اخبار فلسطين

فيلم وثائقي لقناة “الجزيرة” يدعي أن الجيش الإسرائيلي استهدف عمدا شيرين أبو عاقلة وصحفيين آخرين

تضمن فيلم وثائقي بثته قناة “الجزيرة” الإخبارية التي تتخذ من قطر مقرا لها الأسبوع الماضي لقطات يُزعم أنها تظهر أن جنديا إسرائيليا واحدا على الأقل استهدف عمدا مجموعة من المراسلين من بينهم الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة خلال اشتباكات في الضفة الغربية في شهر مايو.

وعُرض الفيلم الوثائقي، الذي تبلغ مدته 38 دقيقة بعنوان “قتل شيرين أبو عاقلة”، يوم الخميس الماضي كحلقة من سلسلة Fault Lines التي تبث على قناة “الجزيرة” الإنجليزية منذ عام 2009.

وتضمن الفيلم الوثائقي شهادات ومقاطع فيديو قيل إنها تثبت استهداف أبو عاقلة وصحفيين آخرين بشكل واضح، وأنها لم تكن ضحية لنيران طائشة خلال معركة بالأسلحة النارية بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين، كما ادعى الجيش الإسرائيلي.

وقُتلت صحفية قناة “الجزيرة” البالغة من العمر 51 عاما، والتي كانت ترتدي سترة عليها علامة “صحافة” وخوذة، خلال اشتباكات بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين، أثناء تغطيتها لعملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية في يوم 11 مايو، وسط حملة عسكرية أوسع للجيش الإسرائيلي، بحسب الرواية الرسمية التي قدمها الجيش الإسرائيلي.

ويبدو أن اللقطات في الفيلم الوثائقي تظهر أنه لم تكن هناك معركة بالأسلحة النارية في الموقع في ذلك الوقت، وتظهر فقط القوات الإسرائيلية تطلق النار على مجموعة من الصحفيين الفلسطينيين من بينهم أبو عاقلة. ويدعم الفيلم هذا الادعاء بشهادات شهود عيان وزملاء أبو عاقلة الذين كانوا هناك عندما أصيبت بالرصاص.

ونقل عن الصحفي الفلسطيني مجاهد السعدي قوله: “كان هناك إطلاق نار في المخيم، لكن لم تكن هناك اشتباكات ولا وجود لمقاتلين في المنطقة التي كنا نسير فيها”.

وقال مراسل الجزيرة علي الصمودي: “لقد وقفنا حتى يرونا جيدا ويتعرفوا علينا كصحفيين”.

كما تضمن الفيلم الوثائقي محاكاة تهدف إلى إظهار النظر عبر الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة في ذلك الوقت، وإظهار أن موقع القوات كان سيسمح لهم برؤية الصحفيين بوضوح.

كما أنه أشار إلى تعرض الصحفيين الذين كانوا يحاولون إبعاد أبو عاقلة عن الموقع لإطلاق نار أيضا، مؤكدا استهدافهم عمدا.

وقالت الصحفية الفلسطينية شذى حنيشة: “أنا متأكدة من أننا كنا مستهدفين كصحفيين”.

وزعم مصور الجزيرة مجدي بنورة أن “الصحفيين أصبحوا هدفا لهم لأنهم يروون القصة الحقيقية، القصة الفلسطينية التي لا يريدون سماعها”.

وألقى الجيش في البداية باللوم على مسلحين فلسطينيين في إطلاق الرصاصة القاتلة، لكنه أقر لاحقا بأن أبو عاقلة قُتلت على الأرجح على يد جنود إسرائيليين، رغم أنه شدد على أن الحادث كان غير مقصود ونتيجة رصاصة طائشة أطلقت على مسلحين قريبين.

“فيما يتعلق بمحاولة التحكم في الرواية، يمكن أن نرى كيف تغيرت النسخة [الإسرائيلية] من على الأرجح كان فلسطينيا إلى لسنا متأكدين من المسؤول إلى ربما نحن المسؤولين وإلى على الأرجح نحن المسؤولين”، قال مدير منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية لحقوق الإنسان حجاي العاد لقناة الجزيرة. “كل تغيير في هذه الرواية لم تقدمه إسرائيل طوعا. كل تغيير في الرواية كان نتيجة التحقيقات والحقائق ووصلوا إلى وضع حيث لم يكن لديهم أي خيار آخر”.

مدير منظمة “بتسيلم”: حجاي العاد يظهر في حلقة من برنامح Fault Lines الوثائقي على قناة “الجزيرة”، تم عرضها في 1 ديسمبر 2022، حول وفاة الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقله في جنين في مايو (Screenshot/ YouTube: Used in accordance with Clause 27a of the Copyright Law)

وفي الشهر الماضي، قال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إنه بدأ تحقيقا في مقتل أبو عاقلة. وقالت إسرائيل إنها لن تتعاون مع التحقيق.

وأصر وزير الدفاع بيني غانتس على أن التأكيد الذي أصدرته السلطة الفلسطينية سابقًا بأن إسرائيل استهدفت أبو عاقله عمداً هو “كذبة فاضحة”. كما قال غانتس الشهر الماضي إن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي غير ضروري. وانتقد رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد قرار الولايات المتحدة بالتحقيق في الحادث، وتعهد بعدم السماح “باستجواب (جنود الجيش الإسرائيلي) من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي أو أي هيئة أجنبية أو دولة أجنبية، مهما كانت ودية”.

ويمثل القرار بشأن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي تحولا في موقف الولايات المتحدة، بعد أن أصرت إدارة بايدن لأشهر على أنها لن تفتح تحقيقها الخاص، معتمدة بدلا من ذلك على التحقيقات التي تجريها السلطات الإسرائيلية والفلسطينية. وقبلت الولايات المتحدة قبل ذلك الاستنتاج الإسرائيلي.

وتبحث سلسلة Fault Lines الوثائقية لقناة “الجزيرة” انخراط الولايات المتحدة في القضايا الناشئة حول العالم. ومن المرجح أن تؤدي الحلقة الأخيرة، المتعلقة بوفاة أبو عاقلة، إلى زيادة الضغط على إدارة بايدن لضمان متابعة تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وفي سبتمبر، نشرت جماعة فلسطينية لحقوق الإنسان وشركة أبحاث مقرها لندن تقريرا قالتا إنه يظهر أن أبو عاقلة قد استهدفت عمدا من قبل القوات الإسرائيلية.

وقال التقرير الذي أصدرته جماعة “الحق” إنها استخدمت لقطات غير مرئية من قبل و”تحليل مكاني وصوتي متقدم” لتحديد أن أبو عاقلة “استهدف عمدا” من قبل القوات الإسرائيلية.

لقطة شاشة تظهر منظرًا للموقع الذي قُتلت فيه مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقله خلال معركة بالأسلحة النارية بين القوات الإسرائيلية ومسلحين فلسطينيين في جنين في شهر مايو، في مقطع فيديو نشرته منظمتي “الحق” Forensic Architecture في 20 سبتمبر 2022 (Screenshot/YouTube: Used in accordance with Clause 27a of the Copyright Law)

وفي وقت سابق من سبتمبر، عند نشر التحقيق الأخير في الموضوع، قال مسؤول في الجيش الإسرائيلي للصحفيين إنه تم التعرف على جندي كان قد أطلق “على الأرجح” النار على الصحفية بالخطأ.

ساهم توبياس سيغال وإيمانويل فابيان في إعداد هذا التقرير