فنون

«سره الباتع» و«الاختيار 3».. ثورة 30 يونيو بين الحافظ على الهوية والحماية من العنف


الشيماء أحمد فاروق


نشر في:
الجمعة 30 يونيو 2023 – 11:31 ص
| آخر تحديث:
الجمعة 30 يونيو 2023 – 11:31 ص

تحتفل مصر بالذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو التي وقعت عام 2013 ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين برئاسة الراحل محمد مرسي، وقد اهتمت الدراما المصرية بتقديم الثورة بصور مختلفة في مدة زمنية قصيرة.

ونركز في السطور التالية على عملين مهمين، وهما “سره الباتع” و”الاختيار 3″.

– الاختيار 3.. الاهتمام بالتوثيق

تدور أحداث الجزء الثالث من مسلسل الاختيار حول المرحلة التي سبقت قيام ثورة 30 يونيو، وما شهدته مصر خلال السنوات التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، والأسباب التي أدت إلى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة، والأزمات التي تلت ذلك، مما تسبب في حالة غضب شعبي على الرئيس الأسبق محمد مرسي، والتي انتهت ببيان القوات المسلحة المصرية بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي بعد أن أعلن تعطيل العمل بالدستور ومجموعة أخرى من الإجراءات.

ويقترب مسلسل الاختيار من الأسلوب الوثائقي في الدراما المقدمة به، حيث حرص على عرض أكبر قدر من المشاهد التسجيلية التي تعبر عن الأحداث الحقيقية، بل يمزج بين الشخصيات المجسدة في المسلسل وبين مثيلتها في الواقع، من خلال عرض ومصاحبة الصور والأصوات للشخصيات، ويتضح ذلك جلياً في الحلقة الأخيرة من العمل، على سبيل المثل مشهد الفنان صبري فواز -محمد مرسي- يجسد اللحظات التي سبقت آخر بيان تلاه قبل عزله من منصبه، يظهر الممثل جسداً فقط ولكن الأصوات التي تصاحب الصورة، كانت للدكتور محمد مرسي من خطابه الذي ألقاه بالفعل في 27 يونيو 2013، ممزوجاً بصوت الفنان خالد الصاوي الذي يلعب دور خيرت الشاطر.

ونفس الأمر يتكرر في خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث يظهر ياسر جلال في دور السيسي ويبدأ في قراءة البيان، وعندما عرض المسلسل لمشاهد ردود فعل الناس في الشارع، مزج بين الممثلين محمود البزاوي ونور محمود وغيرهم، وبين صور ومقاطع فيديو حقيقية تعبر عن ليلة 30 يونيو، مصاحبة لصوت الفريق السيسي الحقيقي.

ويهتم صناع المسلسل بشكل واضح بجانب التوثيق وعرض صور وتسجيلات أرشيفية، في الجزء الثالث تحديداً من مسلسل الاختيار، حيث يتضمن العمل كثير من التسريبات التي سجلت لجلسات ونقاشات متعلقة بجماعة الإخوان المسلمين وحلفائهم.

وضم المسلسل مجموعة كبيرة من المملثين، منهم عبدالعزيز مخيون، والذي قام بدور محمد بديع مرشد الإخوان، وبيومي فؤاد في دور سعد الكتاتني، وأحمد بدير في دور المشير طنطاوي، وجمال سليمان في دور اللواء عباس كامل، ومنى عبدالغني في دور انتصار السيسي، وهشام إسماعيل في دور محمد البلتاجي، ومفيد عاشور في دور الإمام الطيب شيخ الأزهر وغيرهم من الممثلين، والمسلسل تأليف هاني سرحان وإخراج بيتر ميمي.

وحاول العمل تقديم معالجة متوازنة ومتوازية للتغيرات التي تحدث داخل السلطة وفي الغرف السياسية المغلقة، والتطوارت على أرض الواقع بين المواطنين المدنيين، بالإضافة إلى الكشف عن تفاصيل العمليات الإرهابية التي استطاعت الجهات الأمنية احباطها، مما يشير إلى الكوارث الأمنية التي كادت أن تحيط بالدولة إذا استمر الإخوان في حكمهم، والانزلاق إلى المزيد من وقوع الضحايا والعنف في الشارع المصري.

– سره الباتع.. ثورة للحفاظ على الهوية

يقدم المخرج خالد يوسف في هذا المسلسل معالجة درامية للقصة القصيرة “سره الباتع” للكاتب يوسف إدريس، ولكن بصورة أكثر ارتباطاً بالأحداث الجارية حديثاً، من خلال الربط بين زمنين مختلفين، وهما تاريخ دخول الحملة الفرنسية إلى مصر وقصة حامد الفلاح الذي قاوم الاحتلال، وقصة حامد الشاب البسيط الذي تعلق بسيرة السلطان حامد صاحب المقامات المتعددة ويعيش في زمننا الحالي وتحديداً بداية من ثور يناير 2011 إلى ثورة يونيو 2013.

ويربط يوسف في معالجته الدرامية فكرة الحفاظ على الهوية كخط أساسي يحرك المصريين نحو المقاومة والثورة، ويركز تحديداً على ثورة 30 يونيو كحراك شعبي يشبهه بما فعله المصريون تجاه الحملة الفرنسية، ناقلاً على لسان شخصياته الكثير من المونولوجات -الحوار الفردي- والحوارات الثنائية، عن أهمية الهوية المصرية والحفاظ عليها ضد محاولات تغييرها، وهو ما يرى أنه تحقق في 30 يونيو من خلال رفض الشارع المصري لكل ما يحاول زرعه الإخوان المسلمين من أفكار وقيم وتسلط وديكتاتورية.

ويجسد التحول في شخصية حامد من شاب بسيط يعمل في صناعة الحُلي اليدوي غير مهتم بأحداث ثورة 25 يناير، إلى مناضل وثوري يشارك في حملة تمرد ويعتصم مع المتظاهرين في ميدان التحرير لإزالة حكم الإخوان، هذا التحول هو ما أراد صانع العمل التركيز عليه بشدة، لكي يشير إلى أن أي مواطن يمكن أن يتحول إلى مناضل عندما تتعرض الهوية إلى الاختراق.

واستخدم يوسف اللقطات الأرشيفية، ولكن في مساحات محدودة ضمن سياق الحلقات، وتحديداً تلك التي ترتبط بميدان التحرير والعنف المرتكب من جماعة الإخوان المسلمين في شوارع وأحياء أخرى، ولا يقارن ذلك بالمساحة الأرشيفية للمشاهد في مسلسل الاختيار 3، الذي يركز على التوثيق بدرجة أكبر.

ويركز العمل بشكل أساسي على عرض التحولات والأسباب والدوافع التي جعلت الشعب المصري يتحرك ضد حكم الجماعة، ويطالب بسقوطها رغم مرور عام واحد فقط على توليها السلطة بشكل فعلي، من خلال التعرض للمشكلات والأزمات وحوادث القتل والإرهاب التي وقعت في مصر وأدت إلى كثير من الضحايا، بالإضافة إلى التعرض لنماذج من المنتفعين والمتلونين على حساب الوطن لتحقيق مكاسب شخصية، مثل شخصية تاجر الآثار المتخفي في زي رجل أعمال ثم واعظ ديني.

وضم مسلسل سره الباتع عدد كبير من الممثلين، من بينهم حسين فهمي، وصلاح عبدالله، ومحمود قابيل، وريم مصطفى، وأحمد فهمي، وأحمد السعدني، ونجلاء بدر، وحنان مطاوع، وهالة صدقي، وأحمد عبدالعزيز، ومفيد عاشور، وعمرو عبدالجليل، وغيرهم.