اقتصاد

لماذا ينجذب بعض الناس إلى مراكز التسوق لقضاء العطلات؟

نشاهد خلال العطلات توجه كثير من الناس إلى أماكن التسوق الكبرى “المولات” للترفيه وقضاء أوقات الإجازات، وقد يستعجب البعض من أن هذه الأماكن تشبع رغبات الراحة والاحتفال في حين أنها مزدحمة للغاية وبها كثير من الضوضاء.

يقول فرزام سبانتا، دكتوراه في الهندسة وعلاقتها بالطاقة والبناء البشري جامعة كرلتون: “تعتمد كيفية إدراكنا لبيئتنا المحيطة على كيفية تعاملنا مع الأماكن واستكشافها، وتصورنا للوقت الذي نقضيه في القيام بذلك والعديد من المكونات الأخرى لكيفية تصميم الفضاء، وبالتالي هناك عدة أسباب لانجذاب مجموعات من الناس نحو أماكن التسوق لقضاء العطلة”، بحسب موقع “ذا كونفيرزيشن”.

هل نستمتع حقا بالتسوق؟

ويضيف: “بصرف النظر عن العثور على العلامة التجارية المفضلة لدى الفرد في بعض المتاجر أو في أماكن التسوق الرئيسية والمولات الكبرى، يستمتع الكثير منا بقضاء الوقت في التنزه في تلك الشوارع أو في مراكز التسوق المحلية كمكان في حد ذاته، ويرتبط ذلك بمفهوم العلاج بالتجزئة أو العلاج بالتسوق، الذي ظهر في الثمانينيات وتمحور حول الحصول على المشاعر الجيدة والإيجابية وتحسين مزاج المشتري من خلال التسوق في المكان المفضل”.

وأشار أيضاً إلى أنه “تم بناء مراكز التسوق بأكملها كوجهات مذهلة أو تبعث على الشعور بالرضا، سواء اتفقنا أم لا على أن التسوق بحد ذاته شيء نستمتع به، وهل شراء البضائع يمنحنا شعورًا جيدًا أم أنه جو المكان الذي نزوره”.

في كتابه “أسئلة الإدراك”، يناقش المهندس المعماري ستيفن هول كيف ندرك البيئة المحيطة بنا من خلال الاقتراب والمشي في الفضاء (المعروف أيضًا باسم الدوران) ومكونات تلك المساحة، ووفقًا لهول تجربتنا مع المكان تعتمد على العديد من المكونات المختلفة ومنها الأضواء والألوان والتفاصيل والمساحات الخضراء وحتى الأشخاص من حولنا.

• الألوان والصوت والضوء

ذكر سبانتا أن الأدلة العلمية تظهر أن الألوان المختلفة لها تأثيرات متنوعة على الحالة المزاجية لدينا، على سبيل المثال يمكن أن يزيد اللون الأحمر من الشهية في المطعم، هذا على الأرجح سبب وجود الكثير من المقاعد في مطاعم الوجبات السريعة بألوان دافئة، وبالمثل يمكن أن يجعلنا اللون الأخضر نشعر بالسلام والأمان، وهذا هو السبب وراء استخدامه في عيادة الرعاية الصحية المحلية، لكن الألوان وحدها لن تؤدي المهمة فالضوء عنصر رئيسي في بيئتنا المبنية، يساهم تصميم الإضاءة بشكل كبير في كيفية إدراكنا لبيئاتنا، لذلك العديد من المطاعم تستخدم الإضاءة لخلق جو على كل طاولة، من ناحية أخرى توفر المكتبات مستويات إضاءة كافية للمكاتب حتى يتمكن الأشخاص من القراءة بسهولة، والصوت أيضاً عامل جذب مهم لذا نجد في مراكز التسواق بعض أصوات الموسيقى المعبرة عنهم أو السائدة.

وتُستخدم جميع مكونات المساحة هذه في مناطق التسوق أو مراكز التسوق لمنح الزائرين تجربة فريدة من نوعها، كل هذا يهدف إلى منح الزائرين أجواء إيجابية تجعلهم يعودون ويقضون الوقت والمال.

• لماذا لا نشعر بالتعب أثناء التجول

في جزء آخر من بحثه يقول سبانتا: “تعتبر التفاصيل عنصرًا أساسيًا في الهندسة المعمارية لدرجة أن بعض العلامات التجارية معروفة ببساطة بالبنية الفريدة لمتاجر البيع بالتجزئة الخاصة بها، تُعد اللافتة الذهبية على خلفية سوداء أو الضوء الخطي الذهبي وسط لون محيط داكن تفاصيل يمكن أن تساهم في البيئات المحيطة، كل التفاصيل مؤثرة، يبدو الجلوس على كرسي خشبي مختلفًا في تصميمه عن الجلوس على كرسي معدني أكثر تفرداً للشخص، لأننا ندرك بيئاتنا بناءً على المواد المستخدمة لإنشاء مساحة”.

كما نلاحظ في مراكز التسوق الكبرى أنها مصممة للمشي بطريقة غير مستقيمة، ويفسر سبانتا، إذا كنا نسير في شارع طويل مستقيم فقد تصبح مهمة المشي شاقة مما يؤدي إلى التفكير في سبب استغراق وقت طويل للوصول إلى الوجهة، أو الكسل عن التجول، في المقابل عندما نركز على المتاجر المختلفة في المركز التجاري، هناك إطارات متغيرة باستمرار، لهذا السبب نجد أنفسنا نتسوق لساعات في مركز تجاري دون الشعور بالتعب.