د. عبدالمجيد الجلاَّل
كتبتُ قبل نحو العامين تغريدة ، في ذروة الخلاف السعودي الإيراني ، وتداعياته السلبية على أمن واستقرار المنطقة … كتبتُ عن أهمية إعادة النظر في الفكر السياسي الدائر في المنطقة ، وضرورة بناء علاقات بين دولها ، تقوم أساساً على الاحترام المتبادل ، وبناء جسور من الثقة ، بينها ، والبعد كل البعد عن الضغوط الخارجية ، خاصة الأمريكية ، التي لا تستهدف ، سوى خدمة مصالحها ، واستمرار هيمنتها على أوضاع المنطقة !
كتبتُ حينها ” إذا صلحت النوايا ، وغابت الذهنيات المريضة ، والخلافات المُصطنعة ، والكيد السياسي ، وحلَّ محلها ، العمل العربي المُشترك… فإنَّ مخاطبة إيران سيكون من موقع قوي ومتماسك ، للتوصل معها إلى تفاهماتٍ حول كل القضايا العالقة ، بعيداً عن التأثيرات الأمريكية ” .
واليوم يتحقق ذلك ، بفعل تغير المزاج السياسي الذي يحكم المنطقة ، في محاولةٍ للخروج ، من حالة انسداد الأفق ، الجارية ، بفعل التأجيج الأمريكي غير المُبرر ، لتصعيد الخلافات بين دول المنطقة ، خاصة بين المملكة العربية السعودية ، والجمهورية الإسلامية الإيرانية !
حين أدركت السعودية وإيران ، أنَّ التفاهم بينهما ، بعيداً عن الضغوط الأمريكية ، ستكون نتائجه مُثمرة ، على صعيد إعادة بناء الثقة بين الدولتين ، وبناء علاقات ثنائية ، تستند ، إلى مبادئ حسن الجوار ، وتعزيز العلاقات الثنائية ، أقدمتا على تنفيذ هذه الخطوة الإيجابية !
ومن المتوقع ، أن يؤدي التفاهم السعودي الإيراني ، على تحسين وتعزيز العلاقات الثنائية ، إلى تفاهم آخر ، بشأن مُعالجة القضايا الإقليمية العالقة ، بين الدولتين، وفي مقدمتها قضايا اليمن وسورية ، بما قد ينزع فتيل أزماتٍ مُزمنة ، ويؤسس لمرحلةٍ من الأمن والاستقرار ، لمنطقةٍ عانت كثيراً ، من الأزمات والفتن ، والحروب والصراعات !
خلاصة القول : آن الأوان لدول المنطقة ، أن تتفاهم ، حول كل القضايا الإقليمية، مدار الخلاف والشقاق ، بينها ، وأن يُشكّل التفاهم السعودي الإيراني ، أساساً ، لبلورة تفاهمات مُشتركة ، حول كل القضايا الإقليمية الخلافية ، بعيداً عن المواقف والتأثيرات الأمريكية ، التي ظلت تمارس سياسة فرق تسد ، لخدمة مصالحها ، في تأجيج الصراعات ، وإثارة الفتن ، بين دول المنطقة !
