اخبار المغرب

باحث يرصد تغيرات المجتمع المغربي بشأن الاحتفال بمناسبة عيد الأضحى

يحل عيد الأضحى هذه السنة في ظل ظروف تتسم بتدهور القدرة الشرائية للمغاربة، وبداية الخروج من أزمة وبائية أرخت بتداعياتها على مختلف فئات المجتمع، حتى أضحى التضامن لا يكاد يجد لنفسه موطئ قدم بالشكل الذي كان عليه في السنوات الماضية، وقد ساهم في ذلك تغير مفهوم هذه القيمة المغربية مع بروز الثورة الرقمية والتحولات التي شهدها المجتمع، حسب ما أكده عادل غزالي، أستاذ وباحث في علم النفس الاجتماعي.

وأوضح الباحث أن كل مجتمع ينتج قيمه الإيجابية وأيضا السلبية، مبرزا أن التضامن ظاهرة اجتماعية عضوية لازمت المجتمعات، خاصة في المناسبات الدينية التي كانت تؤطرها قيم التدين في البداية، لكن مع مرور الوقت تحولت إلى قيم اجتماعية وثقافية.

وقال غزالي إن التضامن خلال الأعياد كان يتم في ظل وجود تفاوت بين طبقتين على الأقل على المستوى الاقتصادي، الأولى غنية والثانية فقيرة، مضيفا أن الأثرياء والطبقة المتوسطة كانوا ينحرون الأضحية ويقدمون بعض أجزائها للفقراء، إلا أنه في ظل التحولات التي عرفها المجتمع المغربي، يظهر أنه لم يعد هناك مجال لهذا النوع من التضامن، حيث إذا أراد الغني أن يتضامن فيجب عليه أن يقوم بشراء خروف.

وتابع الباحث ذاته قائلا: “الفقير لم يعد يقبل أن يعامل كفقير، وحتى من يتسولون بعض الأجزاء يقومون، للأسف، ببيعها في الأسواق”.

من جهة أخرى، أبرز غزالي أن الإحصائيات الرسمية والمواطنين عامة لاحظوا أن سلوك التضامن وصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى أوجه، حيث ظهر أشخاص يقدمون الطعام والمال، كما أن تحويلات المغاربة القاطنين بالخارج عرفت ارتفاعا كبيرا، وبالتالي تبين أن الجائحة خلقت نوعا من الفزع، مشيرا إلى أن “الخوف من الموت ينتج سلوكات، من بينها التضامن”.

وأضاف “الآن وبعد دخول المواطنين مرحلة التعايش مع الوباء، وتأثيرات الركود الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، والحرب الأوكرانية الروسية، لم نعد نعلم من الغني ومن الفقير، وحتى من يملك المال لم تعد له تلك القيمة المعتادة بسبب ضعف العرض”. وأوضح في السياق ذاته أن المغرب بلاد فلاحي إلا أن مخزونه، مثلا، من القمح لا يتعدى أربعة أشهر، وبالتالي “حتى المال لم تعد له قيمة أمام تهديدات المشكل الذي سيعاني منه العالم، من ندرة المياه والمواد الأولية والغذاء، وهو ما سيخلق نوعا من الفزع والشك، وبالتالي تراجع قيمة التضامن”.

وقال غزالي إن “الغاية من العيد لم تتحقق، كما أن الخطب التي يوجهها الفقهاء خارج الإطار وبعيدة عن وصف الواقع”، مضيفا أنه في ظل وجود أزمة وركود اقتصادي كان من المفترض أن تتدخل مؤسسات الدولة لضمان كرامة الفقراء، والانتقال بالبعد التضامني من مجاله الفردي إلى مجال مؤسساتي، خاصة في ظل ما يعيشه المجتمع من أزمة الثقة.

وانتقد الباحث السوسيولوجي مشاهد التسول وما وصفه بمنطق اليد العليا والسفلى و”عطيه وتصور معه”، كما يروج على مواقع الاخبار السعودية الاجتماعي، وغير ذلك من مشاهد الإهانات، كتصوير سيدة تبكي وهي تبحث عن خروف.

وفي ظل هذا الوضع، فضل غزالي اللجوء إلى “التنازل عن الخروف هذه السنة، وتوجيه الأموال لحل المشاكل المتراكمة”، مستنكرا “تحول العيد إلى طقوس من العنف والجرائم، بسبب تشكيل سياق مقلق، حيث بات الكل يخاف من أعين الناس ومن كلامهم. كما أن هذه المباهاة التي خلقتها مواقع الاخبار السعودية الاجتماعي جعلت الإنسان كائنا مرعوبا ينتج كل أشكال العنف، التي تجعلنا أمام مآس وليس أمام تضامن”.