اخبار المغرب

حقوقيون يقللون من جدوى “مراكز المراقبة” لمنع تسلل “حراكة سبتة ومليلية”‎‎

تتعزز المقاربة الأمنية في تدبير موجات الهجرة السرية صوب سبتة ومليلية المحتلتين لدى الجانب الإسباني بتدشين مراكز مراقبة جديدة؛ لكنها محاولة لا ترى فيها فعاليات حقوقية مغربية جدوى كبيرة أمام استمرار شروط تؤسس لرغبة قوية في الهجرة تصدر من البلدان الإفريقية.

وذكرت وسائل إعلام إسبانية أن الحكومة المحلية لمدينة مليلية المحتلة خصصت مبلغا يتجاوز مليونين ومائتي ألف أورو لإحداث خمسة مراكز مراقبة دائمة في خمس نقاط بالسياج الحدودي معززة بعناصر حراسة جديدة.

وقلل حقوقيون مغاربة من جدوى الخطوة بحكم أن نقاط المراقبة العالية منتشرة بشكل كبير، كما بذلت سلطات البلدين معا مجهودات جبارة لمنع التسلل صوب المدينتين؛ لكنها لم تستطع إيقاف التسللات وكذلك الهجمات الجماعية التي تأتي بين الفينة والأخرى.

وتهدف هذه الخطوة، وفق المصادر ذاتها، إلى الكشف عن “الجيوب” التي يستغلها المهاجرون في دخول المدينة. كما ستعزز هذه المراكز، التي تدخل ضمن نظام مراقبة شاملة، الاطلاع الاستباقي على أي تحرك محتمل في محيط المدينة بتنسيق مع السلطات الأمنية المغربية.

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، سجل أن الجدارات المحدثة بين الدول وعبر التاريخ لم تفلح في منع الهجرة؛ لكن بخصوص حيثيات السياج الحدودي الذي يفصل ثغر مليلية المحتل عن باقي الترابي المغربي شهد خلال هذه السنة تسلق مئات المهاجرين، ومات منهم العشرات في أحداث مأساوية آخرها ما وقع في يونيو المنصرم.

وأضاف الخضري، في تصريح لهسبريس، أن الحكومة المحلية بمليلية تسعى إلى تعزيز حماية السياج الحدودي عبر إحداث خمسة مراكز مراقبة دائمة معززة بعناصر حراسة دائمة، معتبرا هذا الإجراء الأمني من شأنه أن يكون فعالا في حالة وجود أعداد بسيطة من المهاجرين المتسلقين للسياج.

لكن إذا ما حصل هجوم كاسح لمهاجرين بأعداد كبيرة على تلك المراكز، فالمرجح أن تلك المراكز ستكون في وضعية لا تحسد عليها، قال الفاعل الحقوقي ذاته، الذي زاد: “ستزداد مآسي المهاجرين، وتتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان على تلك الحدود، سواء من طرف السلطات المغربية أو الإسبانية”.

وشدد الخضري على أن الثغرات الكبرى تكمن في المساحات الغابوية على الحدود بين إقليم الناظور والثغر المحتل مليلية، باعتبارها ملاذا طبيعيا (من الناحية الجيولوجية) للمهاجرين، ناهيك عن بعض مناطق تسلل بين المغرب والجزائر.

واعتبر المتحدث أن هذه الثغرات تجعل مشروع إحداث مراكز المراقبة غير ذي جدوى حقيقية على المدى البعيد، نظرا إلى الحمل الثقيل الذي ستتحمله تلك المراكز، ومن الصعب أن تقوم بمهامها بفعالية، وزاد: “الحلم الأوروبي يراود الأجيال الصاعدة بقوة، ليس فقط من بلد إفريقي واحد أو اثنين، إننا أمام روافد شعوبية متعددة”.

شكيب الخياري، الباحث في مجال الهجرة، أورد أنه جرت، منذ سنة 2005، تغيرات كثيرة على الجدار وعززت إجراءات منع المهاجرين بالأسلاك والسياج والحفر وزيادة الطول؛ لكن كل هذا لم يمنع على الإطلاق الراغبين في المرور.

وأضاف الخياري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن إرادة الهجرة كانت، على مدار التاريخ، أقوى من أي إجراء.

وفي هذا السياق، أشار الباحث في مجال الهجرة إلى أن المهاجرين الذين يحاولون العبور يدركون تماما مخاطر العملية؛ لكنهم قطعوا مسافات طويلة من أجل هذا الأمر ويضعون بين أعينهم الموت أو الهجرة.

واعتبر الخياري أنه ما دام الاحتلال قائما في سبتة ومليلية والقانون الإسباني هو المدبر لعملية الهجرة، فإن الأمر سيستمر على منوال واحد هو تدفق موجات الهجرة غير النظامية صوب الجيبين على الدوام.

من جانبها، تعترف القيادة الحالية للحرس المدني بأن الوسائل المستعملة من طرفه في الوقت الحالي غير كافية لمواجهة تدفقات الهجرة بين الحين والآخر، مشددة على ضرورة تعزيزها بأنظمة تحكم عن بُعد قادر على اكتشاف تحركات المهاجرين وتحديد موقعها نهارا وليلا وفي الظروف الجوية السيئة.