اخبار المغرب

الاتحاد الاشتراكي ينوه بـ”المغرب الأطلسي”

عقد المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، برئاسة إدريس لشكر، اجتماعا عاديا تمحورت أشغاله ومناقشاته حول المرحلة السياسية الراهنة، وتحديات الأجندة الوطنية التي تشغل بال المغرب والمغاربة، سواء على مستوى الشأن الداخلي البحت أو على مستوى القضايا ذات الامتدادات الإقليمية والقارية.

واعتبر الحزب، في بلاغ له، الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء “خطابا تاريخيا بكل مقاييس التحليل الرزين والعميق لمستجدات قضية الوحدة الترابية، ولموقع بلادنا في خارطة صناعة القرار الإفريقي”، مبرزا أن الملك “دشن توجها جديدا وتحولا عميقا يبني هوية جيو- استراتيجية للمغرب الأطلسي”.

وأضاف البلاغ أن “التوجه الجديد يسعى الى هيكلة هذا الفضاء بما يخدم القارة الإفريقية، باعتماد مقاربة جريئة وغير مسبوقة، لكنها في الوقت نفسه مقاربة مفكر فيها بعمق واقتناع وتم إنضاجها بهدوء استراتيجي يضع كل إمكانيات المغرب رهن إشارة “أسرته المؤسساتية” الإفريقية، عبر استكمال التأهيل التنموي للأقاليم الصحراوية، بمستوى يجعلها منصة قارية، ونموذجا يحتذى به في تنمية السياحة الأطلسية وتطوير الأسطول البحري التجاري، مع تنويع الموارد الطاقية، والرفع من مردودية مقومات الاقتصاد الأزرق”.

كما يروم التوجه الجديد، وفق المصدر ذاته، إلى “وضع آليات ديبلوماسية مبتكرة، من خلال انصهار سياسات 23 دولة إفريقية في توجه مؤسساتي موحد، يمتلك أدوات الفعل والتأثير وفرص الاستفادة من الفضاء الأطلسي، الذي يعد اليوم أحد أكبر الفضاءات الجيو- اقتصادية والجيو- سياسية في العالم”.

وثمن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هذا التوجه الملكي في تقوية البعد الأفرو أطلسي للمغرب، لا سيما أن الاتحاد “شاهد وشريك في الدعوة إلى تأهيل الواجهات البحرية، كما بينت ذلك مشاركته من خلال حكومة التناوب في صناعة الممرات الطرقية الكبرى والبنيات الاستراتيجية في شمال المغرب، والعمل على تأهيل الفضاء الأورو متوسطي تنفيذا للإرادة الملكية”.

كما وقف المكتب السياسي للحزب عند حادثة السمارة الإرهابية، وثمن الأسلوب الذي اعتمده المغرب في التعامل مع هذا الاستفزاز الإرهابي، مذكرا بالسلوك العاقل والمتبصر نفسه الذي تعامل به المغرب مع حادثة مقتل شبان مغاربة بالسعيدية في الصيف الماضي، محتكما في ذلك إلى القانون عبر تكليف الوكيل العام بالملف قبل اتخاذ أي موقف أو التعبير عنه.

وأوضح أن حادثة السمارة ليست معزولة عن استفزازات أوردها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، بناء على معلومات المينورسو، مبرزا أن هذا المعطى يجعل الأمم المتحدة شاهدة على السلوك الاستفزازي والعدواني المتمادي من طرف خصوم المغرب ومن يساندهم في السر والعلن.

وعلى المستوى الاجتماعي، جدد الحزب ذاته اعتزازه الكبير بالمشاريع الملكية الكبرى، منها تأهيل مناطق الأطلس الكبير وما وضع له من إمكانيات تمويلية، وخطط ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وروحية، والدعم المباشر للأسر المعوزة، وتوسيع دائرة الفئات الجديدة المستفيدة منه، ودعم السكن لمن لا يملكه، معتبرا أن مرتكزات الدولة الاجتماعية، التي شكلت على الدوام ثابتا فكريا وسياسيا وأخلاقيا ومجتمعيا في المشروع الاشتراكي، حظيت بما يجب من العناية الملكية والحرص على تأسيسها وتركيز مقوماتها.

وأبرز أن الدولة الاجتماعية ليست شعارا مجزأ، بل كيانا موحدا متكاملا تلتقي حوله منجزات التغطية الاجتماعية والدعم المباشر والتغطية الصحية والتشغيل والتعويض عن فقدانه والتفاوض الاجتماعي، وهو ما يفرض على الحكومة تأهيل كل هذه المقومات وتنشيط كل هاته الأدوات بالقرارات العملية، وبالتنفيذ والتجويد، والنظر في منظومة المرتكزات كما هو حال المدرسة العمومية، التي تعتبر أهم سلم للارتقاء الاجتماعي وبناء الدولة الاجتماعية، يتابع الحزب.

وناشد إخوان لشكر عموم الفاعلين في الحقل التربوي تغليب المصلحة العامة لفائدة كل مكونات المدرسة الوطنية، بما يضمن الأمن التربوي، ويحقق شرط السلم الاجتماعي العادل المفروض تحققه لإنجاح ورش التربية والتكوين، وتوفير شروط التأهيل الذي يسمح بإنجاح إصلاح شمولي يتوفر على كل أسباب النجاح، تربويا وبشريا وماديا .

وأكدوا أن التفاوض المؤسساتي الناجع هو الكفيل بتحرير المدرسة الوطنية من كل إكراهات أو اشتراطات التعامل المالي الضيق مع الملف، والكفيل كذلك بالحوار الهادئ والعقلاني الذي يستحضر المصلحة العليا للتلميذ، باعتباره الهدف الرئيسي من العملية التربوية.

كما دعوا الى الحماية الشاملة والناجعة للقدرة الشرائية للفئات الفقيرة والمتوسطة ومحاربة كل أسباب التضخم، خصوصا الارتفاعات المهولة للمواد الغذائية الأساسية، مضيفين أنه لم يعد مقبولا أن تدعم الدولة، بسخاء، مستثمرين ومنتجين فلاحيين يتحولون إلى لوبيات تصدير منتوجاتنا الفلاحية، مع العزوف عن تزويد السوق الوطني، بالأولوية، بمنتوجات فلاحية كافية وذات جودة.

كما توقف المكتب السياسي عند انطلاق عمل اللجنة المكلفة بوضع مشروع التعديلات على مدونة الأسرة، منوها بالتراكم التاريخي الذي سجله الاتحاد في مجال الدفاع عن كل حقوق المرأة المغربية، ومن خلالها الأسرة، وتسجيل مبادراته المادية والمعنوية.

وجدد تثمينه للمنهجية التشاركية التي وضع أسسها الملك من أجل إعادة النظر في مدونة الأسرة، وربطه هذه الدينامية بأفق بناء الدولة الاجتماعية، بما يعني ذلك أن القضية النسائية ليست قضية فئوية، بل قضية مجتمعية تجد جوابها في استكمال بناء أساسات هذه الدولة الاجتماعية نفسها، بما فيها المشاريع الحالية للحماية الاجتماعية، يضيف الحزب.

وشدد البلاغ ذاته على ضرورة معالجة القضية بما يضمن تشييد تجربة مغربية للحداثة لا تتنكر لعناصر القوة في منظوماتها الثقافية والقيمية، بما يعني ذلك من حماية هذا المسار بمصفوفة من القيم التي تحميه من أي انزلاقات أو مزايدات أو تقاطبات غير مرغوبة، مشيرا إلى أن هذه القيم هي التي أشارت إليها الخطب الملكية الأخيرة، التي توالف بين القيم الدينية الوسطية المؤطرة بالاجتهاد المتفاعل مع العصر، والقيم الوطنية التي صانت الخصوصية والنبوغ المغربيين، والقيم الكونية لحقوق الإنسان باعتبارها مشتركا إنسانيا.

وأكد الحزب أن تعديل مقتضيات في مدونة الأسرة لا يعتبر إجراء تقنيا يقتصر فقط على تجويد النص الحالي، بل يعتبر أن المدونة لا يجب أن تنفصل عن طموح الدولة الاجتماعية، وعن تفعيل المتن الدستوري في قضايا المساواة والإنصاف والمناصفة، وبالتالي يجب أن تساهم في التمكين للنساء على كل المستويات، وفي رفع كل أشكال التمييز ضدهن.

وفي سياق استحضار البعد الكوني لنضاله من أجل حقوق المرأة المغربية، في انتماء إلى حركية النضال العالمي، أعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن استضافته اجتماع الأممية الاشتراكية للنساء، مشيدا بهذا الخصوص بالمجهودات المثمرة في هذا المحفل الأممي.