اخر الاخبار

استبعاد روسيا من المشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن ! –


استبعاد روسيا من المشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن !

د. عبدالمجيد الجلاَّل

في منتصف الشهر الثاني الميلادي ، ينعقد سنوياً ، مؤتمر ميونيخ للأمن في مدينة ميونيخ عاصمة بافاريا ، في جنوب ألمانيا ، وذلك منذ عام 1963 ، أي أنَّه مستمر في الانعقاد منذ نحو ستين عاماً .
ويهتم المؤتمر ، أساساً ، بملفات وقضايا أمنية دولية ، بما تحمله من تهديدات ومخاطر ، تؤرق النظام الدولي الراهن ، من الإرهاب ، إلى الأمن السيبراني ، إلى التغير المناخي ، وبحضور ممثلي نحو 96 دولة مختلفة.
ويسعى المؤتمر ، عبر منصته ، ومن خلال مُستديرة التفاهم والحوار ، إلى معالجـة هذه الملفات الأمنية ، أو على الأقل الحد من مخاطرها ، ووقف تداعياتها .
وفي هذا العام ، ينعقد مؤتمر ميونخ للأمن ، وسط أزمة عالمية في الطاقة، والغذاء ، فيما تقترب الحرب الروسية الأوكرانية من إكمال عامها الأول ، وفي الوقت نفسه ، تستعر الحرب الباردة بين معسكري الشرق والغرب ، خاصة بين روسيا والصين من جهة ، وأمريكا وأوروبا والناتو من جهة أخرى .
وكان يُفترض أن تُطرح أزمة أوكرانيا ، على منصة المؤتمر ، كأحد أبرز القضايا الأمنية ، التي تهدد أمن واستقرار العالم ، لكن ذلك لم يتحقق البتة ، إذ جرى استبعاد روسيا من حضور المؤتمر ، فلم توجه إليها دعوة رسمية بشأنه ، بحجة عدم إعطاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحكومته ، أية فرصة ، لبث دعاياتهم داخل أروقة المؤتمر .
وهذا الأمر ، بالتأكيد ، تسييس للمؤتمر ، وخطأٌ غير مقبول على الإطلاق، إذ روسيا تُعد دولة مؤثرة عالمياً ، وطرف رئيس ، في حربٍ شرسة مع أوكرانيا المدعومة من الغرب كله ، وإذا كانت جلسات المؤتمر ، قد تبحث في إمكانية إنهاء حرب أوكرانيا ، فالحضور الروسي ، ضروري ، وأمرٌ لا غنى عنه لبحث ملف تسوية الأزمة .
ومن ثمَّ فإنَّ استبعادها ، قد يجعل الرأي العام ، يميل إلى وجهة النظر الروسية ، بأنَّ هدف الغرب تحجيم وهزيمة روسيا ، خاصة مع توجه الغرب القوي ، نحو الاستمرار في فرض حزم عقوبات واسعة على روسيا ، وهذا الأمر قد يُعطي بوتين مزيداً من الشرعية ليصّعد حربه ضد أوكرانيا ، ولتبرير العملية العسكرية الروسية الخاصة.
خلاصة القول استبعاد روسيا من حضور منصة ميونخ للأمن ، لا يساعد على تسوية أزمة أوكرانيا ، ويحوَّل المؤتمر إلى مجرد منصة وجهة نظر منحازة وأحادية الجانب ، كما أنَّ تواتر سلسلة العقوبات ضد روسيا ، واستمرار دعم أوكرانيا بالمال والسلاح ، قد يُفاقم من الأزمة ، وقد تشتعل معها ، حروب وأزمات جانبية ، بل ويخشى العالم من حرب عالمية مُحتملة.