اخبار الكويت

يفغيني رويزمان آخر معارض روسي معروف لايزال طليقاً

يخفي الروسي يفغيني رويزمان حزنه خلف الكثير من العمل. يتردد الزوار على مكتبه، جميعهم يريدون التحدث إلى هذا المنتقد الشرس للهجوم على أوكرانيا وآخر معارض معروف لايزال خارج السجن في روسيا.

يستقبل رويزمان كثرا، بينهم امرأة روسية مسنة وثنائي من المعجبين به وطفل مصاب بالتوحد مع عائلته وأم عزباء يائسة تريد الهجرة منذ بدء غزو أوكرانيا، في مقر مؤسسته الخيرية بمدينة ايكاتيرينبورغ، مسقط رأسه في منطقة الأورال، التي شغل منصب رئيس بلديتها لفترة.

في هذا اليوم أيضا يصادف حفل زفاف إحدى بناته. فينسحب رويزمان (59 عاما) لفترة وجيزة بين لقاءين خلال دوام عمله لحضور الحفل، ثم يعود إلى العمل.

يتمتع رويزمان ذو البنية القوية بنظرة ثاقبة، وينتعل حذاء أحمر، إلا أنه ثقته تترنح ما إن يسأله فريق وكالة فرانس برس عما إذا كانت لديه رسالة يود توجيهها إلى الأوكرانيين الذين تواجه بلادهم هجوما روسيا داميا.

ويقول «أخاف أن أتصل بأصدقائي في أوكرانيا، لأنهم سيقولون لي «لا تتصل بنا أبدا». إنه شعور بالذنب الشديد. أتفهم ما يحصل. ماذا يمكن أن أقول للأوكرانيين؟ أطلب منهم السماح وأتمنى لهم القوة والشجاعة».

يروي رويزمان أن أقرباءه يسودهم «شعور بالاشمئزاز. يحدث شيء فظيع. الأشخاص وقعوا في شر دنيء وهذا الشر ينتصر أمام عيوننا»، في إشارة إلى ما يفعله الكرملين.

ثم يستدرك فيقول: «كلا، لن يمر ذلك، في نهاية المطاف العدالة ستتحقق وكل شيء سيكون على ما يرام».

– مستعد للسجن

غير أن الخناق يضيق على يفغيني رويزمان. فمؤخرا، فرضت عليه ثلاث غرامات لأنه استنكر الهجوم على أوكرانيا معتبرا أن المسؤولية الجماعية للروس عنه «لا جدال فيها».

تقول يفغينيا كوزمينكوفا (36 عاما) التي وصلت خصيصا من سيبيريا مع زوجها للقاء المعارض، «نخشى أن يسجنوه على غرار الآخرين كلهم، لذا جئنا نراه ونشد على يده قبل أن تتم ملاحقته».

ويؤكد رويزمان أنه «يدرك أن بإمكانهم توقيفي» مضيفا «ليس لدي أوهام، لست خائفا».

وسبق أن تعرضت المعارضة الروسية لحملات قمع إلا أنها تلقت الضربة القاضية منذ بدء الهجوم على أوكرانيا. وقد هاجر آخر منتقدين بارزين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو وضعوا في السجن.

ومؤخرا سجن إيليا ياشين وفلاديمير كارا-مورزا، وهما معارضان لم يغادرا روسيا، لأنهما استنكرا النزاع في أوكرانيا. ويواجه كل منهما عقوبة السجن عشر سنوات. وقبل ذلك تلقت المعارضة صفعة قوية عندما سجن في يناير 2021 وجهها الأبرز أليكسي ناڤالني.

يعرف رويزمان جميع المعارضين ويدعمهم. ويرى أنه تم القضاء على المعارضة الروسية. وبينما لايزال يعبر عن رأيه إلا أنه يؤكد أنه ليس لديه طموحات سياسية.

– «قصيرة وحادة»

كانت مسيرة رويزمان المولود لأب يهودي يعمل مهندسا وأم روسية كانت ممرضة أطفال، أحيانا مضطربة ومثيرة للجدل قبل الانضمام إلى المعارضة. وقد أمضى خلال فترة شبابه عامين في السجن.

في تسعينيات القرن الماضي كان مستثمرا في ايكاتيرينبورغ التي كانت آنذاك معقلا للمافيا. في عام 1999 أطلق مؤسسة لمكافحة المخدرات اتهمت بالاعتداء على المدمنين، الأمر الذي نفاه.

بين عامي 2003 و2007 كان نائبا في مجلس الدوما الروسي ثم تولى عام 2013 رغم أنف الكرملين، منصب رئاسة بلدية ايكاتيرينبورغ البالغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة.

وهذا المنصب تمثيلي إلى حد بعيد بدون صلاحيات واسعة، لكن رويزمان هو المعارض الوحيد الذي انتخب لتولي منصب على هذا المستوى. في عام 2018 ألغي انتخاب رئيس البلدية بالاقتراع المباشر واستقال رويزمان، مذاك يركز على مؤسسته الخيرية المؤثرة، لكنه لا ينسى انتقاد السلطات. على موقع تويتر، المحظور في روسيا والذي لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الاتصال بشبكة خاصة افتراضية (VPN)، لديه اختصاص، وهو كتابة وابل من التعليقات الصغيرة النارية التي غالبا ما تتضمن كلمات نابية، وذلك ردا على منشورات وسائل الإعلام الموالية للكرملين.

ويشرح قائلا «إنها دعاية مضادة قصيرة وحادة»، مؤكدا أن الابتذال يتيح «الكشف عن الطبيعة الحقيقية» للمعلومات الرسمية.

يشير رويزمان العاشق للأدب والمعجب بالكاتب الفرنسي من عصر النهضة فرنسوا رابليه، إلى صعوبة ترجمة الكلمات النابية، ثم يقطع كلامه للعودة إلى زفاف ابنته.

في الخارج، عند مدخل مقر مؤسسته، يلتقي امرأتين تحملان قططا شاردة. يهدأ يفغيني رويزمان قليلا ويبتكر مهمة جديدة: «العثور على منزل للقطط».