اخبار مصر

الحر القائظ معاناة جديدة تواجه اللاجئين السوريين في الأردن


وكالة أنباء العالم العربي


نشر في:
الأربعاء 16 أغسطس 2023 – 5:47 م
| آخر تحديث:
الأربعاء 16 أغسطس 2023 – 5:47 م

صحراء قاحلة، وحرارة طقس تلامس 50 درجة مئوية، ورياح عاصفة ملتهبة.. هكذا تبدو الصورة من بعيد لمخيم الزعتري للاجئين السوريين في شرق العاصمة الأردنية عمان، وهو أكبر مخيم لجوء ليس في الأردن فحسب، بل في العالم.

تزداد الصورة قتامة عند الاقتراب من المخيم، حيث تتضح معاناة 100 ألف لاجئ سوري داخل المخيم الذي لا تتجاوز مساحته ستة كيلومترات مربعة، مع لهيب شمس لا يفصل بينهم وبينها سوى خيام من القماش والنايلون، أو عربات معدنية متنقلة، تضاعف الشعور بالحرارة.

تحمل فتاة صغيرة قطعة من القطن مبللة، وتضعها .بتوجيه من والدها على مروحة يجلس مقابلها أبو إسماعيل وزوجته وأبناؤه الثلاثة.

يقول اللاجئ السوري أبو إسماعيل إن الهواء المنبعث من شفرات المروحة سيدفع رذاذ الماء العالق داخل أنسجة القطعة القطنية لتلامس وجوه أسرته الساخنة، مع كل دوران لإطار المروحة الوحيدة التي يمتلكها.

وأبلغ أبو إسماعيل وكالة أنباء العالم العربي (AWP) “الصيف لا يطاق خلال الأعوام الثلاثة في المخيم”. ودفعت الحرارة الشديدة أبو إسماعيل إلى شراء مروحة العام الماضي مقابل 40 دينارا اقترضها من أقاربه في المخيم.

وأضاف أبو إسماعيل، الذي يتلقى مساعدات شهرية من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين “لا يوجد لدي مصدر دخل ولا أستطيع العمل بسبب مرض بالأعصاب وأولادي صغار”.

ومع كل الحيل التي يتبعها، لم تعد المروحة كافية لحماية أبو إسماعيل وأسرته من الحر القائظ.

وتابع قائلا “هذه الأيام أصعب أيام صيف تمر علي منذ مجيئي إلى الأردن في 2013”.

لكن أسرة أبو إسماعيل تعتبر أكثر من حظا من عشرات، وربما مئات الأسر اللاجئة التي لا تمتلك أي وسيلة تبريد سوى الماء الذي يقارب على الوصول إلى مرحلة الغليان في ذروة الأيام الساخنة، أو الهواء المحمل بالغبار والأتربة الصحراوية، كما تروي اللاجئة خلود مسلم التي تعيش في عربة معدنية متنقلة (كرفان) مع أبنائها دون أي وسيلة تبريد.

وتقول خلود لوكالة أنباء العالم العربي إنها لا تغلق باب الكرفان طيلة اليوم حتى يدخل الهواء بشكل جيد إليها، لكن الهواء غالبا ما يكون محملا برمال الصحراء، ناهيك عن سخونته، إلا أنه يخفف من حرارة الكرفان المعدني، الذي من المفترض أنه معزول بطبقة من الصوف هدفها وقاية ساكنيه من حر الصيف وبرد الشتاء، كما قيل للاجئة السورية عند انتقالها من الخيمة التي كانت تسكنها قبل ثلاثة أعوام.

خلود، التي ترعى أبنائها منذ أن فقدت زوجها في سوريا عام 2014، ابتكرت طريقة لتبريد أجساد أبنائها، من خلال حفرة مليئة بالماء، قامت بحفرها بالقرب من منزلها، يستلقي فيها الأطفال طيلة فترة الظهيرة حتى الليل على فترات متقطعة، مما يحد من سخونة الطقس في المخيم، على حد قولها.

لكن مشكلة خلود لم تتوقف عند هذا الحد، فإبقاء باب الكرفان مفتوحا طيلة اليوم يجلب عليها الحشرات الطائرة والزاحفة، وعلى الرغم من أنها تستخدم المبيدات الحشرية، فإن هذا لا يمنع من دخول البعوض والذباب، كما تبقى في الليل قلقة من دخول الأفاعي أو العقارب السامة.

* آب اللهاب

تصف مقولة “آب اللهاب” التراثية الحر القائظ خلال شهر أغسطس آب من كل عام، لكن درجات الحرارة تجاوزت معدلاتها المعتادة في هذه الفترة من العام في الأردن والعديد من دول المنطقة والعالم.

وقال رائد آل خطاب، الراصد الجوي في دائرة الأرصاد الجوية الأردنية، إن موجات الحر شائعة خلال الفترة الممتدة من منتصف يوليو تموز وحتى نهاية أغسطس آب، وتكون حدة هذه الموجات متفاوتة، بناء على الموقع الجغرافي لكل دولة من الدول المعرضة للمرتفعات والمنخفضات الجوية.

وأبلغ آل خطاب وكالة أنباء العالم العربي “تأثر أجزاء واسعة من شمال ووسط وغرب القارة الأوروبية بكتل هوائية باردة نسبيا خلال الفترات الماضية، دفع الهواء الساخن تجاه منطقة حوض البحر المتوسط، ووضع المنطقة تحت تأثير مرتفع جوي قوي في طبقات الجو العليا، لتصبح هذه المنطقة، ومن ضمنها بلاد الشام، وسط ما يعرف بالقبة الحرارية، التي تحمل معها درجات حرارة قياسية”.

وأوضح آل خطاب أنه جرى تسجيل درجات حرارة قياسية في المملكة منذ بداية الأسبوع الحالي.

ووفقا لبيانات إدارة الأرصاد الجوية، سجلت المناطق السهلية والجبلية درجات حرارة تجاوزت 40 درجة مئوية، بينما سجلت بلدة الباقورة في الأغوار الشمالية أعلى درجة حرارة عظمى على مستوى البلاد بواقع 47.6 درجة مئوية.

وبلغت الأحمال الكهربائية 4220 ميغاوات مساء أمس الأحد مع زيادة استخدام أجهزة تكييف الهواء، لتسجل “أعلى حمل في تاريخ المملكة” وفقا لرئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن زياد السعايدة. وكان الرقم القياسي السابق يبلغ 4090 ميغاوات وسجلته المملكة في فبراير شباط الماضي.

يلخص الطبيب مخلص مزاهرة أعراض التعرض المباشر للشمس الحارقة بضعف في النظر وتسارع في نبضات القلب وهبوط سريع لضغط الدم.

ويوضح مزاهرة أن التعرق الناجم عن ارتفاع حرارة الطقس يستنزف مخزون الجسم من المياه، مما يحتم تناول كميات كبيرة من السوائل، توازي أو تتجاوز تلك الكميات التي خسرها الجسم، مضيفا أن عدم تعويض السوائل قد يؤدي إلى الجفاف خلال وقت قصير.