تكنولوجيا

نظارة Apple Vision Pro .. ثورة مرتقبة في عالم الميتافيرس

إنه المنتج الأول الذي يمكنك أن تنظر من خلاله وليس إليه

هذا ما قاله تيم كوك عندما كشف النقاب عن أول فئة جديدة لمنتجات آبل حيث أعلن عن نظارة الواقع المختلط Apple Vision Pro التي تبلغ قيمتها 3499 دولارًا وتعتبر أول منتج رئيسي جديد لآبل منذ ساعتها الذكية التي ظهرت في عام 2014 ومن المقرر إطلاقها في أوائل العام المقبل 2024 ويمكن القول بأن نظارة آبل فيجن برو هي المنتج الأهم والأشهر منذ إطلاق أول آيفون منذ ستة عشر عاما تقريبا، آنذاك قالت الشركة أن عصر الحوسبة المتنقلة قد بدأ، والآن مع نظارة آبل فيجن برو، يمكن القول بأن عصر الحوسبة المكانية قد بدأ لأن هذا المنتج الثوري سوف يعمل على إزالة الحدود بين العالمين الحقيقي والرقمي لنحصل على واقع مختلط وتجربة غامرة لا مثيل لها.

نشأة الواقع الافتراضي

نظارة آبل الجديدة ليست وليدة هذه اللحظة، بل استمرت الشركة سنوات من البحث والتطوير وحل المشكلات إلى أن ظهرت كما لا ننسى أن التقنيات التي استخدمتها آبل تعود لعقود سابقة، حيث بدأت التجارب الأولى في الستينيات عندما تم تطوير خوذة ضخمة مثبتة على الرأس لتكون بمثابة نافذة للواقع الافتراضي عرفت بإسم Ultimate Display مما أتاح تتبع الرأس حتى يتمكن المستخدمون من رؤية محتوى غامر من وجهات نظر مختلفة. ألهم هذا مجال الواقع الافتراضي في أواخر الثمانينيات عندما تمكنت أجهزة الكمبيوتر أخيرًا من التعامل مع الرسومات ثلاثية الأبعاد. وبحلول عام 1992، تم تطوير أول نظام تفاعلي للواقع المعزز في مختبر أبحاث القوات الجوية الأمريكية مما يسمح للمستخدمين التفاعل مع عالم ممزوج من عناصر مادية وافتراضية، كان ذلك قبل ثلاث عقود تقريبًا، ولم يصل الواقع المعزز بشكله النهائي بعد للمستخدم العادي وهذا هو ما جعل نظارة آبل Vision Pro علامة فارقة في مجال الواقع المختلط.

طالع أيضًا: ما هو الميتافيرس؟ شرح شامل لكل ما يخص التقنية الأحدث

نظارة آبل فيجن برو – Apple Vision Pro

عندما نرتدي نظارة آبل الجديدة Vision Pro التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، سيتم إضافة محتوى افتراضي مدمج في محيطنا، وبعدما كنّا ننظر في شاشات هواتفها الصغيرة، سوف تؤدي الحوسبة المكانية لنظارة Apple Vision Pro لوضع المحتوى مباشرة في عالمنا وهذا سوف يسمح لنا بالسير باستقامة مرة أخرى مع إبقاء رؤوسنا مرفوعة بدلًا من التحديق في شاشة الهواتف التي في أيدينا.

كذلك سنتحرر من الشاشات الموجودة على المكاتب وبالجدران، وسيحل محلها شاشات افتراضية نستخدمها في أي وقت وأي مكان كما تم تصميم نظارة آبل Vision Pro ليكون أشبه بنظارة التزلج لكنها خفيفة حيث تم تصنيع الهيكل الخارجي من الألومنيوم حتى تتفوق على المنافسين، قدمت آبل شاشات 4K تعمل بجودات فائقة لتقديم تجربة افتراضية لا مثيل لها مع أكثر من 23 مليون بيكسل لكل عين، وتعمل النظارة لفترة طويلة بفضل بطارية تعمل لمدة ساعتين ويمكن شحنها عبر كابل يو اس بي وهناك أيضا بطارية منفصلة للاستمرار فيما تفعله بالنظارة دون توقف.

وقد تتسائل; ولكن ما الجديد في نظارة آبل وهناك نظارات أخرى موجودة بالفعل في السوق؟ والإجابة أن صانع الآيفون كما عودنا دائما، لا يقدم نفس التكنولوجيا بل يرتقي بها إلى مستويات أعلى، وهكذا من خلال النظارة التي تضم مجموعة من الكاميرا، بعضها يتتبع اليد والبعض لحركات العين والبعض الآخر لالتقاط العالم الحقيقي وعرضه على الشاشات الداخلية المدمجة مع المحتوى الافتراضي وتُسمى هذه التقنية “Camera Passthrough” وهي تسمح للجهاز بمحاذاة العالمين الواقعي والافتراضي بدقة في الوقت الذي تعتمد فيه نظارات الواقع المعزز الأخرى على تقنية عدسة الدليل الموجي التي تكسر الضوء وتلقي بأشياء افتراضية في أعيُن مرتديها لأنها حيث ثبت أن تلك التقنية توفر رؤية محدودة لكن مع آبل الوضع اختلف تمامًا مع رؤية واضحة بلا حدود عبر نظارتها الجديدة.

أيضا كما تعرفون، عندما ترتدي أحد نظارات الواقع الافتراضي المتاحة حاليا في السوق مثل كويست التابعة لميتا أو الخاصة بسوني، ستعلم جيدا أنها تغطي العين بالكامل وتمنع المستخدم من رؤية الأشخاص المحيطين به، وهذا كان دائما الحال مع نظارات الواقع الافتراضي، حيث كان الأمر بمثابة مقايضة، تريد الوصول للعالم الافتراضي، ارتدي النظارة وسوف يتم إخفاء عينيك، لكن آبل حلت هذا من خلال محاكاة عيون المستخدم خلف السطح الزجاجي لنظارتها مما خلق الوهم للآخرين بأنهم يستطيعون رؤية وجه المستخدم، يُطلق على تلك التقنية اسم “EyeSight” وهي خطوة كبيرة لضمان تجربة تبدو إنسانية حيث يمكن للقريبين منك رؤية عينيك لكن تقوم النظارة بعرض إشارات مرئية لإخبارهم بأنك مشغول أو غير متاح بناءًا على ما تقوم بتشغيله، تصفح الإنترنت أو مشاهدة فيديوهات أو أي شئ آخر والفكرة من تلك الميزة هي جعل الجميع يشعرون بأنهم حاضرون في غرفة معًا بغض النظر عمن يستخدم Vision Pro.

 بالإضافة لذلك، تعتمد Apple Vision Pro فقط على عينيك ويديك وصوتك، كما سوف تنبض أيقونات التطبيقات بالحياة بمجردالنظر من خلالها ، كل ما عليك فعله هو النقر بأصابعك معًا لتحديد ما تريده والنقر برفق للتمرير.

كما تتيح مجموعة من كاميرات الأشعة تحت الحمراء التي تشير إلى الأسفل وإلى الخارج لسماعة الرأس تتبع وضعك وإيماءاتك في جميع الأوقات مما يسمح للشركة ببناء تجربة خالية من أجهزة التحكم دون مطالبة مرتديها بوضع أيديهم في خط العين عند استخدام سماعة.

أيضا سوف تكون قادر على إجراء مكالمات فيديو عبر فيس تايم من خلال نظارة فيجن برو بشكل مختلف حيث سيتم إنشاء صورة شخصية لك مدعومة بالذكاء الاصطناعي ويمكن وصفها بانها محاولة واقعية لتقديم صورة حقيقية لك باستخدام البيانات التي تلتقطها النظارة لحركات عينك وفمك ويدك أثناء التحدث.

استخدامات نظارة آبل في الحياة الواقعية

استعرضت آبل العديد من الميزات في نظارتها خلال مؤتمرها WWDC 2023، إلا أن أهم ميزة هو المحتوى الخاص بالواقع المعزز والذي يبدو شحيحًا حتى وقتنا الحالي ولهذا أوضحت الشركة أنها ستوفر أكثر من 100 لعبة في خدمتها Apple Arcade هذا يعني أن عشاق الألعاب سوف يجدون مكتبة من الألعاب لتجربتها كما لو كانوا داخل كل لعبة على غرار أنمى Sword Art Online.

كما دخلت في شراكة مع ديزني ليكون محتوى ديزني بلس متاحًا لمستخدمي Apple Vision Pro هذا يعني أنهم سوف يستمتعون بتجارب غامرة من National Geographic ومشاهدة الأفلام والمسلسلات بشكل مختلف وربما سيركض ميكي ماوس حولهم أثناء مشاهدة المحتوى المفضل لديهم.

أيضا سوف تجد أن بإمكانك استخدام نظارة فيجن برو في كل مكان تتخيله أو لا تتخيله كالتالي، عندما تعود من العمل للمنزل وأثناء الجلوس على الأريكة الخاصة بك محدقًا لشاشة التلفاز، يمكنك من خلال Vision Pro مشاهدة البرامج وأي محتوى ترفيهي في التلفاز سيكون أمام عينيك وداخل عالمك ثلاثي الأبعاد لتشعر كما لو كنت داخل تلك الأشياء، أيضا يمكنك الاستمتاع بمشاهدة فيلم وأنت جالس على مقعد الطائرة أثناء سفرك لتشاهد الفيلم الموجود في عالمك الافتراضي مع الصوت المحيطي الذي يمنحك تجربة غامرة.

 لن ننسى العمل حيث تستطيع العمل في أي وقت ومن أي مكان عبر نظارة فيجين برو والتي تجعل المواقع والتطبيقات وصفحات الويب تنبض بالحياة من جديد داخل العالم الافتراضي الخاص بك وهكذا سوف تكون قادر على تنفيذ المهام وفتح الملفات بكل سلاسة عبر استخدام يديك أو عينيك أو الأوامر الصوتية.

بجانب ذلك، أصبح البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة أمرا لا يُمكن تخيله حيث يمكنك الدردشة عبر مكالمات فيس تايم وسيظهر لك الآخرين بأحجامهم الطبيعية في العالم الافتراضي ويمكنك التحدث في أي شئ وأنتم تجلسون بالقرب من نار مشتعلة أو على ضفاف بحيرة أو أثناء التحديق للسماء ومشاهدة النجوم في العالم الافتراضي وكل تعبير أو حركة ستقوم بها، سوف يراها الآخرين والعكس لتجربة واقعية.

وأهم شئ أنك ستكون قادر على استرجاع أجمل الذكريات واللحظات التي لا تُنسى عبر ابل فيجن برو حيث تستطيع الجلوس بمفردك في أي مكان وارتداء النظارة وسوف تكون في وسط حفلة عيد ميلاد طفلك الذي أصبح شابا الآن أو يمكنك مشاهدة حفل زواجك والانتباه لكل لحظة وكل شخص في الحفل من خلال نظارة آبل التي سوف تساعدك في عدم تفويت الذكريات الثمينة الخاصة بمن تهتم بهم.

وجهة نظر

تكنولوجيا الواقع المعزز سوف تحل محل الهواتف الذكية خلال الأعوام القادمة ربما بحلول 2030، ومع أنها سوف تجعل عالمنا أفضل ولكن كما تعرفون لكل شئ وجهان، أحدهما رائع كما تطرقنا بالأعلى، والوجه القبيح لا نعرفه بعد، تخيل معي أن أجهزة الواقع المعزز سوف تكون قادرة على تتبع سلوكياتنا ومراقبة عواطفنا وهذا لن يهدد خصوصيتنا فحسب، بل سيجعلنا عرضة للتلاعب باستخدام الذكاء الاصطناعي وهو أمر مخيف حيث يمكن للمواقع والشركات معرفة أين نذهب وماذا نفعل وإلى أين ننظر، ومن ثم يتم تغيير العالم من حولنا لأغراض ترويجية، لذا نحتاج إلى اعتماد سياسة مدروسة تحمي خصوصيتنا وتحد من كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي للتأثير على الإجراءات والقرارات خاصة بنا في الأجهزة التي تعمل بالواقع المعزز.

أخيرا، أعتقد أن تقنية الواقع المختلط سوف تعمل على تحريرنا من عبودية الشاشة التقليدية حيث ستتحول مكاتبنا ومنازلنا والأماكن التي نذهب إليها لعوالم مذهلة والفضل يرجع في ذلك لنظارة آبل Vision Pro لأنها فتحت الباب على مصراعيه للجميع، يتبقى فقط أن نقبل الدعوة وندخل إلى تلك التكنولوجيا الجديدة التي سوف تكون الجيل التالي من الأجهزة الذكية.