اخبار فلسطين

منظمة إستيطانية تعلن عن خطتها لإقامة 3 بؤر استيطانية غير قانونية الأسبوع المقبل

أطلقت مجموعة استيطانية متطرفة جهودا غير مسبوقة لإنشاء عدة بؤر استيطانية غير قانونية في نفس الوقت في الضفة الغربية، وجندت أتباعها للمشاركة في العملية المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل.

وبينما تنشغل المجموعة، المسماة “حركة نخالا الاستيطانية”، بتحريك نشطاءها، تحشد منظمة “سلام الآن” اليسارية أتباعها لمواجهة المستوطنين ووقفهم.

حصل المشروع المتقلب، الذي أدى إلى عنف شديد، على دعم كبير من الشخصيات العامة اليمينية والدينية، بما في ذلك أعضاء الكنيست والوزراء السابقون والحاخامات ورؤساء بلديات المستوطنات الذين يتحدثون عن أهمية مثل هذه الجهود من الناحية الأيديولوجية والدينية.

هذا التأييد الشعبي لما يعتبره الآخرون مشروعًا غير قانوني يخالف سيادة القانون يوضح كيف أصبح المجتمع الإسرائيلي منقسما حول قضية الاستيطان في الضفة الغربية.

الخطة

تعمل حركة نخالا الاستيطانية منذ شهر أبريل على ما أطلقت عليه اسم عملية “البرج والحصار”. وتعتزم إقامة ثلاث بؤر استيطانية جديدة في مواقع غير معلنة في الضفة الغربية يوم الأربعاء.

لا يمكن إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية بشكل قانوني إلا بقرار من مجلس الوزراء وبتصريح من وزير الدفاع. المستوطنات غير المصرح بها أو البؤر الاستيطانية التي أقيمت خارج هذا الإطار غير قانونية.

ومع ذلك، تقول حركة نخالا إن لديها مئات أو آلاف النشطاء الذين يستعدون للمشاركة في جهودها لإنشاء البؤر الاستيطانية الجديدة.

نشطاء من المستوطنين يشاركون في مسيرة احتجاجية ضد “صفقة القرن” للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومحاولة إقامة مستوطنة جديدة تسمى “معالوت حلحول” بالقرب من الخليل، 30 يونيو 2020. ناشطين من حركة نخالا الاستيطانية يشاركون في جهود إنشاء البؤرة الاستيطانية. (غيرشون إلينسون / Flash90)

الأيديولوجية وراء عملية البؤرة الاستيطانية

في تعليقات في وقت سابق من هذا الأسبوع، حدد مدير نخالا تسفي أليميليخ شرباف هدف المشروع بعبارات بسيطة.

“نحن نطالب بشكل واضح. القول ‘لا‘ للعرب الذين يسيطرون على المساحات المفتوحة في المنطقة (ج) في الضفة الغربية، وقول “نعم” لليهود الذين يسيطرون على كل هذه المساحات المفتوحة”، قال شرباف في فيديو مسوّق للموقع اليميني الإخباري الوطني الإسرائيلي.

المنطقة ج تشير إلى أجزاء من الضفة الغربية حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة مدنية وأمنية كاملة. يعيش ما يقرب من 330 ألف فلسطيني و450 ألف مستوطن إسرائيلي في 60% من الضفة الغربية التي تشكل المنطقة ج.

وقالت أييليت شليسيل المتحدثة باسم نخالا إن مبادرة الاستيطان لها جذور توراتية وتهدف إلى إبقاء الأرض خارج السيطرة الفلسطينية.

“لقد وُعدنا نحن الشعب اليهودي بأرض إسرائيل في الكتاب المقدس. وعدت ارض اسرائيل لابينا ابراهيم”.

“إذا لم ننشئ المستوطنات فإن العرب سيأخذون هذه الأرض. العرب يستولون على الأرض في المنطقة (ج) لذلك هدفنا هو المطالبة ببناء مستوطنات جديدة هناك”، قالت.

احتجت مجموعات نشطاء الاستيطان والسياسيين اليمينيين في السنوات الأخيرة بشكل متزايد على البناء الفلسطيني غير القانوني في المنطقة (ج).

نادرا ما تصدر تصاريح البناء لمشاريع الإسكان الفلسطيني في المنطقة، وفقا للأمم المتحدة.

يقدم الاتحاد الأوروبي عدة ملايين يورو سنويا للتنمية الفلسطينية في المنطقة (ج)، والتي تقول جماعات نشطاء المستوطنين إنها غالبًا ما تنتهك القانون الإسرائيلي.

“لا تسمح أي دولة أخرى في العالم بالاستيلاء على أراضيها بهذه ال”، قالت شليسيل.

خطة العمل
أوضحت أن الاستراتيجية من وراء العملية هي نزول النشطاء بشكل جماعي إلى الموقع الذي تم تخصيصه لهم، وإقامة تواجد هناك، والإعلان عن المكان ليكون مستوطنة جديدة.

قامت نخالا بترتيب نشطاءها في 28 “مجموعة أساسية” تضم كل منها ما يقرب من خمس إلى 10 عائلات إلى جانب أعداد أكبر من الشباب، ومن المحتمل تلاميذ المدارس الثانوية أو طلاب المدارس الدينية الشبابية.

ستسعى كل مجموعة أساسية في نهاية المطاف إلى إنشاء موقع استيطاني خاص بها، على الرغم من أن ثلاثة فقط ستشرع في القيام بذلك الأسبوع المقبل.

قالت شليسيل إنها غير متأكدة مما إذا كان سيتم تشييد مبانٍ مؤقتة في هذه المواقع، على الرغم من أن نشطاء نخالا نظموا عرضًا حول كيفية بناء مثل هذه المباني في وسط تل أبيب في وقت سابق من هذا الأسبوع.

“إذا جاء الجمهور بأعداد كبيرة، فأنا متأكد من أنه سينجح”، قالت رغم أنها أقرت باحتمال أن تسعى الشرطة والجيش على الأرجح إلى إبعادهم في وقت قصير.

“إذا عدنا في الأسبوع التالي وبعد ذلك في غضون أسبوعين، فأنا متأكدة من أن شيئا ما سيتغير. هذا ما حدث دائمًا مع المستوطنات في يهودا والسامرة. إصرار الجمهور على القول إننا لن نتخلى عن الأرض لأعمال العدو له فاعلية”، قالت.

وعندما سئلت عما إذا كانت تعتقد أن نشطاء نخالا سوف يخالفون القانون، أكدت شليسيل أن هناك تعريفات مختلفة لما هو قانوني أو غير قانوني، وأضافت أن المجموعة لم تكن تنوي إقامة بؤر استيطانية على أراض فلسطينية خاصة، وهو ما تم حظره منذ حكم تاريخي من المحكمة العليا في عام 1979.

مهمة استكشافية قاتلة

استعدادا للعملية المرتقبة، أجرى ناشطو نخالا عدة بعثات استطلاعية نهاية شهر يونيو لتحديد المواقع المناسبة لتجمعات جديدة، ونشرت المنظمة صورًا لهذه الرحلات على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها.

يبدو أن إحدى هذه المهام الاستكشافية انتهت بمقتل رجل فلسطيني، عندما واجهت مجموعة من النشطاء الذين كانوا يبحثون على ما يبدو عن موقعًا مناسبًا لبؤرة استيطانية جديدة بالقرب من مستوطنة أرييل، فلسطينيين من بلدة إسكاكا القريبة.

مشيعون يحملون جثمان علي حرب، الذي تعرض للطعن على يد مستوطن إسرائيلي كما يُزعم، خلال جنازته في قرية اسكاكا شمال الضفة الغربية، 22 يونيو، 2022. (JAAFAR ASHTIYEH / AFP)

اندلعت أعمال عنف، وفي ظل ظروف النزاع، طعن أحد أعضاء مجموعة النشطاء الاستيطانيين أحد المتظاهرين الفلسطينيين علي حسن حرب في صدره. توفي حرب (27 عاما)، متأثرا بجراحه.

يُظهر مقطع فيديو تم التقاطه قبل الحادثة مباشرة أحد نشطاء المستوطنين ممسكا بأداة حفر، ظاهريًا لتمهيد الأرض لإنشاء بؤرة استيطانية.

أكد عدي كيدار، محامي المشتبه به الرئيسي في حادث الطعن، والذي صدر بحقه أمر حظر نشر اسمه، للتايمز أوف إسرائيل أن المهاجم كان يشارك في مهمة استكشافية لمنظمة نخالا.

لكن شليسيل أصرت على أن مجموعة المستوطنين المتورطين في المواجهة لم يكونوا من نخالا وكانوا في نزهة فقط.

في 22 يونيو، يوم حادث الطعن المميت، نشرت نخالا على حسابها على تويتر أن نشطاءها بدأوا يومًا من الجولات الكشفية في مستوطنة بيدويل، على بعد 30 دقيقة بالسيارة من إسكاكا. لكن التغريدة أشارت إلى أن المجموعة سافرت جنوبا بعد مغادرة بيدويل بعيدا عن إسكاكا.

في تغريدة أخرى في اليوم التالي، قالت المنظمة إن نشطاءها ذهبوا لفحص موقع محتمل بالقرب من بؤرة بني كيدم، شمال شرقي الخليل.

وفي الأسبوع الماضي، قالت المنظمة على فيسبوك إن نشطاءها قاموا بجولة في موقع يعرف باسم “معلوت حلحول”، وهو قاعدة عسكرية قديمة سعت فيها نخالا مرتين لإنشاء بؤرة استيطانية في يوليو وديسمبر 2020.

سجل إنشاء البؤر الاستيطانية غير القانونية
قامت المنظمة بعدة محاولات لإنشاء بؤر استيطانية جديدة في الماضي، أبرزها عندما أنشأت بؤرة إيفيتار الاستيطانية جنوب نابلس في مايو 2021.

إيفيتار التي كانت موقع قاعدة قديمة أخرى للجيش الإسرائيلي، تم إخلائها طواعية من قبل نشطاء نخالا في يوليو من ذلك العام بعد أن توصلت المجموعة إلى اتفاق مع الحكومة بأن المباني في الموقع لن يتم تدميرها حتى إستكمال مراجعة ملكية الأرض في إيفيتار.

استشهدت شليسيل بشكل إيجابي بما حدث في إيفيتار كنموذج لنوع النشاط الذي تخطط له منظمتها في الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن “علم إسرائيل يرفرف الآن من إيفيتار ويقف جنود الجيش الإسرائيلي في حراسة هناك”.

مستوطنون في بؤرة ايفيتار الاستيطانية غير القانونية شمال الضفة الغربية، 16 يونيو 2021 (Sraya Diamant / Flash90)

بعد وقت قصير من إخلاء إيفيتار، سعت نخالا إلى إنشاء بؤرة استيطانية أخرى تسمى “عليوت إلياهو” شرق مدينة طوباس الفلسطينية في يوليو 2021.

استعدادا لعملياتها الأخيرة، أعلنت نخالا عن نواياها على نطاق واسع، بما في ذلك المحتوى الترويجي على المنافذ الإخبارية اليمينية مثل “أخبار إسرائيل الوطنية”، والعديد من المنشورات على فيسبوك وتويتر وإنستغرام.

وقد استخدمت المنصات لدعوة المشاركين المحتملين للانضمام إلى المشروع، والإعلان عن ندوات تحضيرية عبر الإنترنت، ولفت الانتباه إلى حملة التمويل الجماعي للمبادرة.

وفقًا لنخالا، فقد جمعت ما يقارب من 3 ملايين شيكل (856 ألف دولار) من التمويل حتى الآن من حوالي 5000 مانح، وجذبت أكثر من 500 مشارك إلى مؤتمر عبر الفيديو في وقت سابق من هذا الأسبوع.

أعدت المنظمة 3000 حزمة للنشطاء تشمل شواحن الهواتف المحمولة، المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية، المظلات، الحصير الأرضي، أباريق المياه بسعة 20 لترا، المراحيض المحمولة، ومنتجات النظافة الشخصية.

سيتم توزيع هذه الحزم على جميع النشطاء المشاركين قبل يوم الأربعاء.

الدعم العام للمشروع

حظيت عملية “البرج والحصار” بتأييد شعبي من أعضاء الكنيست ورؤساء بلديات المستوطنات.

يوم الخميس، أيد زعيم حزب الصهيونية الدينية ووزير النقل السابق عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش المشروع ودعا الجمهور للتبرع لحملة جمع التبرعات التي تقودها نخالا.

“يجب على أي شخص يمكنه فتح قلبه وجيبه أن يكون جزءًا من هذا الالتزام الديني لتوطين الأرض بأجمل ”، قال سموتريتش، العضو السابق في مجلس الوزراء الأمني، في بيان فيديو نُشر على صفحة نخالا على فيسبوك.

منح الحاخام الأكبر في القدس الحاخام أرييه شتيرن المشروع مباركته في مؤتمر عقد مساء الأربعاء، بينما صادق على المشروع رئيس مجلس السامرة الإقليمي يوسي داغان ورئيس بلدية مستوطنة بيت إيل، شاي ألون.

وأنتج الموسيقار الديني الشهير أهارون رازيل أغنية جديدة للمشروع بعنوان “مكان جيد”.

https://www.youtube.com/watch?v=slr7sr4JwQ

معارضة العملية

كل هذا التحضير لم يمر دون أن يلاحظه أحد.

سعت منظمة “سلام الآن”، التي تعارض بشدة حركة الاستيطان، إلى لفت الانتباه إلى ما تسميه “العملية الإجرامية” التي تخطط لها نخالا.

يوم الأربعاء بعثت حركة “سلام الآن” برسالة إلى رئيس الوزراء يئير لبيد تطالبه بتوجيه وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الأمن الداخلي عومر بارليف لإحباط العملية المخطط لها ومحاكمة أولئك الذين يخططون لها للضغط على المواطنين للقيام بنشاط غير قانوني.

وقالت حركة “سلام الآن” أيضا إنها شكلت وحدتها الخاصة من الناشطين التي تضم عشرات المتطوعين الذين سيخرجون إلى الضفة الغربية ويسعون فعليا إلى منع نشطاء نخالا من إنشاء البؤر الاستيطانية الجديدة.

اعترف أليك يفريموف، رئيس الأنشطة العامة لحركة “سلام الآن”، بأن مثل هذا العمل يمكن أن يؤدي إلى مواجهات عنيفة بين الجانبين، لكنه قال إن منظمته تتخذ إجراءات في ضوء ما قال إنه فشل الدولة في منع إقامة بؤر استيطانية أخرى.

قال يفريموف: “في 20 يوليو، ستقوم عصابة خطيرة للغاية بتنفيذ هجوم إرهابي ضد مصالح دولة إسرائيل وسيادة القانون، وستنشئ بؤر استيطانية ستكون بمثابة دفيئات لسرقة الأراضي للإرهابيين اليهود”.

مضيفا أن نشطاء “سلام الآن” “أناس يحبون الدولة ويأتون لوقف من يتصرف ضد مصالح الدولة”.

وقال درور إتكيس، وهو ناشط مناهض للاستيطان منذ فترة طويلة، إنه يعتقد أن الجهود المبذولة لإنشاء بؤر استيطانية متعددة في وقت واحد لم يسبق لها مثيل.

كما قال إنه لا يستطيع أن يتذكر موقفًا أعلنت فيه منظمة ما مسبقًا أنها ستنتهك القانون.

“كان النموذج القديم أن يخرج المستوطنون سراً ويقيمون بؤرة استيطانية ثم يحاولون التعامل مع رد فعل الدولة”، قال إتكيس.

“لكننا نعيش في أوقات مختلفة الآن حيث لا يهتم الناس بانتهاك القانون. إنه يظهر أن هناك قطاعات متنامية في هذا البلد تعتقد أن القانون مجرد توصية”.

رفضت كل من الشرطة والجيش الإسرائيلي الرد على طلبات التعليق حول كيفية التعامل مع عملية نخالا أو مواجهة الصراع المحتمل بين نشطاء المستوطنين ونشطاء حركة “سلام الآن”.