اخبار الكويت

تيمور جنبلاط لـ الجريدة.: اللبنانيون غير مهتمين حالياً بصراع المحاور

• «أخوض معركة التجديد… والانتخابات استفتاء على مستقبل لبنان»
• «لا بد من العودة إلى ثوابت 14 آذار واستعادة علاقاتنا العربية»

إنها المعمودية السياسية الأكثر جدية التي يخوضها رئيس كتلة اللقاء الديموقرطي تيمور جنبلاط، فمنذ فترة يغيب والده وليد جنبلاط عن المشهد السياسي، وعن التدخل في مسارات العملية السياسية والانتخابية، فالساحة متروكة للزعيم الشاب الذي يقود فريقه وفقاً لأسس جديدة قائمة على نوايا التجديد في الحزب والبلد.

ويترك وليد جنبلاط لنجله مساحة العمل كلها، حتى أنه صرّح، قبل فترة، بأنه سيتقاعد بعد الانتخابات بشكل كامل ويكون قد أشرف على عملية انتقال سياسي خاضعة لاستفتاء شعبي وليست قائمة على مبدأ التوريث فقط.

ومنذ إحياء ذكرى كمال جنبلاط في مارس 2022 كان وليد في الخارج، في حين التفّ الناس حول تيمور، وهو الأمر المستمر حتى موعد الانتخابات النيابية. ويكثف تيمور جولاته ولقاءاته وزياراته لمختلف المناطق، في مشروع اعتاده زعماء المختارة عبر التاريخ.

ويستخدم تيمور أدبياته الخاصة، ويضع أولوياته إلى جانب فريق عمله، فيقول لـ «الجريدة»: «أولويتنا هي التجديد في الخطاب السياسي وفي الطروحات، ولكن الأهم المحافظة على لبنان ككيان موحد مستقل قائم بذاته، بعيداً عن سياسة المحاور وعن صراعات الأمم، فاللبنانيون غير مهتمين حالياً بمن ينتصر في المنطقة، بقدر اهتمامهم بكيفية توفير مقومات استمرارهم وبقائهم، ونحن نحثّهم على الصمود كما صمدنا من قبل، وكما سار اللبنانيون على الكثير من دروب الجلجلة».

وأكد أن «المختارة معروفة بصمودها وصمود ناسها من حولها، فلحكم التاريخ وحكم الشعب الأثر الأبلغ في البقاء فوق الألم والجراح وفوق التضحية، وهذا ما اعتادته المختارة في حقبات تاريخية متعددة، نجحت بفعل الالتفاف الشعبي حولها في البقاء».

ويغوص تيمور في التاريخ لاستقراء المستقبل، ويعتبر أنه «في الوقت الذي سعت فيه أطراف متعددة لمحاربة المختارة وتطويقها، والتضييق عليها ومحاصرتها، أو إنهاء دورها، فإن الجميع قد فشلوا وضعفوا، وهم من تواروا، في حين بقيت المختارة على مواقف ومرجعية للجميع».

وتابع «وما حاوَله كثر في الماضي، لا يزال حزب الله يحاول افتعاله من خلال تشكيل كتلة درزية قادرة على سحب الميثاقية من المختارة، وذلك لزرع الشقاق داخل البيئة الدرزية أولاً، وليتمكن من إضعاف الدروز والسيطرة على قرارهم وخيارهم، لكننا على ثقة بأن الناس يعلمون ذلك، وبفضل التفافهم فإن مقومات الصمود قائمة».

لا يخفي الرجل الكم الهائل من الحروب النفسية التي تشنّ ضد المختارة إلى جانب حروب سياسية مفتوحة، من خلال إشاعة الأجواء بأن خصوم الدار سيتمكنون من سحب الميثاقية منها، أو تقليص عدد كتلة جنبلاط النيابية إلى النصف درزياً، وهذا أمر كان قد قاله مسؤولون في «حزب الله» بشكل علني سابقاً، إلا أن المسار السياسي الذي تسلكه المختارة يوضح التنبه لهذا الأمر والعمل على مواجهته، خصوصاً أن الدروز لا يمكن أن يكونوا تابعين لأحد، ولا يمكن لأحد أن يملي عليهم ما يريد، وهم يعرفون كيفية اختيار ممثليهم لا من يكون لهم مشغِّلين.

يبدو الزعيم الشاب واثقاً من مواقفه ومن النتائج أيضاً، رغم وجود تحدّ كبير يقتضي رفع نسبة التصويت، وإقناع الناس بعدم الاطمئنان؛ لأن الاستحقاق الانتخابي هو استفتاء على مستقبل لبنان، والمعركة لن تتوقف يوم الانتخابات، بل هي معركة رسم معالم النظام اللبناني ومستقبل اللبنانيين، خصوصاً أن هناك استحقاقات كبيرة مقبلة، أبرزها تشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

تبقى معركة المختارة، وفق ما يؤكد تيمور، هي «الحفاظ على التنوع ضمن الوحدة في لبنان وجبل لبنان، والأهم الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومواجهة أي محاولات استفزاز يقوم بها الطرف الآخر من خلال عمليات التخويف والتهديد والوعيد، أو عبر الاستفزاز لافتعال مشاكل، خاصة أن حادثة قبرشمون لا تزال ماثلة في الأذهان».

وأضاف أن هناك نوعيات سياسية في لبنان تسعى إلى «افتعال المشكلة وارتكاب الفظائع مقابل تحميل المسؤولية للآخرين لكسب العطف وشد العصب، ولكن هذا أمر لا يمكن السماح به، خاصة أن أولويات وهموم الناس في مكان آخر كلياً».

وتابع أن الأهم بالنسبة إلى المختارة «العودة إلى الصورة الجامعة التي تكرست بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إذ توحد اللبنانيون من انتماءات سياسية متعددة تحت راية العلم اللبناني، فالعودة إلى مبادئ وثوابت 14 آذار أكثر من ضرورة، وهذه الانتخابات تمثل الفرصة الحقيقية والجوهرية لذلك، من خلال التكامل في الطروحات والثوابت بين الدروز والمسيحيين والسنّة والشيعة الذين لا يؤمنون بمشاريع المحاور وصراعات الدول ويريدون لبنان الدولة».

وأكد أن الأهم من كل ذلك هو التركيز على ضرورة استعادة علاقات لبنان العربية والخليجية بالتحديد، لأنه لا يمكن له أن ينهض بدون دول الخليج، وبدون العودة إلى الثوابت العربية التي تحفظه وتحفظ فيه التوازن، المفترض أن يتجلى في كل الاستحقاقات الأساسية المقبلة، لأنه لا مجال للاستسلام ولا التراجع.

وأوضح «صحيح أنا كالكثير من الشباب غير مقتنع بالكثير من الأمور السياسية التي أصبحت مكرسة في لبنان، لكن لابد من التمسك بالأمل للاستمرار، ومواكبة التحولات الاجتماعية والفكرية والثقافية».

ويرتكز تيمور على قناعة تاريخية لدى آل جنبلاط، الممتدين على مدى أربعة قرون، ولكن كل شخصية تزعّمت الدار، والدور كان لها طبعها وظروفها واختارت طريقة عملها، وهذا ما يركّز عليه في مسيرته للتجديد في خطابه السياسي، وفي البنية الحزبية.

وأشار إلى أنه يعمل على جعل الحزب فتياً أكثر في مرحلة ما بعد الانتخابات، وذلك بتسليم المناصب والمهام إلى شخصيات شابة، وهذا ينطبق إلى حدّ ما على الترشيحات الانتخابية، رغم التمسك ببعض الشخصيات المتمرسة التي تستمر منذ سنوات في السلطة، فهناك ظروف تحتّم ذلك، على أن يتغير هذا في ما بعد.

ويركز على فكرة «إنشاء مؤسسات وظيفتها المواءمة بين المؤسسات الحزبية والدولة اللبنانية، بشكل لا تعود فيه الزبائنية تتحكم في يوميات اللبنانيين، ولا يعود المرء بحاجة للولاء للزعيم أو الحزب أو الطائفة للحصول على حقوقه أو احتياجاته».

ويقترح فكرة إنشاء خلايا جديدة مهمتها السعي مع الناس في المناطق المختلفة إلى تعزيز شعور الانتماء الوطني والمؤسساتي من خلال حلقات تثقيف ودورات تدريبية، فيكون المواطن مقرراً سياسياً، بدلاً من أن تقرر عنه ملّته وجماعته.

● بيروت – منير الربيع