اخبار فلسطين

المقاومة تدق باب ملف الأسرى من جديد.. كيف يمكن قراءة ذلك؟

غزة خاص قدس الإخبارية: أعادت حركة حماس وذراعها العسكرية كتائب القسام، اليوم الأربعاء 14 ديسمبر 2022، فتح ملف الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية منذ عام 2014 خلال العدوان الذي استمر 51 يومًا على قطاع غزة.

وحضر ملف الأسرى والتبادل في 3 مناسبات خلال مهرجان انطلاقة الحركة الـ 35 الذي أقامته بمدينة غزة، من خلال كلمة للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال تحدثت بشكل واضح عن الأوضاع في السجون والثقة في المقاومة ومطالباتها بتكتيكات جديدة فيما يخص مفاوضات التبادل، إلى جانب حديث رئيس الحركة يحيى السنوار الواضح أن ملف التبادل سيكون أمام سيناريوهين اثنين هما جلعاد شاليط أو رون راد.

وكانت المفاجأة في هذا المهرجان عرض كتائب القسام لقطعة سلاح تعود للضابط الإسرائيلي هدار غولدين الذي انقطع الاتصال معه منذ 1 أغسطس/آب 2014، ولم تعلن القسام أية تفاصيل متعلقة به منذ تلك الفترة بالرغم من الحديث الإسرائيلي عن مقتله.

اللافت كان في حديث السنوار هو تحديد سقف زمني لإبرام صفقة تبادل أو “قبر” الملف نهائيًا ووقف الحديث فيه تمامًا، بعد تعثر جولة المفاوضات الأخيرة التي جرت قبيل إجراء انتخابات كنيست الاحتلال الشهر الماضي والتي أدت لعودة نتنياهو والصهيونية الدينية للحكم.

ومع اقتراب تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو تقذف المقاومة الفلسطينية بالملف من جديد في وجه الحكومة التي تضم شخصيات متطرفة مثل سموتريتش وبن غبير، بخطاب دعائي جديد عززته القسام بالإفصاح عن قطعة السلاح الخاصة بغولدين.

تغيير القواعد

في هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة حسام الدجني إن حضور الأسرى بصورةٍ لافتة في مهرجان حماس عبر كلمة مخصصة لهم بالإضافة لتصريحات السنوار وما عرضه القسام، يعكس يحمل في طياته مؤشرات على تغيير قواعد التعاطي مع الملف.

ويضيف الدجني لـ “شبكة قدس”: “السيناريوهات المطروحة في الملف تتمثل إما سيناريو شاليط، عبر تقديم القسام معلومات واضحة بموجبها يتم تعجيل في إتمام الصفقة، وما قدمته وحدة الظل ويعزز ولو قليلاً هذا الاحتمال، أما السيناريو الثاني فهو سيناريو رون أراد بحيث يتم إغلاق الملف ووقف الحديث فيه مع أي أطراف إقليمية أو دولية”.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية فإن وحدة الظل قدمت دلالة جديدة بشأن هدار غولدين تمثلت في بندقية لا يوجد عليها دماء أو خدشات، والقسام تريد أن تقول أن الجندي بخير في رسالة ضمنية بعد أن تحدثت لسنوات أن الاتصال مفقود معه.

وبشأن الانتقادات لإدارة الملف والربط بين عدم الإفصاح عن التفاصيل وأن الجنود أموات، يعلق قائلاً: “رسالة الكشف عن أنهم أحياء صدرت أكثر من مرة بطرق غير مباشرة، والواضح أن المقاومة استفادت مما جرى في ملف شاليط ولا تريد توجيه رسائل مباشرة”.

ويستكمل قائلاً: “خلال إدارة ملف شاليط حاول الاحتلال التنصل أكثر من مرة حتى مع توسط الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في هذا الملف من خلال اتصاله بخالد مشعل الذي كان يرأس الحركة، وظل الاحتلال يماطل حتى اللحظة الأخيرة لعدم إنضاج الصفقة وبالتالي واضح أن القسام لا يريد أن يقع في نفس الخطأ ويريد أن يبدأ صفقة متدرجة”.

ثقل المسؤولية.. تغيير محدود للغاية

من جانبه، يقول الباحث والمختص في الشأن السياسي ساري عرابي إن من الصعب الحديث بوجود تغيير تام في تعامل حركة حماس وكتائب القسام مع ملف الجنود الأسرى وإدارته خلال الفترة المقبلة بناء على ما جرى كشفه والحديث فيه.

ويوضح عرابي لـ “شبكة قدس” أن ما جرى يعكس وجود ثقل كبير على المقاومة الفلسطينية فيما يخص ملف التبادل لا سيما مع إدراك الجميع بما فيهم الأسرى أنه لا أمل إلا بتنفيذ صفقة تبادل جديدة من أجل انتزاع حريتهم من سجون الاحتلال.

ويرى الباحث في الشأن السياسي أن السلوك الأخير يأتي انسجامًا مع حالة النقد الكبير التي وجهت للمقاومة حول إدارة الملف خصوصًا وأن حركة حماس لم تفصح كثيرًا عن المعلومات الخاصة بالجنود وتتعامل فيه بنوع من الغموض.

ويستكمل بالقول: “ما جرى نوع من التخطيط والتجاوب النسبي مع الاعتراضات الخاصة بتعامل الحركة وإداراتها للملف، وهو ما ثبت في كلمة الأسرى وخطاب السنوار وحتى عرضة بندقية الضابط غولدين التي لا تنفي أنه ميت مثلاً”.

ويرى عرابي أن التغيير الحقيقي في سياسة التعامل مع ملف الجنود الأسرى الأربعة لدى المقاومة وهم أبراهام منغستو وهشام السيد وهدار غولدين وشاؤول أرون كانت ستكون مختلفة لو أن المفاجأة بدأت مختلفة وتحمل في طياتها رسائل مباشرة عن حياتهم.

ويؤكد الباحث في الشأن السياسي على أن واحدة من الأسباب التي أعاقت تنفيذ صفقة تبادل جديدة خلال السنوات الماضية هو عدم استقرار المشهد السياسي الإسرائيلي إذ جرت 5 انتخابات لكنيست الاحتلال خلال 3 سنوات فقط وهو ما جعل هذا الملف خارج حسابات الحكومات المتعاقبة للاحتلال.

ويرجح عرابي في حديثه أن تلجأ الحركة لتنفيذ عمليات أسر جديدة إذا ما اندلعت مواجهة قريبة على غرار محاولتها التي جرت خلال معركة سيف القدس عام 2021 خصوصًا مع استخدام الاحتلال للقوة النارية العنيفة في استهدافه للقطاع والمدنيين.

خلط أوراق.. رسائل دعائية

إلى ذلك، يعتقد الباحث والمختص في الشأن الدعائي حيدر المصدر أن المضمون الخطابي لمهرجان حركة حماس ككل سيطرت عليه حالة من التوجس والخشية من اشتعال الحالة ككل مع الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية.

ويقول المصدر لـ “شبكة قدس” إن المقاومة الفلسطينية وعبر ما وجهته من رسائل متعلقة بملف الأسرى تريد خلط الأوراق للحكومة الإسرائيلية الجديدة من أجل ضمان عدم استفرادها في القطاع بعد توليها زمام الأمور خلفاً للحكومة السابقة.

ويستطرد الباحث في الشأن الدعائي قائلاً: “أستبعد أن تكون قضية إظهار سلاح الجنود غولدين من أجل تفعيل المفاوضات أو تحريك الملف، وأرجح أن يكون هذا السلوك موجه للاحتلال بهدف اشغاله بذاته وتعزيز الخلافات أكثر”.