اخبار المغرب

التعاون المغربي الأمريكي يكرّس الدبلوماسية الأمنية للمملكة

قال الدكتور خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن مرحلة جديدة تطبع العلاقات المغربية الأمريكية في التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الأمريكية، موضحا أن “التجربة الرائدة للمغرب في المجال الأمني على الصعيدين الوطني والإقليمي صارت محل اهتمام دولي، وأعطت للمملكة إشعاعا عالميا كدولة قادرة على التحكم في المجال الأمني في إطار الحكامة الجيدة واحترام القانون، وبوأتها مكانة متميزة على الصعيد العالمي”.

وأشار خالد الشرقاوي السموني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن “التجربة المغربية في المجال الأمني جعلت العديد من الدول في كل من أمريكا وأوروبا وإفريقيا تعتزم عقد شراكات للتعاون الأمني مع المملكة، من أجل تعزيز الأمن والاستقرار العالميين، وخلق جبهة مشتركة لمكافحة التهديدات الإرهابية العابرة للقارات، خاصة أن المغرب بموقعه الإستراتيجي وخبرته في المجال الأمني يعتبر حجر الزاوية في معادلة الاستقرار الأمني في المنطقة”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “هذا بالضبط ما يفسر استقبال عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، الثلاثاء 21 فبراير الجاري بالرباط، كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، في إطار زيارة عمل إلى المملكة المغربية على رأس وفد رفيع المستوى لوضع برنامج عمل مشترك بين الطرفين؛ ما يكرس ما يمكن أن نطلق عليها ‘الدبلوماسية الأمنية’ التي ترتكز على مقاربة جديدة في التعاون الأمني بين المملكة والولايات المتحدة، من أجل خلق توازن أمني إقليمي جديد، خاصة بعد انسحاب القوات الفرنسية من منطقة الساحل”.

ورد ضمن التصريح ذاته أن “هذا اللقاء، الذي أساسه عمق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين في مختلف المجالات، يكتسي أهمية بالغة على المستوى الجيوسياسي، لتمتين علاقات التعاون الثنائي المتميز بين الأجهزة الأمنية للبلدين، لتوطيد الأمن والاستقرار الإقليمي بمواجهة التهديدات والتحديات الأمنية المرتبطة بالعديد من الظواهر الإجرامية العابرة للحدود الوطنية، وحركية المقاتلين في التنظيمات الإرهابية عبر المنافذ الحدودية، خاصة بمناطق الصراعات بإفريقيا”، مذكّرا، في هذا السياق، بـ”منطقة الساحل والصحراء التي تنشط فيها خلايا وتنظيمات إرهابية متعددة، مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وولاية الدولة الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى…”.

كما أكد خالد الشرقاوي السموني أن “هذا اللقاء يندرج أيضا في إطار تنزيل بروتوكول التعاون والشراكة الإستراتيجية بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني والوكالات الأمريكية لتطبيق القانون، خاصة مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب مكافحة المخدرات، وتوسيع نطاق التعاون المغربي الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب على الصعيد الإقليمي، ومواجهة كل المخاطر المهددة للأمن القومي للبلدين”.

وتابع السموني بأن “جهود المغرب في محاربة الإرهاب ساهمت بشكل كبير في الحد من مخاطر الأعمال الإرهابية، بفضل إستراتيجيته الوطنية الشاملة في هذا المجال، التي ترتكز على التنمية الاقتصادية والبشرية؛ فضلا عن كون أجهزة الأمن المغربية شاركت في سلسلة من البرامج لتحسين القدرات التقنية والتحريات، خاصة التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والأمن السيبراني، وأمن الحدود الذي ظل أولوية مطلقة للسلطات المغربية”، وزاد: “هذا علاوة على اعتراف الخارجية الأمريكية بكون المغرب ‘حليفا رئيسيا خارج الناتو’، وعضوا في شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء، وشريكا أساسيا في بلورة السياسة الدولية لمكافحة الإرهاب”.

وذكّر مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية بأن “المغرب يترأس بشكل مشترك مع كندا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ويستضيف سنويا مناورات الأسد الإفريقي، ويحتضن اجتماع فريق العمل الدولي المعني بمكافحة الإرهاب؛ كما أنه منخرط في دينامية التعاون الأمني الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية التي مكنت دولا أوروبية مثل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا من الوقاية وتفادي وقوع عمليات إرهابية تستهدف أمنها واستقرارها”.

وأكّد السموني، في التصريح ذاته، على أن “الإرهاب لما كان ظاهرة عالمية ذات تداعيات إقليمية ومحلية صار المغرب أيضا معرضا للمخاطر والتهديدات عبر الوطنية التي يمثلها تزايد الإرهاب والجريمة المنظمة وانتشار الفكر المتطرف والعنيف، الأمر الذي جعل الأجهزة الأمنية ببلادنا تنتهج سياسة يقظة واستباقية في محاصرة الظاهرة، عبر خطة إستراتيجية ترتكز على عدة آليات وعناصر، لاسيما التنسيق الدائم والمستمر بين مختلف الأجهزة الأمنية والمتدخلين، وجمع المعلومات والعمل الاستباقي في مجال التعرف على الحيثيات والبيئة الحاضنة وكذلك المؤهلة للاستقطاب والتجنيد؛ وحققت نجاحات متتالية، جعلتها نموذجا يحتذى به في دول منطقة الساحل بإفريقيا، ولقيت إشادة واسعة من عدة دول على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، مرورا بمنظمة الأمم المتحدة”.

وبعدما أشار خالد الشرقاوي السموني إلى أن “تجربة المغرب في المجال الأمني دفعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التنويه بدور مصالحه الأمنية الفعال”، ختم تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أن “الدبلوماسية الأمنية بوأت المغرب مكانة دولية متميزة، وجعلت العديد من الدول تطمح إلى عقد شراكات مع المملكة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار العالميين، ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية”.