر قوى الاعتدال والواقعية، وتطوير سلوكها في الحياة السرية التي تعدّ المناخ الملائم لنمو نشاطها وتأثيرها في المجتمعات.