اخبار المغرب

قوى اليسار الفرنسية تراهن على الوجوه الجديدة في الانتخابات التشريعية

يخوض اليسار الفرنسي الانتخابات التشريعية في يونيو ببعض الوجوه الجدد الذين تحيد مساراتهم عن دروب السياسة المطروقة، بينهم راشيل كيكي، وهي عاملة تنظيفات شنت بنجاح أحد أطول الإضرابات في تاريخ أوساط الفنادق الفرنسية.

تصف راشيل كيكي، البالغة 47 عاما، نفسها بأنها “مناضلة”. وتقول هذه المرأة المولودة في ساحل العاج والتي أتت إلى فرنسا عام 2000 في سن السادسة والعشرين: “كل شيء ممكن”، مشددة على أن دخول البرلمان الفرنسي “لا يخيفني”.

وأكدت أنها لا تخشى كذلك أن تكون التجسيد الوحيد ربما للطبقات الشعبية في مواجهة مخضرمي السياسة. وشددت المرشحة ذات الابتسامة العريضة، وهي أم لخمسة أطفال، على أن “هم لا يفهمون معاناة الناس”، لذا فهي تطمح إلى “تفسير واقع” أفقر الفقراء إلى النواب الآخرين في حال فوزها.

وهي تستمد هذا الخطاب الحماسي من نضالاتها الأخيرة. ففي ماي 2021 نجحت 19 عاملة تنظيفات وزميل لهن في فندق باريسي، بقيادة راشيل كيكي، في إخضاع شركة متعاقدة من الباطن مع مجموعة “آكور” الفندقية.

فبعد إضراب استمر 22 شهرا وبطالة جزئية، وهي أطول حركة تقودها نقابة العاملين في الفنادق (CGT-HPE)، نجح المضربون في الحصول على زيادة في أجورهم “تراوحت بين 250 و500 يورو شهريا”.

وأكدت كيكي أن “من المهم أن نقول الحقيقة”، متحدثة عن صنوف “الاحتقار” و”الاستغلال” والتجاوزات التي تتعرض لها النساء اللواتي يمارسن مهنتها.

وروت: “قال لي أحد الزبائن يوما: أيتها الزنجية القذرة عودي إلى بلادك”، فيما يحاول آخرون “ملامستي عندما أطرق باب غرفتهم”.

جاذبية

هذه السنة، قرر حزب فرنسا الأبية، اليساري الراديكالي بقيادة جان-لوك ميلانشون الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية في أبريل، ترشيح راشيل كيكي في ضاحية باريس حيث تقيم.

وقال النائب عن الحزب إريك كوكيريل، الذي اقترح ترشيحها، لوكالة فرانس برس، إنها “قائدة شعبية تتمتع بصفات جذابة، وهي قوية وتجد الكلمات المناسبة”.

وراشيل كيكي ليست الوجه الجديد الوحيد الذي رشحه الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد، وهو ائتلاف يساري يضم الاشتراكيين والشيوعيين والخضر وفرنسا الأبية، يخوض الانتخابات التشريعية التي تقام على دورتين في 12 يونيو والتاسع عشر منه.

أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الاثنين، منافسة محتدمة بين هذا التحالف والغالبية الرئاسية بقيادة إيمانيول ماكرون قبل الانتخابات التشريعية، في حين إن اليسار الفرنسي، باستثناء فرنسا الأبية، حقق نتائج كارثية خلال الاقتراع الرئاسي.

وثمة أكثر من 12 مرشحا يحيدون عن المسار السياسي المألوف في فرنسا. من بين هؤلاء ستيفان رافاكلي، وهو خباز في بوزانسون في شمال شرق البلاد، تمكن العام الماضي من تصحيح وضع متدرب غيني لديه إثر إضراب عن الطعام استمر عشرة أيام، وكذلك آليينور غارسيا-بوش-دو موراليس في منطقة شير في وسط البلاد التي قدمها التحالف على أنها “مربية خيول ورثت النبالة ذات الوطأة الكبيرة رغما عنها” وفضلت “حياة المزارعين على سيارات مازيراتي” الفخمة.

يضاف إلى هؤلاء أيضا ألما دوفور، الناشطة التي نجحت في منع إقامة خمسة مخازن لشركة “أمازون” الأميركية العملاقة، أحدها في منطقة سين-ماريتيم (شمال غرب) حيث رشحت.

دلالة رمزية

قال مانويل بومبار، مدير الحملات في فرنسا الأبية: “النواب المقبلون يجب أن يكونوا قد شنوا نضالات اجتماعية وبيئية ومجتمعية، أناس يلتزمون النضال. كان لدينا هذا الميل في 2017 (خلال الانتخابات التشريعية السابقة) لكن في 2022 أصبح المشهد أكثر اكتمالا وتنوعا”.

ورأى إيميريك بريهيي، المحلل لدى مؤسسة جان جوريس، في ذلك “دلالة رمزية كبيرة” هدفها القول “نحن نمثل الطبقات الشعبية الفعلية ولدينا في هذا الإطار ممثلون عن هذه الطبقات التي يقال إنها شعبية”.

لكن النائب الاشتراكي السابق هذا قال إنه ينبغي معرفة إن كان هؤلاء “رشحوا في دوائر يمكنهم الفوز فيها أو إن الأمر يتعلق فقط بدعاية”.

وستواجه راشيل كيكي منافسة قوية من روكسانا مارسينيانو، وهي وزيرة الرياضة السابقة التي رشحتها الغالبية الرئاسية الراهنة.

اما بولين رابيي-فيرنيو، وهي من الوجوه البارزة في جيل الشباب المدافع عن البيئة، فقد ترشحت في بولونييه-بيلانكور، وهي معقل يميني قريب من باريس.

وأكدت الشابة البالغة 26 عاما، التي سلطت الأضواء عليها بعد طردها بطريقة عنيفة من تجمع انتخابي لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، أن فرصها للفوز قد تكون “متدنية جدا” لكنها ترى أنها “ستحقق بعض المكاسب” إن نجحت في “خض” صفوف الوجهاء المحليين الذين لا يعيرون للرهانات البيئة اهتماما، وانتقلت إلى الدورة الثانية من الانتخابات.

وقالت: “نرغب في وصول أشخاص لهم مسارات مختلفة إلى الجمعية الوطنية. أنا على ثقة بأن راشيل كيكي ستكون مفيدة أكثر من أي شخص ارتاد كلية العلوم السياسية أو المدرسة الوطنية للإدارة”، وهي مؤسسات للتعليم العالي فيها يتخرج رموز النخبة السياسية الفرنسية.