اخبار الكويت

الأمن الغذائي يتطلب وجود خطة إستراتيجية متكاملة المحاور

  • البسام: الأحداث الأخيرة أكدت نجاح سياسة الدولة في تحملها تكاليف الدعم وثبات الأسعار
  • المخيزيم: حتمية البحث عن منتجات أساسية وأخرى بديلة وإنشاء مناطق للتخزين خلال الأزمات
  • ضرورة تشكيل هيئة أو شركة لنقل المنتجات الزراعية إلى التعاونيات مقابل هامش ربح بسيط
  • يجب أن يكون لدى الحكومة «مؤشر مخاطر» للأزمات المقبلة وخطة للتخزين وأخرى للاستهلاك

عاطف رمضان

أكد اقتصاديان أن ما يشهده العالم من أحداث سياسية خلال الفترة الأخيرة والتداعيات الكبيرة على امدادات السلع الغذائية يؤكد نجاح سياسة الكويت في تحمل تكاليف الدعم وثبات الأسعار ومراقبتها الأسواق المحلية وتحقيق الاستقرار، متوقعين عدم ارتفاع الأسعار العالمية على المدى القريب، مستدركين انها قد ترتفع مستقبلا لوجود تغيرات جيوبوليتكية في العالم واتجاه دول لتغيير سياساتها في التصدير مما يحتم وضع خطة مستقبلية وإيجاد مصادر إمداد بالبضائع والسلع الغذائية.

حيث قال عميد كلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية السابق د.صادق البسام والخبير الاقتصادي محمد المخيزيم في تصريحات لـ «الأنباء» ان تحقيق الأمن الغذائي الداخلي يتطلب تسكين الأراضي الزراعية لدى مزارعين حقيقيين من خلال شركات مساهمة كبرى لزراعة منتجات أساسية لنصل الى درجة معقولة من الاكتفاء الذاتي مع القضاء على الوسيط بين المزارعين عبر تشكيل هيئة او شركة تنقل المنتجات الزراعية من المزارع الى الجمعيات التعاونية مقابل هامش ربح بسيط، لافتين الى ان ما يشهده العالم من أحداث تحتم على الدولة توفير مخزون استراتيجي للطوارئ حسب معدلات الاستهلاك لمدة 6 أشهر أو سنة، والبحث عن منتجات أساسية وأخرى بديلة وإنشاء مناطق للتخزين خلال فترة الأزمات، وفيما يلي التفاصيل:

في البداية، قال د.صادق البسام ان ما يشهده العالم من احداث يؤكد نجاح الدولة في تحمل تكاليف الدعم وثبات الاسعار، وفيما يخص السلع الأخرى غير المدعومة فلا يوجد ما يدعو للقلق مادامت وزارة التجارة تقوم بدورها في مراقبة الاسواق للتصدي للتلاعب بالأسعار خصوصا وقت الازمات وتتصدى للارتفاعات المصطنعة او غير المبررة خصوصا في ظل وجود قانون المنافسة وجهاز حماية المنافسة.

ودعا البسام إلى عدم القلق من أي ارتفاعات في الأسعار على المدى القريب، مستدركا: قد تكون هناك ارتفاعات على المدى البعيد وليس في الوقت الحاضر، وحتى بعد الأزمة العالمية سترتفع الأسعار لأن هناك تغيرات جيوبوليتكية حدثت في المنطقة والعالم فكثير من الدول ستغير سياساتها تجاه ما تقوم به من تصدير، ويجب على الدولة ان تضع خطة مستقبلية لما سوف يحدث، مشيرا الى ضرورة وضع خطة للتعامل مع التغيرات، لأن العالم لن ينتظرنا أو يتعامل معنا اذا لم نكن بنفس مستواه.

القدرة التنافسية

ولفت الى انه يجب على «المالية» و«التجارة» وغيرهما من الوزارات المعنية أن تضع في حسبانها كيفية التعامل مع الأسعار بعد سنة أو 6 شهور، والمحافظة على القدرة التنافسية داخليا وخارجيا، وأيضا البحث عن مصادر تمويل للبضائع والسلع الغذائية، والنظر بصورة واقعية للأمن الغذائي الداخلي وعدم توزيع الحيازات الزراعية للمواطنين كصدقات وهبات بل من يقوم بالعمل فيها حتى نصل الى درجة معقولة من الاكتفاء الذاتي، والأفضل انشاء شركات مساهمة للأمن الغذائي يسهم فيها المواطن والدولة لتوفير احتياجات السوق المحلية من المنتجات الزراعية والحيوانية والدواجن.

وأضاف: يجب على الحكومة الا تبحث عن تاجر يبيع السلع والا يكون هناك وسيط بين المزارع والسوق ولابد ان تكون العلاقة مباشرة سواء من خلال تشكيل هيئة او شركة جادة لأخذ هذه البضائع ووضع نسبة محدودة بسيطة لها مقابل توصيلها الى الأسواق المحلية.

وتابع: في عام 1982 تم تشكيل لجنة لدراسة الأمن الغذائي من خلال جهاز الدراسات في الديوان الأميري في عهد المغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، وكنت أحد أعضائها وقمنا بإعداد دراسة وتأكدنا من كميات السلع الغذائية في المخازن وكم من الوقت تكفي وكيف نحقق الأمن الغذائي في الكويت، وقدمنا دراسات طوال 40 سنة ولا نزال في المربع الأول نتكلم عن كيف نؤمن الغذاء للمواطن، منوها الى أن اللجنة استنتجت من خلال الدراسة ضرورة تسكين الأراضي الزراعية عند مزارعين حقيقيين في شكل شركات مساهمة ضخمة يشارك فيها المواطن والحكومة يقومون بالزراعة ويقدمون منتجات أساسية.

ولفت إلى أن اللجنة تطرقت خلال الدراسة التي أعدتها عن المواد الأساسية لضرورة وجود مزارع للدواجن والأبقار والألبان وأنواع مختلفة من الاحتياجات المتوافرة من خلال أحدث التكنولوجيات، مضيفا «ندور في حلقة مفرغة منذ 40 عاما هذا ليس من صالح الدولة ويجب التحرك في الطريق الصحيح».

المخزون الإستراتيجي

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي محمد المخيزيم إلى ان المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية تحدده الحكومة وفق معدلات الاستهلاك، وفي ظل ما يشهده العالم من أحداث سياسية بين روسيا وأوكرانيا وتأثير ذلك على توافر المنتجات يجب توافر مخزون للطوارئ حسب معدلات الاستهلاك وتوفير هذه المنتجات لمدة 6 شهور أو سنة.

وأضاف المخيزيم أنه في حالات الطوارئ يجب البحث عن المنتجات الأساسية التي يتسبب نقصها في حدوث مشكلات، لافتا الى أن توفير المنتجات الأساسية ومواد التموين من اختصاص وزارة التجارة

كما تجعل المواطنين يشعرون بالأمان، وحتى تتوافر هذه المنتجات يجب أن تكون هناك مناطق للتخزين لأن الدولة قد تستورد المنتجات بطريقة مباشرة وفي نفس الوقت تقوم ببيعها للتجار لحين استقرار الأوضاع وبذلك تكون وفرت المخزون الغذائي خلال فترة الطوارئ وصرفت البضائع.

مؤشر المخاطر

واقترح توفير مخازن من خلال قيام الحكومة بشرائها أو استئجارها من الشركات، من المفترض أن يكون لدى الحكومة مؤشر للمخاطر، يمكن من خلاله التعرف على نسبة الخطر اذا كانت عالية او متوسطة او قليلة، ففي حال كانت الحكومة ترى ان نسبة الخطر 20% فلا نحتاج الى تخزين السلع الغذائية، أما اذا كانت النسبة 50% أو أكثر فيجب ان يتم وضع خطة للتخزين وأخرى للاستهلاك وتكون مدروسة لعدم تكدس البضائع أو انتهاء صلاحيتها، وفي مثل هذه الأزمات العالمية يجب أن تكون التصريحات الحكومية دقيقة فيما يخص توافر المخزون حتى لا تتسبب في وجود قلق لدى الناس.

وألمح الى أن تأثيرات الأزمة الحالية قد تكون على دول معينة تستورد منتجاتها من أوكرانيا مثل القمح وهو ليس منتجا أساسيا في الكويت بخلاف الأرز، مضيفا لابد أن تكون هناك احتياطيات للازمة كأن تكون هناك منتجات بديلة خاصة في حال ارتفاع أسعار سلع غير أساسية مثل القمح، فربما تقوم الدول التي تستورد القمح بشراء منتج بديل مثل الأرز وبالتالي يرتفع سعره بسبب زيادة الطلب عليه.

وذكر أن وزارة التجارة والصناعة لها دور مهم في مراقبة أسعار السلع في السوق المحلي خاصة المنتجات التي تم استيرادها قبل الأزمة لأن سعر استيرادها قبل الأزمة يختلف عنه بعدها خاصة المنتجات الأساسية.