اخر الاخبار

القبض على عمران خان عقب حكم بسجنه 3 سنوات

باكستاني نجا من قبضة متطرفين مصمم على العيش بلا خوف

بعد تعرّضه للتعذيب وسجنه لخمس سنوات تقريباً على أيدي متطرفين، يقول الباكستاني شهباز تاسير إنه نسي الابتسامة، لكنه بات الآن عازما على العيش من دون خوف.

وكان اختطاف نجل عائلة سياسة بارزة أيضاً في قطاع الأعمال في أغسطس (آب) 2011 حدثاً بالغ الأهمية في باكستان.

وقال تاسير في حوار مع وكالة الصحافة الفرنسية: «أذكر غرابة شعور الابتسام» مضيفاً «لم أضحك لفترة طويلة جداً».

* «ضائع بالنسبة للعالم»

وجاء نشر كتابه «ضائع بالنسبة للعالم» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بموازاة تفاقم أعمال العنف والابتزاز على طول الحدود الباكستانية مع أفغانستان، عقب انسحاب القوات الأجنبية وعودة حركة (طالبان) للسلطة في كابول قبل عامين.

شهباز تيسير يستخدم هاتفه المحمول بمنزله في لاهور بعد الإفراج عنه (أ.ف.ب)

خُطف تاسير قرب منزله في لاهور بعد أشهر على مقتل والده سلمان حاكم ولاية البنجاب برصاص حارس شخصي؛ بسبب تأييده تعديل قوانين التجديف الصارمة في هذا البلد.

وكان سلمان قد أيّد آسيا بيبي، المسيحية التي اتُهمت بالتجديف واستقطبت قضيتها اهتماماً عالمياً ووضعت الحاكم وعائلته في مرمى الإسلاميين المتطرفين.

* تخدير وإخفاء هوية وتهريب

خُطف تاسير على أيدي عناصر مجموعة «حركة أوزبكستان الإسلامية» التي نُسبت لها الكثير من الهجمات في باكستان، ومنها اقتحام مطار كراتشي في 2014 والذي أوقع عشرات القتلى.

تم تخدير تاسير بمادة الكيتامين وأخفيت هويته بعد أن أُلبس برقعاً قبل أن يُهرّب على حواجز طرق بين لاهور ومير علي البلدة الواقعة في إقليم وزيرستان الشمالية وملاذ متطرفين على الحدود مع أفغانستان.

وطلبت المجموعة التي تقول الاستخبارات العسكرية الباكستانية إنها من الأعنف والأكثر فتكاً في المنطقة، فدية كبيرة وإطلاق سراح نحو 30 معتقلاً للإفراج عنه، وهي مطالِب لم يكن بالإمكان تلبيتها، وفق تاسير.

يصور كتاب تاسير كبير خاطفيه محمد علي بوصفه شخصاً سادياً مهووساً بالعظمة. وبناءً على أوامره قام عناصر باقتلاع أظافر تاسير وخياطة فمه.

الصورة التُقطت في 19 يوليو 2023 تظهر شهباز تيسير مستخدماً هاتفه المحمول بمنزله في لاهور. يقول تيسير الذي تعرّض للتعذيب والسجن على أيدي متشددين لما يقرب من خمس سنوات… إنه نسي شعور الابتسام. الآن هو مصمم على العيش من دون خوف (أ.ف.ب)

وقال: «بدأوا تعذيبي بأبشع الوسائل وقاموا بتصوير فيديوهات».

وأرسلت التسجيلات المصورة لعائلته في عملٍ عدّه تاسير «مهيناً ومجرّداً من الإنسانية».

وأضاف: «هذا ليس تعذيباً يطال شخصاً واحداً إنما الكثير من الأشخاص».

كُبّل شهباز المنتمي إلى عائلة ميسورة بالأصفاد إلى الأرض وأُطعم سمن الماعز والخبز لأكثر من ستة أشهر.

وقال: «لم أعد أشعر بأنني إنسان، ولم يكن باستطاعتي الإحساس بمشاعر إنسانية» مضيفاً «شعرت كأنني حيوان».

في 2015 اشتبكت المجموعة الأوزبكية مع حركة «طالبان الأفغانية» التي احتجزت تاسير بعد دحر خاطفيه.

بعد أشهر على ذلك في فبراير (شباط) 2016 أُطلق سراحه بعد أن علم خاطفوه الجدد أن أحد قادة «طالبان» الكبار ساعد في وقت سابق الحكومة الباكستانية في مساعيها للتفاوض على إطلاق سراحه من قبضة المسلحين الأوزبكيين.

طيلة أسبوع سافر من ولاية أرزغان الأفغانية إلى بلدة في جنوب غرب باكستان، حيث تمكن من الاتصال هاتفياً بوالدته من مطعم على جانب الطريق.

وقال: «أول ما طلبته هاتف عمومي وقال لي (مالك المطعم) إن (الهواتف العمومية لم تعد تستخدم منذ سنتين أو ثلاث)».

* طريق طويلة

وبالصدفة تزامن الإفراج عن تاسير مع اليوم الذي أُعدم فيه قاتل والده، أي في 29 فبراير 2016.

وكشفت الهجمات على عائلة تاسير عن انقسامات في المجتمع الباكستاني إزاء قوانين التجديف زادت عمقاً.

وقال: «أرى أن بعض تلك المجموعات (المنددة بالتجديف) المتطرفة… باتت أحزاباً سياسية» مضيفاً: «وهذا ما يقلقني».

وتابع: «لا أريد أن ينشأ (أولادي) في مجتمع متعصب. أريدهم أن يتمكنوا من طرح الأسئلة… من دون أن يتعرضوا للقتل».

ويرى تاسير أن باكستان «لا يزال أمامها طريق طويلة» قبل أن تصبح مجتمعاً يتسامح مع تنوع الفكر والديانات.

غير أنه يعدّ أن مصادر بعض أكبر مشكلات هذا البلد، مثل «المسلحين والتطرف والمجموعات الدينية المتطرفة» ليس لها سلطة شرعية تذكر عدا عن كونها أقلية.

وأوضح: «قد يكونون (الباكستانيون) شعباً محافظاً بسبب ديننا، لكن هذا لا يعني أننا متطرفون».

وقال: «عانينا بسبب المسلحين والتطرف على غرار بعض دول العالم».

ورغم ترسيخ إيمانه في الأسر لم يدخل تاسير مسجداً في باكستان منذ الإفراج عنه بناءً على توصيات أمنية.

مع ذلك، يقول إنه لا يريد مغادرة بلاده ويؤكد تصميمه على عدم العيش في خوف. وأضاف: «يعيش الإنسان مرة واحدة، ويتعين أن يعيشها كما يريد».