اخبار مصر

محمد الأبنودي يكتب: اللغة العربية.. المفترى عليها



الحفاظ على اللغة العربية هو حفاظ على مقوم أساسى من مقومات هوية الأمة العربية التى هى المركز والنواة للأمة الإسلامية. والتهاون فى التمسك بهذه اللغة أو الدفاع عنها هو تهاون فى الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية، وتخلى عن الخصوصية الثقافية والاستسلام للغزو الثقافى الأجنبى سواء أكان مقصوداً أو مخططاً أم تلقائياً.

ويعتبر يوم الثامن عشر من هذا الشهر.. هو اليوم الذى أقرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بجعل اللغة العربية لغة رسمية وأطلق عليه اليوم العالمى للغة العربية.كنت أتمنى أن يكون هذا اليوم الذى يوافق الأسبوع القادم من هذا الشهر محفلاً عالمياً باللغة العربية خاصة فى مصر والوطن العربى للعناية بها وحمايتها من مواجهة طوفان العولمة والتغريب والمحاولات المستمرة لتهميشها لحساب اللغات الأجنبية من ناحية، ولحساب اللهجات العامية المحلية فى مصر وغيرها من البلاد العربية من ناحية أخرى.. هذه العناية وتلك الحماية مطلوبان بشدة لعدة أسباب أراها جوهرية، بعضها يتصل بالعقيدة وبعضها بالشعور بالروابط الوطنية القومية.فاللغة العربية هى لغة القرآن، والإسلام رسالة عالمية لكل العالم، ومن ثم يجب الحفاظ على هذه اللغة، بل ونشرها كجزء ومكون أساسى من نشر رسالة الإسلام.

لذلك نرى أنه مهما اختلفت اللغات التى انتقلت إليها معانى القرآن الكريم وترجماته بأن آيات القرآن لا تقرأ إلا باللغة العربية، سواء كان قراؤها مسلمين أم غير مسلمين.أما من حيث الرابطة الوطنية، فإن داخل الوطن الواحد، ومع تعدد اللهجات واللكنات تبقى اللغة العربية الفصحى هى الرابطة الأساسية التى تتجاوز اختلاف هذه اللكنات وتوحد فكر ومشاعر كل أبناء الوطن، أضيف إلى ذلك أن الفصحى ليست لغة ميتة ولا خاملة، بل على العكس هى لغة مرنة متطورة قادرة على استيعاب كل جديد فى مجالات الفنون والعلوم المختلفة.. وإذا كان ثمة عيب فليس فى اللغة ذاتها ولكن العيب فى القائمين عليها.

إن اللغة العربية هى من اللغات الحية المعترف بها عالمياً.. والمثير للدهشة أن تعترف المنظمات الدولية بها، وتحرص دول إسلامية كثيرة على أن تكون اللغة العربية هى إحدى لغات التداول والتعليم بها بينما نجد فى بلادنا أصواتاً عالية تهاجم الفصحى وتدعو للعامية.. كذلك من العجب أن تحرص كل بلاد العالم التى تعتز بشخصيتها ومقوماتها الوطنية على نقل كافة العلوم إلى لغاتها الوطنية بينما نجد تقصيراً شديداً فى جامعاتنا، والأدهى والأمر من ذلك شيوع الأسماء الأجنبية على واجهات محلاتنا التجارية.. والأعجب أن أبناؤنا ينظرون بضيق شديد للغة العربية ويتعاملون معها كأنها هم ثقيل وشر لابد منه كمادة أساسية. لذلك أرى أنه لابد من إعادة النظر فى مناهج وأساليب تعليم العربية فى التعليم العام، ولابد أن يقوم الإعلام بدوره فى هذا المجال.

إن حماية اللغة العربية والحفاظ عليها واجب دينى ووطنى فى آن واحد.. فالعربية هى السياج المتين الذى يحميها من آثار العولمة.. وواجب الأمة العربية حماية لغتها وتراثها وبيان الجوانب المضيئة فى حضارة أمتنا وتاريخنا.

وختاماً: قال تعالى:« إِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ قُرْءَٰنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ».

صدق الله العظيم سورة يوسف آية «٢»

مقال الكاتب الصحفي محمد الأبنودي رئيس تحرير جريدة عقيدتي في العدد الجديد للجريدة.